ترامب.. "إنجازات" الولاية الأولى غير كافية للعبور للثانية
دونالد ترامب، الرجل الذي يعتبره البعض انعكاسا لمشاعر الغضب لدى الأمريكيين وانقساماتهم، فيما يعتقد البعض الآخر أن تلقائيته قد تتخطى أحيانا كل الخطوط الحمراء.
فصل استثنائي من التاريخ الأمريكي كتبه ترامب، جمع فيه محصلة مثيرة للجدل، وتصريحات غريبة أحيانا، فشلت في تجديد إقامته لولاية ثانية في البيت الأبيض.
وأعلنت وسائل الإعلام الأمريكية فوز المرشح الديمقراطي جو بايدن بالانتخابات الرئاسية التي تعد الأكثر إثارة في تاريخ الولايات المتحدة، حيث شهدت إثارة استمرت على مدار أكثر من أربعة أيام بعد عملية الاقتراع يوم الثلاثاء الماضي.
ومنذ لحظة إعلان فوز بايدن مساء اليوم السبت بالانتخابات وحتى موعد تنصيبه رئيسا للولايات المتحدة في 20 يناير المقبل، يتوقع مراقبون أن تكون هذه الفترة مشحونة بالتصريحات والاستفزازات من قبل ترامب، الذي رفض الاعتراف بالهزيمة واتهم المرشح الديمقراطي بسرقة الانتخابات وشكك في صحتها وأعلن توجهه للمعركة القضائية.
ترامب المختلف
يحب ترامب (74 عاما) الهامبرغر والدايت كوك، وعرفه الأمريكيون بشكل أساسي من خلال برنامج تلفزيون الواقع "ذي ابرينتس"، كما يعشق أيضا الاستفزاز ومخالفة القواعد، وهذا ما اعتبره محللون أحد أسباب عدم عودته إلى البيت الأبيض.
فترامب بدا مختلفا لقسم كبير من الأمريكيين شخصية تتحدث بطريقة لم يعهدوها، وبأسلوب مغاير، يتلاعب فيه بكلمات ومفردات لا تتجاوز الـ77 كلمة، على حد تعبير الكاتب فيليب روث.
طريقة مختلفة قلصت منسوب الهلع وهالة الجدية المفرطة حيال الكثير من الكوارث والأحداث، في مقدمتها انتشار فيروس كورونا، والإعصارات وغيرها من الأحداث.
أما سياسيا، فاعتمد قاعدة بسيطة جعلته نجم جميع الأحداث، وهي أن يشغل الساحة بأي شكل وبأي ثمن.. المهم أن يكون موجودا، وأن تتدفق تغريداته مسترسلة عبر حسابه، وأن يكتب الإعلام عنه، وأن تبقى عقارب الساعة مثبتة على تحركاته وتصريحاته.
يتهمه البعض بأنه تعمد اللعب على وتر الانقسامات في الولايات المتحدة، على الرغم من أن رجل الأعمال يؤكد أنه لم يفعل شيئا سوى أنه قبل بقواعد اللعبة السياسية، ودخل المعركة مرشحا للحزب الجمهوري، من أجل سحب البساط من تحت أقدام الديمقراطيين.
يعتبره النقاد ذكيا رغم مآخذهم عليه، لنجاحه في اقتناص ما يسميه الأمريكيون بـ"اللحظات المؤثرة"، وجرأته التي جعلته يتحدث بلا أقنعة، فهو يسمى الأشياء بأسمائها، ويمضي مباشرة إلى هدفه، في نهج مباشر شبيه بما يحدث في عالم المال والأعمال الذي ينحدر منه.
نجاحات الولاية الأولى والأخيرة
ويتفق مؤيدو ترامب كما معارضوه على أنه من الرؤساء الأمريكيين القلائل الذين أوفوا بجزء من وعودهم الانتخابية، وهذا يظل أمرا نادرا بالنسبة لأي رئيس في العالم.
فعلى صعيد الملف النووي الإيراني، نجح ترامب عبر الانسحاب من اتفاق تفاوض عليه سلفه باراك أوباما لفترة طويلة، في تسليط ضغوط إضافية على طهران، ما شكل رادعا يهدف إلى إثنائها عن مشروعها التخريبي حول العالم.
