هناك عدة مختبرات في العالم تسابق الزمن من أجل التوصل إلى علاج ولقاح لفيروس كورونا الجديد
لم تقدم ألمانيا إلا تفسيرات خجولة للأسباب التي تجعل معدل الوفيات فيها، قياسا بعدد المصابين، هو الأقل على الإطلاق بين أكبر 10 دول في العالم يجتاحها فيروس كورونا.
وبينما تصدرت الإمارات دول العالم من حيث نسبة إجراء الفحوص المختبرية إلى عدد السكان، وهو أمر شديد الأهمية لتلقي العلاج المبكر، فقد تربعت ألمانيا على المرتبة الأفضل بين أكثر عشرة دول يتفشى فيها الفيروس من حيث نسبة الوفيات إلى عدد المصابين. فألمانيا هي خامس أكبر دولة في العالم، من حيث عدد المصابين. تعلوها، الولايات المتحدة، وإيطاليا وإسبانيا، والصين. ثم تأتي أدناها دول: إيران، وفرنسا، وبريطانيا، وسويسرا، وبلجيكا.
أرقام الإصابات تتغير من ساعة إلى أخرى، ولكن تدني نسبة الوفيات قياسا بعدد المصابين أمر لافت، وقد يوحي بأن ألمانيا يمكن أن تتقدم بخطوة قد تفتح في النهاية بابا للأمل بنهاية سريعة للوباء.
نسبة الوفيات في ألمانيا إلى عدد المصابين تبلغ أقل من 1%. بينما تتراوح النسبة بين 2% في الولايات المتحدة وسويسرا، و11% كما إيطاليا.
هناك أسباب جديرة بالاعتبار تجعل من ألمانيا أفضل من جميع دول الإصابات الكبرى في التعامل مع الأمراض. ولكن كل هذه الأسباب لا تكفي لتبرير الفارق الهائل في عدد الضحايا وسط كثرة المصابين.
النظام الصحي الألماني يبدو أكثر كفاءة من غيره. فبينما تملك ألمانيا نحو 25 ألف سرير للعناية الفائقة بجهاز للتنفس الاصطناعي، فإن بريطانيا تملك 4 آلاف، وفرنسا 7 آلاف. هذا فرق مهم، من دون أدنى شك، بالنسبة لوباء يصيب الجهاز التنفسي. ويقتضي الإنصاف القول إنه لو كانت فرنسا تملك أربعة أضعاف عدد أجهزة التنفس الحالية، لكان عدد الضحايا انخفض إلى العدد نفسه تقريبا في ألمانيا، ولكن إيطاليا تملك خمسة آلاف سرير عناية مركزة بجهاز تنفس، وكان يفترض أن تؤدي الدور نفسه، إلا أنها لم تفعل.
هناك عدة مختبرات في العالم تسابق الزمن من أجل التوصل إلى علاج ولقاح لهذا الفيروس.
مختبر "فايرباث" في فرنسا، وشركتا "إيفيفاكس" و"تاكس" في إيطاليا، ومعهد "كايرز" في واشنطن، وشركتا "جيوفاكس" الأمريكية و"برافوفاكس" الصينية، اللتان تعملان معا، فضلا عن العديد من مراكز الأبحاث الأخرى في العالم
العوامل الأخرى التي يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار كثيرة. ومنها معدل الأعمار، وسرعة التفشي التي تؤثر بشكل مباشر على قدرات الاستجابة من جانب مؤسسات الخدمات الصحية. الجيش الألماني يمتلك خبرات وإمكانات طبية متينة أيضا، وهو جيش غير منهك بحروب ولا تدخلات خارجية، ما يجعله أكثر استقرارا وتركيزا على قضايا الرعاية الأخرى. وقد بدأ مساهمته في معالجة الإصابات على نحو مبكر من تفشي الوباء.
