قانون الإيجار القديم في مصر.. مخاوف من تهديد استقرار ملايين الأسر

شهدت لجنة الإسكان بمجلس النواب المصري، اليوم الثلاثاء، حالة من التوتر والنقاش الحاد خلال جلسة مناقشة مشروع قانون الإيجار القديم
جاء ذلك بعد تصريحات أثارها الدكتور السيد عيد نايل، العميد الأسبق لكلية الحقوق بجامعة عين شمس، بشأن أحقية المشرّع في إنهاء العلاقة التعاقدية بين المالك والمستأجر.
الجدل يبدأ من "الأجرة التافهة"
في مداخلته، قال الدكتور نايل إن حكم المحكمة الدستورية العليا الأخير، المتعلق بتحريك القيمة الإيجارية، لا يمنع البرلمان من صياغة قانون متكامل ينظم العلاقة بين المالك والمستأجر.
وأكد أن "الأجرة التافهة تبطل عقد الإيجار"، مشيرًا إلى أن استمرار الوضع الحالي يضر بمصالح الملاك الذين يتقاضون مبالغ زهيدة لا تتناسب مع قيمة العقار أو مستوى الخدمة السكنية المقدمة.
اعتراضات برلمانية
تصريحات نايل قوبلت باعتراض من النائب أحمد الشرقاوي، الذي اعتبرها "رأيًا شخصيًا لا يستند إلى أسس قانونية واضحة"، مضيفًا أن ما طرحه لا يعكس الجوهر القانوني لحكم المحكمة الدستورية الصادر في 2024.
وشهدت القاعة مشادة كلامية دفعت هيئة مكتب اللجنة للمطالبة بإعطاء الضيف حقه في شرح وجهة نظره، مؤكدين على ضرورة احترام الحوار المؤسسي.
جلسات حوار مجتمعي
من جانبه، تدخل النائب أحمد السجيني، رئيس لجنة الإدارة المحلية، لاحتواء الجدل، موضحًا أن الجلسة تأتي ضمن سلسلة من جلسات الحوار المجتمعي لمناقشة قانون الإيجارات القديمة، وقال إن البرلمان يستمع لوجهات نظر متخصصة وأخرى تمثل المواطنين، مشددًا على أهمية استيعاب جميع الآراء.
ردًا على المداخلات، أبدى الدكتور نايل استغرابه من طريقة استقبال رأيه، وقال:"يبدو أنني لم أفهم المهمة التي حضرت من أجلها. نحن نتحدث عن ملف شائك يمس شريحة كبيرة من المجتمع وله أبعاد اقتصادية واجتماعية وقانونية".
وطالب بوضع زيادات تدريجية للأجرة، مشيرًا إلى أن القانون يجب أن ينظم العلاقة بين الأفراد وفقًا للدستور، دون تغول أي سلطة على أخرى، مع ضمان العدل والمساواة في توزيع الحقوق والواجبات.
- الاحتياطي الأجنبي لمصر يواصل الارتفاع إلى 48.14 مليار دولار
- الرسوم الجمركية تعرقل «زحف الكريسماس» الصيني إلى متاجر أمريكا
ماذا تقول المحكمة الدستورية؟
تعود جذور هذا الجدل إلى حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر في نوفمبر/تشرين الثاني 2024، والذي قضى بعدم دستورية تثبيت القيمة الإيجارية للوحدات السكنية المرخصة، مما أعاد فتح ملف الإيجار القديم أمام البرلمان، وألزم المشرّع بضرورة التدخل لتنظيم العلاقة بشكل يتماشى مع الواقع، وبحسب الحكم، يبدأ سريان الأثر القانوني للحكم مع انتهاء دور الانعقاد التشريعي الحالي، ما يعني ضرورة إقرار تعديلات قانونية عاجلة قبل الموعد المحدد.
في سياق متصل، كانت الحكومة قد تقدمت بمشروع قانون جديد يتضمن:
- زيادة القيمة الإيجارية إلى 20 ضعفًا من القيمة الأصلية.
- حد أدنى للإيجار 500 جنيه بالقرى، و1000 جنيه بالمدن.
- زيادة سنوية بنسبة 15%.
- إنهاء العلاقة الإيجارية بعد 5 سنوات.
لكن هذه المقترحات أثارت رفضًا من عدد من النواب، منهم النائب مصطفى بكري، الذي وصف المشروع بأنه "يعالج الأزمة من منظور واحد ويهدد استقرار ملايين الأسر"، مطالبًا بإعادة صياغة متوازنة تراعي الأبعاد الاجتماعية.
وأعرب مصطفى عبد الرحمن، رئيس رابطة ملاك العقارات القديمة، عن خيبة أمله من مشروع القانون، معتبرًا أنه "غير عادل" ويجب تعديله ليشمل: فترة انتقالية لا تتجاوز 3 سنوات، وتحديد إيجارات أعلى في المناطق الشعبية والمتوسطة والراقية إلى جانب إنهاء العلاقة الإيجارية فور انتهاء الفترة الانتقالية.
في المقابل، شددت الحكومة على أن القانون "جاء تنفيذًا لحكم المحكمة الدستورية"، وأنه لن يتم إخلاء أي وحدة سكنية إلا بعد توفير بديل مناسب.
أكد وزير الإسكان شريف الشربيني خلال الجلسات أن الدولة ستبدأ فور إقرار القانون في تلقي الطلبات من الحالات المتضررة، وتحليلها وفقًا لمعايير اجتماعية عادلة، ثم وضع برنامج زمني لتوفير الوحدات البديلة.
وأوضح أن الإخلاء لن يتم إلا بعد توفير وحدة سكنية بديلة تحفظ كرامة المواطن، مشيرًا إلى أن التعديلات تراعي البعد الاجتماعي وتوازن بين حقوق الملاك والمستأجرين.
aXA6IDMuMTMzLjE0OS4yNDQg
جزيرة ام اند امز