في عهد ترامب أيضا، نجحت واشنطن في تصفية الجنرال الإيراني النافذ قاسم سليماني، ما مثل منعرجا فعالا في استراتيجية مواجهة المشروع الإيراني في الشرق الأوسط.
ترامب وعد أيضا خلال حملته الانتخابية 2016 بالانسحاب من اتفاق باريس حول المناخ الذي وقعت عليه معظم دول العالم للحد من الاحترار المناخي، وهذا ما جسده بالفعل.
أيضا، استطاع ترامب عبر خطته الكبرى للسلام في الشرق الأوسط، تحريك الخطوط في المنطقة عبر رعايته معاهدة سلام تاريخية بين دولة الإمارات وإسرائيل، وإعلانا لتأييد السلام بين إسرائيل والبحرين، واتفاقا مماثلا مرتقبا مع السودان.
أما الإنجاز الأهم الذي حققته الإدارة الأمريكية في عهده، فيظل مقتل زعيم تنظيم داعش الإرهابي أبوبكر البغدادي قبل عام، خلال عملية أمريكية في سوريا.
ترامب حرك أيضا ملف السلاح النووي بشبه الجزيرة الكورية، وهذا كان أيضا ضمن برنامجه الانتخابي، في خطوة اعتبرت الأكثر جرأة.
وعقد الرئيس الأمريكي قمتين مع زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون، وأجرى زيارة تاريخية إلى المنطقة منزوعة السلاح بين الكوريتين، في لقاءين أثمرا رسائل سياسية إيجابية رغم غياب النتائج الملموسة.
رجل الأعمال الناجح
ولم تكن شخصيته الحالية سوى انعكاس لطفولته، فترامب المولود في ضاحية كوينز في نيويورك في 14 يونيو/حزيران 1946 كان يعاني من فرط في النشاط، فألحقه والداه بكلية عسكرية عند سن المراهقة ليتمكن من توجيه طاقاته بشكل أفضل.
ومنها التحق ترامب بمدرسة وارتون للمحاسبة في جامعة بنسلفانيا، التي انطلق منها في مسيرته الناجحة لإدارة الأعمال في شركة والده المتخصصة في العقارات.
بدأ ترامب بتشييد ناطحات السحاب، وسمى أولاها "برج ترامب" قبل أن يبدأ بتشييد أبراج أخرى ملأت كل أرجاء نيويورك وتحمل كلها اسمه، حتى أصبح رمزا للنجاح في الأعمال خلال الثمانينيات.
ولم تكن حياة ترامب بهذه السهولة بل واجه الكثير من الصعاب لكنه استطاع التغلب عليها جميعا، وكان أبرزها خلال أزمة العقارات في 1990، حينما كاد أن يشهر إفلاسه لارتفاع ديونه التي بلغت مليارات الدولارات، لكنه استطاع التغلب على هذه الكبوة.
وبعدها بـ15 عاما، وتحديدا في عام 2005 واجه ترامب أزمة جديدة كادت تعصف بإمبراطوريته في 2005 بعد أن سجلت كازينوهاته خسائر فادحة، قبل أن ينقذ مجددا مجموعته من الانهيار في اللحظة الأخيرة.
ترامب والنساء
وكما هو مثير للجدل بكثرة تصريحاته، فهو مثير للجدل بكثرة زيجاته، والتي بدأها في عام 1977 بعارضة الأزياء والرياضية التشيكية الأصل إيفانا زلينكوفا.
وأنجب منها ترامب ثلاثة أبناء، هم دونالد ترامب جونيور، وإيفانكا، وإيريك، قبل أن ينفصل عنها عام 1992.
وتزوج ترامب مجددا عام 1993 من الممثلة ومقدمة التلفزيون الأمريكية مارلا آن مابلس، وأنجب منها طفلة سماها تيفاني.
واستمر زواج ترامب من "آن مابلس" 6 سنوات قبل أن ينفصل عنها في 1999.
وفي 2005، تزوج ترامب من السلوفانية وعارضة الأزياء ميلانيا نافس، زوجته الحالية، والتي أنجب منها ولدا سماه بارون.