برغم كل ذلك (وهذا استطراد تعسفي)، فإن انخفاض أعداد الضحايا في ألمانيا يظل لافتا، بدرجة تكفي لرفع الحاجبين على الأقل. وتبدو الحكومة الألمانية مسترخية إلى حد بعيد، قياسا بحكومات أوروبية أخرى. حتى إنها لم تفرض منعا للتجول، كما فعلت فرنسا أو إيطاليا. ولكن في الوقت نفسه، ظل المسؤولون الألمان يؤكدون أن لا حاجة للاستعجال في التخفيف من الإجراءات الوقائية الراهنة، وكأنهم يريدون أن يكسبوا وقتا أطول، على الرغم من الأضرار والمخاطر الاقتصادية التي تلوح في الأفق.
ويُرجع البعض انخفاض أعداد الضحايا (حسب الفايننشال تايمز) إلى عوامل من قبيل صغر سن معدل المصابين، وقدرة ألمانيا على إجراء الفحوصات المبكرة على الحالات المشتبه فيها، ووفرة المختبرات. ولكن ذلك لا يوفر تفسيرا كافيا بالضرورة.
هناك تجارب على علاجات، ويبدو أنها هي السبب، وبحكم أنها لا تزال في طور البداية، فإن السلطات لا تملك الترخيص العلمي ولا العملي للكشف عنها.
إحدى هذه التجارب، إنما تجري على مصل طوّره باحثون بقسم بيولوجيا العدوى بمعهد ماكس بلانك الألماني للأبحاث العلمية يدعى VPM1002 ويستخدم في الحماية من الإصابة بفيروس كورونا "سارس كوف-2" (SARS-CoV-2). وقد تم تطوير هذا المصل في الأصل للوقاية من الإصابة بمرض السل.
ويبدو أن تطويرا تاليا هو الذي يجري عليه، وذلك بما أن كوفيد – 19 ينتمي إلى الفصيلة ذاتها.
بعض التجارب إنما يجري في مشافي المعسكرات، وليس من العجيب من بعد ذلك أن تطلب فرنسا وإيطاليا من الجيش الألماني أن يتدخل.
ويحتوي مصل VPM1002 على بكتيريا مماثلة للسل تم تعديلها جينيا بحيث يمكن لخلايا جهاز المناعة بجسم الإنسان التعرف عليها. وهو آمن حتى عندما تمت تجربته على الأطفال حديثي الولادة، فضلا عن البالغين وكبار السن، وبحسب "دويتشه فيله"، فقد "أظهرت دراسات حديثة فاعليته ضد السرطان وقدرته على منع تكرار الإصابة بأورام المثانة".
معهد "سيروم" في الهند هو الذي يتولى تصنيع هذا المصل بترخيص من معهد ماكس بلانك. وعندما اندلع الوباء في ألمانيا، فقد تم استخدامه فيما يبدو لـ"تخفيف أعراض الإصابة"، وذلك على نحو ما تحاول الشركة الفرنسية "سانوفي" أن تفعله بالنسبة لعقاري "كلوروكين" و"هيدروكسي كلوروكين".
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عرض شراء خدمات شركة "كيورفاك" الألمانية، بعدما ظهر أنها تقترب من العثور على لقاح.
ولكن هناك عدة مختبرات أخرى في العالم تسابق الزمن من أجل التوصل إلى علاج ولقاح لهذا الفيروس.
مختبر "فايرباث" في فرنسا، وشركتا "إيفيفاكس" و"تاكس" في إيطاليا، ومعهد "كايرز" في واشنطن، وشركتا "جيوفاكس" الأمريكية و"برافوفاكس" الصينية اللتان تعملان معا، فضلا عن العديد من مراكز الأبحاث الأخرى في العالم، التي تعمل على مدار الساعة للتوصل إلى علاج.
القيود المخففة، والتجارب السريرية السريعة، تقدم تسهيلات مهمة لعمل كل هذه المختبرات. وبينما يمضي بعض الجهود على نحو مشترك، فإن بعضها الآخر يختبر طرقا جديدة. كل هذا يعني أن باب الأمل مفتوح على مصراعيه، وأن الوقت لن يطول قبل أن يسقط الفيروس وتسقط معه المخاوف والهلع والأضرار، وربما نظريات المؤامرة أيضا.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة