الجفاف والفيضانات.. كيف يجتمع النقيضان في وقت واحد؟
تعاني بعض الدول من مواسم شديدة الجفاف، ثم فجأة وسط ذلك القحط.. تحدث فيضانات عارمة، فكيف يجتمع النقيضان معا؟
يثار هذا السؤال في أذهان كل من يتابع خبراء المناخ وهم يتحدثون عن الجفاف غير المسبوق الذي شهده العالم هذا الصيف، وتسبب في انحسار الأنهار في أوروبا، وفي نفس الوقت، يشاهدون مياه الأمطار وقد غطت صحراء الربع الخالي في السعودية، رُغم إنها من أكثر الأماكن جفافاً في العالم.
بداية فإن فكرة هطول الأمطار رغم الجفاف، تأتي لأن درجات الحرارة الأكثر دفئا تؤدي إلى زيادة التبخر، وبالتالي يحمل هذا الطقس المزيد من الرطوبة، وعندما تكون الظروف مواتية يحدث سقوط للأمطار.
وعادة ما يكون هطول الأمطار الغزيرة موضع ترحيب كبير بعد فترة جفاف طويلة، ولكن عندما تكون التربة جافة وصلبة بسبب الجفاف، يمكن أن تؤدي مياه الأمطار إلى فيضانات مفاجئة.
ونظرا لأن تغير المناخ يزيد من احتمالية حدوث حالات الجفاف والطقس المتطرف، فمن المرجح أن تصبح هذه الظاهرة أكثر تواترا.
وعندما تهطل الأمطار في منطقة ما بكمية أكبر مما يمكن أن تمتصه الأرض، أو تسقط في مناطق ذات أسطح غير منفذة مثل الخرسانة والأسفلت الذي يمنع الأرض من امتصاص هطول الأمطار ، فإن الماء تكون لديه أماكن قليلة للذهاب إليها ويرتفع بسرعة، ويمكن أن يحدث هذا في كل من المناطق الريفية والحضرية، خاصة في الأماكن القريبة من المسطحات المائية.
ويقول روب طومسون، وهو عالم في جامعة ريدينغ، لصحيفة إندبندنت إنه "إذا تعرضت منطقة ما للجفاف، فستكون التربة جافة جدا ومتصلبة لامتصاص هطول الأمطار، وهذا هو السبب في أن الفيضانات المفاجئة شائعة في المناظر الطبيعية الصحراوية، وفي المناطق ذات التربة الضحلة فوق الصخور الصلبة، ويمكن أن تحدث الفيضانات أيضا في المناطق التي شهدت هطول الأمطار مؤخرا، حيث أن التربة لا تتمكن من امتصاص المزيد من المياه".
ويوضح أن تأثير الجفاف على التربة يؤدي إلى تحويل جزيئاتها لتكون "كارهة للماء"، ما يعني أنها تطرد المزيد من الماء، ويساعد التوتر السطحي على منع هذه المياه من السقوط من خلال الفجوات الموجودة في التربة، ثم يمكث الماء على السطح في نوع من البركة الكبيرة أو يتدفق على المنحدرات.
ويكشف فيديو نشره طومسون على حسابه بموقع "تويتر"، ما يحدث عندما تتساقط الأمطار بكثرة على الأرض الجافة، وفي الفيديو، شوهد الباحث وهو يضع ثلاثة أكواب من الماء مقلوبة على أرض رطبة وعادية وجافة، حيث يتم امتصاص الماء في الأول والثاني بمعدلات مختلفة ، بينما الماء الموجود على الأرض الجافة يكاد لا يمتص على الإطلاق.
وعادة ما تصيب الفيضانات البشر على حين غرة، ومع تدفق المياه إلى أسفل المنحدرات، تبحث الأمطار عن أدنى نقطة في مسار محتمل. في المدن، عادةً ما تكون الشوارع ومواقف السيارات ومترو الأنفاق والطوابق السفلية هي هذه النقطة، ويمكن لأحداث الطقس هذه أن تؤثر على أساسات المباني وتجرف السيارات.
ومع تغير المناخ، يعتقد الخبراء أن هذا الاتجاه سيزداد، مع توقع حدوث المزيد من العواصف الشديدة نتيجة للاحتباس الحراري.
ويقول طومسون: "يعمل علماء الهيدرولوجيا والمهندسون على فهم أفضل طريقة للتكيف مع ذلك، بما في ذلك نمذجة أحداث الفيضانات واتجاهات التنمية حتى يتمكنوا من زيادة المرونة في المناطق الحضرية والريفية".
aXA6IDMuMTM4LjEyNi4xMjQg جزيرة ام اند امز