نساء في العراء.. كورونا يدمّر حياة العاملات المنزليات
القيود الصحية الجديدة بينها خصوصا تدابير الحجر المنزلي أدت إلى فقدان 70% من العاملين المنزليين عملهم كليا أو جزئيا
وجد الكثير من العاملات المنزليات في أمريكا اللاتينية أنفسهن من دون عمل وفي وضع صعب للغاية بعد تخلي أصحاب العمل عنهن.
وتقول كارمن هرنانديس (59 عاماً): "اعتذر مني مستخدميّ واستغنوا عن خدماتي، لكني آمل في أن أعود قريباً للعمل لديهم".
وتمارس كارمن هذه المهنة منذ أكثر من عقدين وهي ليست الحالة الوحيدة في منطقة يعاني سكانها فوارق اجتماعية صارخة ويوفر فيها 18 مليون شخص بينهم 93% من النساء، قوتهم اليومي من الأعمال المنزلية، بحسب مفوضية الأمم المتحدة الاقتصادية لأمريكا اللاتينية وجزر الكاريبي.
وفاقم وباء كورونا المستجد (كوفيد- 19) أزمة هؤلاء العاملين الذين يعمل أكثريتهم بموجب عقود شفهية فقط.
وأدت القيود الصحية الجديدة بينها خصوصاً تدابير الحجر المنزلي إلى فقدان 70% من العاملين المنزليين عملهم كلياً أو جزئياً، وفق المفوضية الأممية.
في البرازيل على سبيل المثال، ومن أصل 4.9 مليون وظيفة أدى الوباء إلى فقدانها بين فبراير/شباط وأبريل/نيسان، تعود 727 ألفاً منها إلى عمال منزليين، ما يزيد تهميش هذه الفئة التي يتقاضى أفرادها أصلاً رواتب متدنية.
ويتقاضى العمال المنزليون في أمريكا اللاتينية رواتب تقترب من نصف معدل دخل العاملين في قطاعات مهنية أخرى، رغم الجهود المبذولة في بعض البلدان لتنظيم هذا النشاط، وفق مفوضية الأمم المتحدة الاقتصادية لأمريكا اللاتينية وجزر الكاريبي.
وقبل الأزمة، كانت كارمن المكسيكية تنظف 5 منازل أسبوعياً في المعدل، وهي تأمل حالياً في استئناف عملها بدوام كامل يوماً ما بعدما أرغمت على التوقف عن العمل منذ مايو/أيار.
لكن وضع ضوابط تعيد الحالة إلى طبيعتها لا يزال بعيداً في ظل استمرار تفشي فيروس كورونا الذي أصاب أكثر من 2.2 مليون شخص في المنطقة وأودى بحياة حوالي 105 آلاف.
وأضاء الوباء أيضاً على التمييز الذي تتعرض له العاملات المنزليات في أمريكا اللاتينية اللواتي يمثلن 14.3% من إجمالي النساء الناشطات في سوق العمل في المنطقة.
وفي البرازيل التي تضم 6 ملايين عامل منزلي بغالبيتهم من النساء ذوي البشرة السمراء المنحدرات من الأحياء الفقيرة، اضطرت كثيرات على الاستمرار في العمل مع تكبد مخاطر الإصابة بالفيروس خلال استخدام وسائل النقل المشترك.
وإحدى أولى الضحايا من بين 55 ألف وفاة في البرازيل كانت امرأة في سن 63 عاماً تعمل في حي راق في ريو دي جانيرو، وقد انتقلت إليها العدوى من مشغّلها بعد عودته من إجازة في إيطاليا.
وأثارت حالة أخرى صدمة لدى البرازيليين تمثلت بوفاة طفل في الخامسة من العمر هو ابن عاملة منزلية في مبنى راق في ريسيفي (شمال شرق) إثر سقوطه من شقة في الطبقة التاسعة كانت والدته تنظفها.
وهو رافقها إلى العمل لأنها لم تجد من يعتني به في غيابها وليساعدها في التنزه مع كلب مشغلها.
وفي الأرجنتين، تناقلت وسائل الإعلام على نطاق واسع خبراً عن رجل أعمال في مدينة تانديل أخفى موظفاً لديه في صندوق السيارة للدخول إلى حي خاص في انتهاك لتدابير الحجر.
وفي هذا البلد، يفتقر نصف العاملات المنزليات البالغ عددهن 1.4 مليون شخص لأي تغطية في أنظمة الضمان الاجتماعي.
وفي البيرو، أصاب الفيروس نحوى 60 عاملة في الأشهر الثلاثة الأولى من فترة الطوارئ الصحية.
ويوضح المدير الإقليمي لمنظمة العمل الدولية فينيسيوس بينييرو أن "الأزمة فاقمت مكامن الضعف وانعدام المساواة القائمة" لدى العاملين المنزليين.
ويثير هذا الوضع المأسوي للعاملات المنزليات رغم كل شيء مبادرات حماية لهؤلاء، ففي المكسيك التي تضم 2.3 مليون عاملة منزلية، يدعم المخرج ألفونسو كوارون الحائز جوائز أوسكار حملة لتشجيع المستخدمين على الاستمرار في دفع رواتب العاملات المنزليات بعد وضعهن أطفالهن.
ويظهر كوارون حساسية خاصة تجاه هؤلاء النسوة ما تجلى خصوصاً عبر فيلمه "روما" الذي حقق نجاحاً كبيراً وقد خصصه السينمائي إلى ليبوريا رودريجيس العاملة التي ربّته حين كان طفلاً.
كذلك أطلقت مجموعة أطفال برازيليين عريضة "من أجل حياة أمهاتنا" للمطالبة بدفع أموال للعاملات المنزليات خلال مرحلة الحجر.
وباتت حكومتا البرازيل والأرجنتين تدفعان مساعدات طارئة للعاملات، لكن في بعض البلدان، يعيق الطابع غير الرسمي للوظيفة من إيصال المساعدات لمستحقيها.
لا تتقاضى إلينا ميندوسا (75 عاماً) أي دخل خلال فترة الحجر ولا أي مساعدة حكومية بعدما كانت تعمل لدى زوجين أمريكيين في مكسيكو، حتى أنها لم تلق أي تقدير من مستخدميها السابقين.
وتقول: "لقد علمت من غاسلي سيارات أن مستخدميّ عادا إلى نيويورك، وهما لم يعلماني بذلك ربما بسبب العجلة".