قانون الإيجار القديم يشعل الجدل من جديد في مصر.. ما مصير عقود الـ59 سنة؟

أثارت موافقة مجلس النواب المصري على تعديلات قانون الإيجار القديم الجدل، وسط تساؤلات حائرة حول مصير العقود طويلة الأجل، وعلى رأسها عقود الـ59 سنة التي وُقّعت بعد عام 1996.
يأتي قانون الإيجار القديم في وقت تسعى فيه الحكومة المصرية لإصلاح التشوهات في الإيجارات القديمة، بعد توجيهات من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، بهدف تحقيق التوازن بين مصالح المالك والمستأجر، بعد سنوات من الجمود القانوني والتفاوت الهائل بين القيمة الإيجارية والسعر العادل.
وبينما تترقب الأوساط العقارية والمجتمعية تصديق الرئيس عبد الفتاح السيسي على القانون ليُصبح نافذًا، تبرز تساؤلات بشأن نطاق تطبيقه، وما إذا كانت هذه العقود بالتراضي تخضع للأحكام الجديدة، أم أنها تظل بعيدة عن التعديلات؟
ووسط هذه الحالة من الترقب، تؤكد جهات تشريعية أن العقود المحررة بعد صدور القانون المدني لسنة 1996، لا تندرج ضمن منظومة الامتداد القانوني الملغاة، ما يفتح الباب أمام قراءات جديدة للعلاقة بين المؤجر والمستأجر خلال السنوات المقبلة.
عقود الـ59 سنة
وفق الصيغة النهائية لمشروع قانون الإيجار القديم، فإن العقود المحررة لمدة 59 سنة بعد تاريخ العمل بالقانون المدني رقم 4 لسنة 1996 لا تخضع لأي من أحكام القانون الجديد.
وتُصنّف هذه العقود ضمن الاتفاقات الرضائية التي ينظمها القانون المدني، استنادًا إلى قاعدة "العقد شريعة المتعاقدين"، ما يعني أنها تنتهي بانقضاء مدتها دون تجديد تلقائي أو امتداد قانوني.
وبالتالي، فإن أي تعديل تشريعي صدر حديثًا لا يُطبق بأثر رجعي على تلك العقود، كما أن أحكام المحكمة الدستورية العليا أكدت سابقًا أن العلاقة التعاقدية الممتدة لا يمكن أن تُفرض في مثل هذه الحالات وفق الدكتور أحمد البحيري، المحامي والخبير القانوني في توضيح لـ"العين الإخبارية".
أكد البحيري أن قانون الإيجار القديم يتعلق فقط بالوحدات السكنية وغير السكنية التي تعود لأشخاص طبيعيين، وتقع ضمن نطاق القوانين الاستثنائية للإيجار الصادرة قبل القانون المدني رقم 4 لسنة 1996.
وأضاف البحيري، أن منظومة الإيجار في مصر تنقسم إلى فئتين رئيسيتين: الأولى تشمل عقود الإيجار القديمة الخاضعة لقوانين استثنائية مثل القانون رقم 136 لسنة 1981، أما الفئة الثانية فتضم العقود المدنية التي يُنظمها القانون المدني، والتي تُبرم باتفاق مباشر بين المالك والمستأجر.
وأكد أن عقود الإيجار الممتدة لمدة 59 عامًا، والموقعة بعد سريان القانون المدني لسنة 1996، لا تُدرج ضمن أحكام قوانين الإيجار القديم، ولا يشملها مشروع القانون الجديد، كما لا تخضع للحكم الصادر مؤخرًا عن المحكمة الدستورية العليا بشأن إبطال تثبيت القيمة الإيجارية.
وشدد البحيري على أن هذه العقود تُعد من العقود المدنية الخالصة، وتنتهي تلقائيًا بانقضاء المدة المحددة في نص العقد، مؤكدًا أن طول مدة التعاقد، حتى وإن بلغت 59 عامًا، لا يغيّر من طبيعة العقد ولا يمنحه أي من خصائص الإيجار القديم.
التدرج في رفع القيمة الإيجارية
التعديلات في قانون الإيجار القديم التي أقرها البرلمان تضمنت آلية تدريجية لتحريك الإيجارات القديمة، بحيث يبدأ الحد الأدنى بقيمة 250 جنيهًا شهريًا، تُسدد بشكل مؤقت حتى انتهاء لجان الحصر والتقييم من تحديد القيم السوقية العادلة لكل منطقة، خلال مدة لا تتجاوز 90 يومًا.
ويُراعي القانون الجديد تصنيف المناطق السكنية إلى "مميزة – متوسطة – اقتصادية"، بحيث ترتفع إيجارات المناطق المميزة إلى 20 ضعف القيمة الحالية بحد أدنى 1000 جنيه، وترتفع الإيجارات في المناطق المتوسطة إلى 10 أضعاف بحد أدنى 400 جنيه، بينما تصل الزيادة في المناطق الاقتصادية إلى 10 أضعاف أيضًا بحد أدنى 250 جنيها.
مهلة انتقالية وتنظيم الإخلاء
حدد القانون فترة انتقالية لتحرير العلاقة الإيجارية، مدتها 7 سنوات للوحدات السكنية، و5 سنوات للوحدات غير السكنية، تبدأ من تاريخ التصديق على القانون. وبعد انتهاء هذه المهلة، يصبح من حق المالك استعادة الوحدة، وفق ضوابط واضحة.
كما منح المشرّع الحق في الإخلاء قبل انتهاء المهلة في حالتين فقط:
- ترك الوحدة مغلقة لأكثر من عام دون سبب مشروع.
- امتلاك المستأجر أو من يمتد له العقد وحدة سكنية بديلة صالحة للسكن.
في هذه الحالات، يجوز للمالك التقدّم إلى قاضي الأمور الوقتية لاستصدار أمر بالإخلاء دون الحاجة لإجراءات قضائية طويلة.
وحدات بديلة وخطة حكومية للانتقال
ونصت المادة الثامنة من القانون على توفير وحدات بديلة للمستأجرين الذين سيخضعون للإخلاء، سواء بنظام الإيجار أو التمليك، على أن تكون الأولوية للمستأجر الأصلي وأسرته، وبما يراعي الكثافة السكانية والموقع الجغرافي للوحدة السابقة.
عدالة تدريجية
وفقًا للبيانات الحكومية فإن الهدف من هذه التعديلات معالجة تشوهات تاريخية في سوق الإيجارات، وتحقيق عدالة متوازنة بين الطرفين.
كما أن التدرج في تطبيق الزيادات، وربطها بتقييم ميداني لكل منطقة، يعكس حرص الدولة على تفادي الصدمات المفاجئة أو حالات الطرد القسري، مع توفير بدائل سكنية عادلة تضمن الاستقرار المجتمعي.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMTQzIA== جزيرة ام اند امز