عمالقة التكنولوجيا يخسرون الرهان.. كلمات ود ومجاملات لم تغير ترامب

رغم ترحيبها بعودته للسلطة، الا أن شركات التكنولوجيا العملاقة في أمريكا لم تجن أي مكاسب تذكر في ظل إدارة الرئيس دونالد ترامب.
في الأسابيع التي تلت إعادة انتخاب دونالد ترامب، سارع كبار رؤساء شركات التكنولوجيا في أمريكا إلى كسب وده، من خلال تهنئته علنًا وحضور حفل تنصيبه. وأثنى مارك زوكربيرغ، الرئيس التنفيذي لشركة ميتا، على الإدارة الجديدة قائلاً إنه من الجيد أن تكون هناك إدارة "فخورة" بعمالقة التكنولوجيا الأمريكيين.
ووفقا لتقرير لمجلة الإيكونوميست جاءت هذه المجاملات رغم عداء ترامب السابق للقطاع، إذ وصف شركة ميتا خلال حملته بأنها "عدو الشعب"، واتهم كثير من أنصاره من حركة "ماجا" شركات التكنولوجيا بقمع الآراء اليمينية. حتى حلفاؤه من وادي السيليكون، مثل إيلون ماسك، ينتمون إلى تيار يشكك في نوايا الشركات الكبرى.
ولكن بعد مرور ثلاثة أشهر على تولي ترامب الحكم، لم تجنِ هذه الشركات أي مكاسب تُذكر. فالإدارة لم تتراجع عن قضايا مكافحة الاحتكار التي بدأتها إدارة جو بايدن، بل إن تعيينات ترامب بدت مصممة على مواصلة المسار نفسه. أندرو فيرغسون، رئيس لجنة التجارة الفيدرالية (FTC)، وجايل سلاتر، رئيسة قسم مكافحة الاحتكار في وزارة العدل، أظهرا موقفًا صارمًا تجاه عمالقة التكنولوجيا.
ملاحقة الاحتكار
وفي 21 أبريل/نيسان، وصفت سلاتر شركة غوغل بأنها تهديد لحرية التعبير والفكر والأسواق الرقمية الحرة. وتواجه شركة ألفابت، الشركة الأم لغوغل، قضيتين كبيرتين، وقد حكمت محكمة بأن لديها احتكارًا غير قانونيا في مجال الإعلانات الرقمية.
وستبدأ جلسات النظر في العقوبات المحتملة بعد غد الجمعة، حيث تسعى وزارة العدل لإجبار غوغل على بيع متصفح كروم وإجراء تغييرات أخرى.
وميتا ليست بعيدة عن مرمى النيران. فقد بدأت جلسات الاستماع في 14 أبريل/نيسان بشأن اتهامات لجنة التجارة الفيدرالية لها بالحفاظ على احتكار غير قانوني من خلال استحواذها على إنستغرام (2012) وواتساب (2014)، وهي تهم تنفيها الشركة.
وقد سعت ميتا للحصول على دعم من إدارة ترامب للتوصل إلى تسوية، لكنها لم تحقق نجاحًا يذكر. وتشمل قضايا الاحتكار أيضًا شركتي أمازون وأبل، في حين تخضع مايكروسوفت وإنفيديا لتحقيقات.
تحديات أبل
ويزيد من متاعب القطاع حرب ترامب التجارية. إذ أعلنت الإدارة في 2 أبريل/نيسان فرض "رسوم متبادلة" أثرت بشدة على شركات مثل أبل، التي تصنع معظم أجهزتها في الصين، مما تسبب في تراجع سهمها بنسبة 25%.
ورغم استثناء الهواتف وأجهزة الكمبيوتر، لا تزال هناك رسوم بنسبة 20% على واردات من الصين.
ويتوقع أن ترتفع أسعار أجهزة آيفون، مما سيؤثر سلبًا على المبيعات المتباطئة بالفعل. وتخطط أبل لنقل إنتاج الهواتف الموجهة للسوق الأمريكي من الصين إلى الهند بحلول نهاية 2026.
إنفيديا
أما شركة إنفيديا، فتواجه ضغوطًا بسبب ارتفاع تكاليف رقاقاتها المصنعة في الخارج.
والأسوأ أن الصين شكلت 13% من إيراداتها في 2024، لكن الإدارة الأمريكية حظرت بيع رقاقتها المتطورة H20 هناك دون ترخيص تصدير، ما دفع الشركة للإعلان عن شطب بقيمة 5.5 مليار دولار من مخزونها، في إشارة إلى أنها لا تتوقع الحصول على تراخيص كافية.
وتسعى لتصميم رقاقة جديدة أقل تطورًا، لكنها بذلك تتيح الفرصة أمام شركات صينية مثل هواوي لتعزيز موقعها.
أمازون
أما أمازون، فيُقدر أن خمس السلع التي تبيعها في السوق الأمريكية تأتي من الصين، ويخضع كثير منها الآن لرسوم تصل إلى 145%. واعتبارًا من الجمعة 2 مايو/أيار، سيتم إلغاء الإعفاء الجمركي المعروف بـ"de minimis" على الطرود القادمة من الصين بقيمة أقل من 800 دولار، مما يزيد من الضغط على الأسعار والمبيعات.
وقد يؤثر ذلك على إيرادات الإعلانات لدى شركات مثل ميتا، التي قالت إن شركات صينية مثل "شي إن" و"تيمو" ساهمت بنحو 10% من دخلها الإعلاني في عام 2023.
مخاوف من الانتقام
وتخشى شركات التكنولوجيا أن تتحول إلى هدف انتقامي في هذه الحرب التجارية. فالصين بدأت بالفعل التحقيق مع ألفابت وإنفيديا، وأقرت العام الماضي قواعد لإقصاء برامج مايكروسوفت من أجهزة الحكومة.
وهناك قلق من أن يتم حظر استخدام أجهزة آيفون في المؤسسات الحكومية. وفي أوروبا، لوحت أورسولا فون دير لاين، رئيسة المفوضية الأوروبية، بالرد على رسوم ترامب من خلال فرض ضرائب على شركات التكنولوجيا الأمريكية. وفي 23 أبريل/نيسان، فرض الاتحاد الأوروبي غرامات على آبل وميتا بقيمة 700 مليون يورو لانتهاكهما قانون الأسواق الرقمية، وهو رقم أقل بكثير من الحد الأقصى، في إشارة إلى رغبة بروكسل في تجنب تصعيد تجاري.
وتداعيات الحرب التجارية لا تتوقف عند الرسوم فقط، بل تمتد إلى تأثيرات غير مباشرة على الاقتصاد.
فشركات مثل JPMorgan تشير إلى أن الظروف الغامضة تدفع الشركات الناشئة والعملاء التجاريين إلى تأجيل الإنفاق على الحوسبة السحابية والذكاء الاصطناعي. وقد أعلنت شركة جونسون آند جونسون مؤخرًا تقليص تمويل مشاريع الذكاء الاصطناعي غير المثمرة.
ورغم تفاؤل بعض المطلعين بأن ترامب قد يدافع عن الشركات الأمريكية في الخارج، فإن أول 100 يوم من فترته الجديدة لا تبشر بالخير. وإذا استمر هذا النهج، فقد تكون السنوات الأربع المقبلة صعبة على عمالقة التكنولوجيا في أمريكا.