الدولار أم الذهب.. من يفوز بالنصيب الأكبر من استثمارات العالم؟
سجل الذهب منذ نحو 10 أيام أعلى مستوى له منذ 7 سنوات، ولكن خسر ثقة المستثمرين مؤخرا لصالح الدولار الأمريكي
وسط تكبد البورصات العالمية خسائر فادحة، نتيجة اضطرابات متتالية ونزاعات تجارية، وصولا إلى فيروس كورونا المستجد، اندلعت منافسة شرسة بين الذهب والدولار الأمريكي على الفوز بالاستثمارات الخاصة والحكومية في أسواق المال.
فقد استهلت أسعار الذهب قرابة أول 70 يوم من العام بارتفاع قوي كونه ملاذا آمنا للاستثمارات وسط الاضطرابات السياسية والاقتصادية، حيث انطلق سعر الأوقية من 1519.5 دولار أمريكي وصولاً إلى 1700 دولار للأوقية في 8 مارس/آذار الحالي، وهو أعلى مستوى للمعدن الأصفر من 7 سنوات.
ولكن بعد ذلك بدأ سعر المعدن النفيس في التراجع التدريجي نتيجة تحرك حكومات العالم لإقرار حزم تحفيز نقدية لمساندة أسواق المال والاقتصاد، ما انعكس على تراجع سعر الذهب حتى تعاملات اليوم إلى مستوى 1477.66 دولار أمريكي للأوقية، وفي المقابل ارتفعت العملة الأمريكية حتى أمس الأربعاء، إلى أعلى مستوى لها على الإطلاق في 3 سنوات.
وكان آخر حزم التحفيز التي أقرها مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي الإثنين الماضي، بقيمة 700 مليار دولار عبر برنامج تيسير كمي يستهدف دعم أسواق المال.
كما أفادت وكالة رويترز، أمس الأربعاء، بأنه بحسب وثيقة اطلعت عليها، فقد طلبت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب طلبت من الكونغرس الموافقة على مدفوعات نقدية بقيمة 500 مليار دولار لدافعي الضرائب وقروض بقيمة 50 مليار دولار لشركات الطيران الأمريكية و150 مليار دولار لقطاعات أخرى، ضمن حزمة تحفيز بقيمة تريليون دولار للتعامل مع التأثير المالي الناجم عن فيروس كورونا.
فيما أفصح البنك المركزي الأوروبي أمس، عن برنامج شراء طارئ جديد سينشر 750 مليار يورو، أي ما يعادل 819 مليار دولار لشراء الأوراق المالية للمساعدة في دعم الاقتصاد الأوروبي.
ومن جانبه، قال وصفي أمين، رئيس شعبة الذهب باتحاد الغرف التجارية المصرية، لـ"العين الإخبارية"، إن المعدن الأصفر شكل القبلة الرئيسية للمستثمرين من المؤسسات الخاصة والحكومات منذ بداية العام حتى نهاية الأسبوع الأول من مارس/آذار الحالي.
وأوضح أن المستثمرين رأوا في الذهب ملاذا آمنا لمدخراتهم ضد الانهيار الذي تشهده الأصول عالية المخاطرة من الأسهم والسندات بسبب الاضطرابات السياسية في البداية، ثم تفشي فيروس كورونا بعد ذلك.
ولكن أمين استدرك: "حدث بعد ذلك تحول خلال آخر 10 أيام نحو تسييل المحافظ الاستثمارية بما فيها الذهب، في ظل مساعي الحكومات لتوفير سيولة كافية لتمويل برامج التحفيز النقدية، ما شكل ضغوطا بيعية على المعدن الأصفر، وبدوره بدأ سعره في التراجع".
فيما أشارت شبكة "بلومبرج" الإخبارية إلى أن أسعار الذهب تظهر الآن بعد الاستقرار، ولكنها ما زالت تحت الضغط، في ظل تحول المستثمرين إلى ملاذ آخر يتمثل في الدولار الأمريكي.
وأوضحت أنه حتى الآن لا يزال المستثمرون عالقين بين الحاجة إلى توفير سيولة لتغطية الخسائر التي مُنيت بها الأصول الأخرى من جانب، والبحث عن ملاذات للمدخرات مع تزايد المخاوف من حدوث ركود اقتصادي من جانب آخر.
ومن جانبه، قال فيفيك دار، المحلل في "كومنولث بنك أوف أستراليا"، إنه على الرغم من أن حزم التحفيز الأمريكية والأوروبية من المفترض عادةً أن تدعم أسعار الذهب، فمن الواضح أن هناك تفضيلا من جانب المستثمرين للدولار الأمريكي، كلما اشتدت المخاطر الاقتصادية عالميا.
وأَضاف أن هذه الأوضاع من شأنها الضغط على أسعار المعدن النفيس على المدى القريب.
ولكن على الجانب الآخر، لفتت جورجيت بويل، المحللة الاستراتيجية للمعادن النفيسة في ABN Amro Bank NV، إلى أنه ما زال هناك عمليات شرائية للذهب مدعومة بالخوف من التقلبات الاقتصادية، وهذا بدوره يمكن أن يخفف من الضغوط على أسعار المعدن الأصفر في الوقت الراهن.