مصر تعلن الحرب على المخدرات وسط تحذيرات من مخاطر مجتمعية
الرئيس المصري يؤكد البدء في إجراء تحاليل لكل العاملين بمرافق الدولة، على أن يتم اتخاذ إجراءات رادعة ضد من يثبت تعاطيه المخدارت
بدأت السلطات المصرية إجراءات رادعة ضد متعاطي المخدرات، خاصة بين موظفيها، بعد أن أثبتت تحقيقات حادثة "جرار القطار"، قبل أيام، تعاطي أحد المتهمين للمخدرات.
وقال برلمانيون وخبراء معنيون لـ"العين الإخبارية" إن "ارتفاع معدلات نسب تعاطي المخدرات في مصر ينذر بخطورة شديدة على المجتمع"، مثمنين الحملة التي بدأها الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي في هذا الإطار.
وأودى الحادث، الذي شهدته محطة "رمسيس" وسط القاهرة، نهاية فبراير/ شباط الماضي، بحياة 22 مواطناً، وأعلن الرئيس المصري، الأحد، إجراء تعديلات في قانون الخدمة المدنية بمقتضاه "يتم إنهاء خدمة من يثبت تعاطيه المخدرات".
وقال الرئيس المصري، في كلمته على هامش ندوة تثقيفية للقوات المسلحة، "لن نسمح باستمرار ذلك أبدا، سيتم إجراء تحاليل بمنتهى الصدق والأمانة في تنفيذها، وسيتم تطبيق ذلك على كل مرفق في الدولة".
وتصل نسبة تعاطي المخدرات بمصر، نحو 10% من تعداد السكان، الذي يتخطى 100 مليون نسمة، وفقا لعمرو عثمان، مدير صندوق مكافحة وعلاج الإدمان، خلال جلسة بمجلس النواب، مطلع مارس/ آذار الجاري، بينما تصل نسبة الإدمان إلى 1.8%.
نسب مرتفعة
يقول الدكتور نبيل عبدالمقصود، أستاذ السموم والمخدرات بكلية طب قصر العيني، لـ"العين الإخبارية" إن "مصر تدخل ضمن الدول الأعلى في تعاطي المخدرات"، مشيرا إلى أن النسب العالمية تتراوح ما بين 5 و7%، في حين أن مصر تخطت الـ10%، منهم ما يقارب الربع يدخل في دائرة الإدمان، وهذا أمر خطير.
وأشاد عبدالمقصود بالإجراءات الحكومية الحاسمة التي يتم اتخاذها حاليا في هذا الشأن، لكنه أكد عدم كفايتها، مطالبا بحملة قومية واسعة للتوعية بخطورة المخدرات، لمنع المزيد من المتعاطين، وليس فقط مواجهة الحاليين.
وأشار الخبير المصري إلى أنواع جديدة تظهر بين الحين والآخر آخرها ما يعرف بـ"الأستروكس" المنتشر حالياً، مشيرا إلى أن خطورة انتشار المخدرات تمتد ليس فقط إلى صاحبها، وإنما تؤثر بشكل سلبي على المجتمع، وتنمية الدولة ومعدلات الإنتاج، والقيم الأخلاقية، وغيرها من الآثار التدميرية للمخدرات.
وظهر "الأستروكس"، وهو مخدر قوي يتم مزجه بالتبغ وتدخينه، في مصر خلال السنوات الأخيرة بديلا عن الحشيش نظرا لرخص ثمنه، وتشكل وتيرة انتشار تعاطيه تحديا كبيرا في ظل تزايد حالات الوفاة الناتجة عنه.
خطوات حكومية
الحكومة المصرية تلقفت الأمر سريعا، وبدأت بدورها خطوات عملية لمواجهة الظاهرة، حيث طلب رئيس الوزراء مصطفى مدبولي، الوزراء للعمل على تعديل اللوائح الخاصة بالهيئات والأجهزة التابعة لهم، بما يتوافق مع الإجراءات التنفيذية الرادعة التي ستتم من خلال اللائحة التنفيذية لقانون الخدمة المدنية.
