النظام السياسي في قطر عليه أن يواجه الكثير من العقبات التي سوف تتوالى تدريجياً وخاصة مع تزايد الضغط الدولي على إيران.
العلاقة بين الدوحة وطهران لا تبدو حقيقتها اقتصادية من خلال التشارك في حقل (غاز الشمال) بمساحة 9700 كيلو متر مربع منها فقط 3700 كيلومتر مربع توجد في المياه الإقليمية الإيرانية في حقل يسمى بارس الجنوبية، ومع أن هذا الحقل يشكل تهديداً إيرانياً خطيراً على قطر إلا أن الدوحة فتحت مساراً ساهم في تحولها من شريك اقتصادي إلى شريك في أزمات المنطقة التي تديرها إيران، وخاصة بعد إعلان المقاطعة الذي اتخذته الدول الأربع في الخامس من يونيو من العام 2017م.
إيران لم ولن تعتبر الدوحة عنصراً فاعلاً لكي تشاركها سياسياً، ولكنها تنظر إليها من خلال كونها جزءاً من المنطقة الخليجية التي تستميت إيران لتنفيذ مشروعاتها السياسية التخريبية من خلالها، وكذلك مواجهة أمريكا التي تتميز بتحالفاتها الاستراتيجية مع دول الخليج .
طهران سوف لن تمنح النظام القطري الفرصة للتفكير ولو لوقت بسيط أن يحاول حل الأزمة مع جيرانه الخليجيين، لأن ذلك سوف يفقدها ذات الفرصة من أجل إيذاء دول الخليج من خلال دولة خليجية.
قطر التي تقبل كونها عقبة استراتيجية للحلول في المنطقة حاولت بكل قواها أن تتجاوز محنتها الخليجية ليس عبر إعادة الاندماج مع دول الخليج، بل عبر محاولات مستميتة للمساهمة في خلق أزمات كبرى جديدة في المنطقة عبر فتح المجال لطهران لترسيخ تواجدها في الدوحة، المجتمع القطري بطبيعته لا يمثل مدخلاً سهلاً لطهران التي تحبذ اللعب على البعد الطائفي، حيث لا تتوفر بين عناصر الشعب القطري مساحات يمكن من خلالها تأجيج الطائفية.
السؤال المهم هنا حول الأهداف الحقيقية التي تمارسها طهران من خلال الدوحة، لقد أصبح من الواضح أن طهران تتسلم قطر من خلال نظامها السياسي على طبق من ذهب، ولن تتأخر طهران عن إجبار الدوحة على تمويل إيران وعملياتها في المنطقة، وجود إيران في الخليج وعبر الدوحة لن يحل الأزمة الخليجية ولن يغير شيئاً من الشروط المطلوب تنفيذها؛ ولكن هذا التواجد له من الآثار الكبرى على قطر نفسها التي ليس أمامها خيارات كبرى سوى الاستماع إلى طهران بإنصات.
النظام السياسي في قطر عليه أن يواجه الكثير من العقبات التي سوف تتوالى تدريجياً وخاصة مع تزايد الضغط الدولي على إيران، فمن الواضح أن الاتجاه الشعبي الإيراني الذي يجد دعماً دولياً يسير باتجاه تغيير الوضع السياسي في طهران التي تسابق الزمن وخاصة في علاقتها مع الدوحة كونها سوف تستثمر هذه العلاقة من أجل تنفيذ مشروعاتها عبر المال والنظام القطري.
طهران سوف لن تمنح النظام القطري الفرصة للتفكير ولو لوقت بسيط أن يحاول حل الأزمة مع جيرانه الخليجيين، لأن ذلك سوف يفقدها ذات الفرصة من أجل إيذاء دول الخليج من خلال دولة خليجية، فالوضع السياسي القطري وضع مرتبك ومشتت ويحاول استجلاب كل العروض الممكنة من أجل إثبات أنه على حق ولكن الأمور لا تحدث بهذا الأسلوب، فالقضية القطرية أصبحت أكثر تعقيداً من قبل مع وصول طهران وغيرها من العواصم إلى الدوحة.
خلال الفترة المقبلة سوف يشهد إعلام الجزيرة تحديداً مزيداً من الاستجابة للضغوط الإيرانية على الدوحة، وخاصة في قضايا المنطقة، والجميع شاهد التصريحات التي صدرت من الدوحة وإعلامها حول تدخلها المباشر وغير المباشر بقضايا استراتيجية في المنطقة ليس لقطر فيها سوى أنها موجهة من قبل طهران كي تبقى عقبة كبرى في وجه كل احتمالات انفراج الأزمات خليجياً وعربياً.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة