اتفاق كينشاسا وكيغالي.. ألغام على طريق «سلام الشرق»

في اليوم الذي يفترض أن يدخل فيه وقف إطلاق النار بين كينشاسا وكيغالي حيز التنفيذ، دوى أزيز الرصاص بأرجاء بلدة حدودية مع أوغندا.
وفي 31 يوليو/تموز الماضي، توصلت الكونغو الديمقراطية ورواندا إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في النزاع الدائر بين الجيش الكونغولي ومتمردي «إم23» الذين تدعمهم كيغالي في إقليم شمال كيفو شرقي البلد الأول.
لكن يبدو أن الاتفاق سيظل حبرا على ورق في ظل استمرار هجمات المتمردين وسيطرتهم على عدد من القرى، ما يفجر استفهامات حول المستفيد من عرقلة الاتفاق واستمرار التوترات بالشرق الكونغولي.
في تقرير نشر، اليوم الثلاثاء، اعتبر كل من معهد «إيبوتيلي» للأبحاث و«مجموعة دراسة الكونغو» (بحثية)، أن أسباب عودة متمردي «إم 23» هي في الأساس خارجية بالنسبة للكونغو الديمقراطية.
وأضاف التقرير أن «ما يحدث يمضي خلافا لما تزعمه رواندا، الداعم الرئيسي للمتمردين الناشطين في مقاطعة شمال كيفو»، وفقا للوثيقة التي تحمل عنوان “عودة ظهور حركة إم 23: الخصومات الإقليمية وسياسة المانحين وعرقلة عملية السلام”.
وبالنسبة لـ«إيبوتيلي»، وهو معهد أبحاث كونغولي متخصص في السياسة والحوكمة والعنف، فإن «العامل الأكثر أهمية في عودة هؤلاء المتمردين هو الشعور بالعزلة من جانب رواندا».
وأوضح أنه «في عام 2021، أصبحت أوغندا والكونغو الديمقراطية أقرب اقتصاديا ولكن أيضا أمنيا من خلال عملية عسكرية ضد متمردي تحالف القوى الديمقراطية، ولذلك فإن الأسباب تكمن في السياق الإقليمي».
وبحسب التقرير «كان لدى كيغالي شعور بالعزلة عندما بدأت الفرق الأوغندية في بناء الطرق لربط مقاطعتي شمال كيفو وإيتوري بكمبالا، لأن هذا يهدد باستبعاد رواندا من التجارة المربحة بين شرق الكونغو وساحل شرق أفريقيا».
ولفت إلى أن ما تقدم «ساهم في شعور كيغالي بالتهميش وتهديد مصالحها"، مضيفا أن «حركة أم 23 ظهرت كوسيلة لرواندا لبسط نفوذها ضد أوغندا".
وأشار إلى أن «هذا الدعم استمر بل وتزايد بعد استئناف العلاقات بين كيغالي وكمبالا في عام 2022».
«لا دليل»
تستمر رواندا في توضيح الأسباب التي أدت إلى العنف المفترض ضد التوتسي في الكونغو الديمقراطية والتهديد الذي تشكله «القوات الديمقراطية لتحرير رواندا»، وهي جماعة مسلحة تتألف في الأصل من الهوتو الروانديين ممن يواجهون اتهامات بـ"ارتكاب إبادة جماعية".
ومع ذلك، فإن التقرير يتجاهل تأكيدات كيغالي، ويرى أنه "لا يوجد دليل على زيادة العنف ضد التوتسي قبل عودة حركة إم23".
ويشير معهد «إيبوتيلي» إلى أن أعمال العنف الرئيسية حدثت في جنوب كيفو أكثر من شمال كيفو.
أما بالنسبة لـ«القوات الديمقراطية لتحرير رواندا»، فقد كان عددهم يتناقص ليبلغ 700 مسلح في عام 2018 ممن يمثلون تهديدا للمدنيين في شرق الكونغو الديمقراطية.
خيارات خاطئة؟
وفق المصدر نفسه، «أدى ضعف الجيش الكونغولي إلى تفاقم الأزمة، وكذلك اللجوء إلى الجماعات المسلحة المحلية والأجنبية».
وأخيرا، يشير التقرير إلى أن ضعف الدولة الكونغولية أدى إلى تفاقم هذه الأزمة مع عدم قدرة الجيش على "التغلب على هذا الوضع".
وقال إنه في 7 نوفمبر/تشرين الثاني 2021، شنت حركة «إم 23» هجمات على الجانبين الشمالي والغربي لجبل سابينيو «بناء على طلب كيغالي».
ولكن بدلاً من الرد بجيش، لجأت الحكومة الكونغولية إلى شركات الأمن الخاصة والتعاون مع الجماعات المسلحة الأجنبية والمحلية.
ومع ذلك، يشير التقرير إلى أن هذه الجماعات - تمامًا مثل حركة إم 23 - تقوم بالتجنيد بشكل أساسي على أساس عرقي، مما أدى إلى تفاقم التوترات المجتمعية والإقليمية.
وعلى الجانب الدبلوماسي، اعتبر التقرير أن «رد الفعل الدولي باهتا، حيث لم تتعرض كيغالي بعد لعقوبات اقتصادية كما طلبت كينشاسا، كما لم يمنع المجتمع الدولي تصرفات رواندا بوسائل أخرى».
وتقترح مجموعتا البحث أن تقوم السلطات الكونغولية بإصلاح قطاع الأمن، موصية بضرورة أن تتحول القوات المسلحة "التي تعمل إلى حد كبير على توزيع الامتيازات واستخراج الموارد"، إلى خدمة عامة حقيقية.