وقالت غادة والي، وزيرة التضامن الاجتماعي المصرية، إنها "تعمل إلى جانب كافة الوزارات لإجراء الفحوصات والتحاليل اللازمة لكشف تعاطي المواد المخدرة على العاملين بالوزارات المختلفة"، فيما قامت وزارة الأوقاف بتنظيم دورات تثقيفية لعدد 150 إماماً أسبوعياً بالتنسيق مع مركز علاج الإدمان ليقوم الأئمة بتوعية المواطنين.
وكان تقرير لـ"لجنة الكشف عن تعاطي المخدرات بين العاملين في وزارات ومؤسسات الدولة"، تم نشره قبل يومين، أظهر تعاطي 250 حالة للمواد المخدرة، من بين 8282 موظفا في 8 وزارات، تم الكشف عليهم، خلال شهري يناير/كانون الثاني، وفبراير/شباط الماضيين.
كما أعلنت وزارة التضامن الاجتماعي، السبت الماضي، إحالة 27 من سائقي الحافلات المدرسية للنيابة، بعد ثبوت تعاطيهم للمواد المخدرة، منهم 17 حالة حشيش، و8 ترامادول، و2 مورفين.
البرلمان يدخل على الخط
من جهته، بدأ مجلس النواب المصري البحث عن إجراءات رادعة في مواجهة ظاهرة انتشار تعاطي المخدرات، وقالت النائبة منى منير، عضو المجلس، لـ"العين الإخبارية" إنها تقدمت بمشروع قانون للمجلس يفصل الموظف العام حال ثبوت تعاطيه المخدرات.
وأوضحت النائبة، اختلاف مشروع القانون عن التعديل الذي وافقت عليه الحكومة في قانون الخدمة المدنية، بأن تعديل الحكومة يجعل عقوبة إنهاء خدمة الموظف قاصرة على من يثبت عدم لياقته الصحية لإدمانه المخدرات، دون التطرق للدرجات المختلفة من تعاطي المخدرات، بينما يشدد مقترحها على إنهاء خدمة الموظف حال ثبوت تعاطيه للمخدرات بكافة أنواعها وأيا كانت درجتها.
وحذرت منير من تزايد الظاهرة وخطورتها المجتمعية، مشيرة إلى أن حوادث كارثية سببها المخدرات، تودى بحياة أشخاص لا ذنب لهم، ونوهت إلى أن المجلس يعتزم بحث المزيد من الإجراءات التي تشمل كافة المواطنين وليس فقط موظفي الدولة.
في السياق ذاته، أشارت النائبة إيناس عبدالحليم، وكيل لجنة الشئون الصحية بالمجلس، إلى أهمية التوعية بخطورة الإدمان في إطار حملة قومية تستهدف الأهالي بجميع الأحياء والفئات المجتمعية، مطالبة بتكثيف العمل لمكافحة الإدمان من جانب الحكومة، وزيادة الرقابة على تداول العقاقير الطبية التي تستخدم في الإدمان.
وقالت عبدالحليم، لـ"العين الإخبارية" إن "الشباب أصبح يتداول مواد مخدرة تباع في الصيدليات، وهو ما يستوجب رقابة أكثر حزما".
وأوصت اللجنة الفرعية المشكلة من لجنة الخطة والموازنة لمتابعة تنفيذ استراتيجية 2030 وموازنات البرامج والآداء، برئاسة النائبة سيلفيا نبيل، بحتمية زيادة موارد صندوق مكافحة وعلاج الإدمان، بعد ملاحظة تدني حصيلة الإيرادات، كما أوصت بزيادة الأعداد المستهدفة للعلاج، في خطة 2019 للصندوق تستهدف لأنه يستهدف علاج 150 ألف حالة فقط، وهو رقم متدن بالنسب لعدد لحالات المدمنين والمتعاطين.
aXA6IDEzLjU4LjM0LjEzMiA=
جزيرة ام اند امز