"السوم الأولى".. أغبى معركة في الحرب العالمية الأولى

كانت معركة السوم الأولى أغبى معركة في التاريخ لوفاة 158700 جندي من قوات الحلفاء في سبيل الاستيلاء على 12 كيلومترًا من الأراضي.
بدأت معركة السوم في الأول من يوليو/ تموز عام 1916، بهجوم الحلفاء على القوات الألمانية في الجبهة الغربية واستمرت حتى نوفمبر/ تشرين الثاني من ذلك العام، والذي كان أكثر الأيام دموية في تاريخ الجيش البريطاني، حيث تكبدت القوات البريطانية 19240 قتيلا وأكثر من 38000 مصاب.
استهل الحلفاء هجومهم بقصف مدفعي عنيف استخدموا فيه نحو 1.5 مليون قذيفة لتدمير الأسلاك الشائكة في دفاعات الألمان ومواقعهم الحصينة.
ظن قادة الحلفاء أن القصف المدفعي دمر الدفاعات الألمانية وأن قواتهم ستتقدم بسهولة في أرض المعركة، لكن الأسلاك الشائكة كانت ما تزال سليمة في العديد من المواضع وأن مواقع الألمان -وكثير منها عميق تحت الأرض- كانت أقوى من المتوقع، والسبب في ذلك هو أن 30٪ من قذائف المدفعية التي أطلقتها مدفعية الحلفاء لم تنفجر. وبالتالي، حصدت نيران المدافع الرشاشة الألمانية وبنادقهم آلاف الجنود البريطانيين المهاجِمين في المنطقة بين الجيشين.
وفي صباح 1 يوليو/ تموز تقدمت 11 فرقة من الجيش البريطاني الرابع على خط جبهة طوله نحو 24 كيلومترًا شمال نهر السوم بفرنسا، وكان كثير من الجنود متطوعين لم يشاركوا في قتال من قبل. وفي الوقت نفسه، تقدمت 5 فرق فرنسية من الجنوب على خط جبهة طوله نحو 13 كيلومترًا حيث كانت الدفاعات الألمانية أضعف.
فشل الهجوم البريطاني فشلاً ذريعاً. وبرغم ذلك، أمر الجنرال السير دوغلاس هيغ بشن هجمات في 3 و13 يوليو/ تموز 1916 أدت إلى سقوط 25000 ضحية أخرى.
وفي 15 يوليو/ تموز أطلقت القوات البريطانية وابلًا جديدًا من قذائف المدفعية تبعتها بهجوم مباغت واسع النطاق على ثغرة بازنتين شمالي نهر السوم، مكنت البريطانيين من التقدم نحو 5.5 كيلومتر في أراضي العدو واحتلوا قرية لونغوفال.
لكن كل تقدم بسيط قابلته خسائر كبيرة، إذ خسر الألمان نحو 160 ألفًا من جنودهم وخسر البريطانيون والفرنسيون نحو 200 ألف بحلول نهاية الشهر.
ومع بداية أكتوبر/ تشرين الأول الموالي، أعاق المناخ السيئ هجومًا آخر للحلفاء فواجه الجنود صعوبة في عبور الأرض الوحلة وفوقهم يصب وابل من قصف المدفعية الألمانية والطائرات المقاتلة. وجرى آخر تقدم للحلفاء في المعركة في منتصف نوفمبر / تشرين الثاني حين هاجموا المواقع الألمانية في وادي نهر آنكري.
ومع قدوم الشتاء الحقيقي أوقف هيغ الهجوم في 18 نوفمبر/ تشرين الثاني، فأنهى معركة الاستنزاف على نهر السوم، حتى السنة التالية على الأقل. خلال 141 يومًا تقدم البريطانيون 11 كيلومترًا فقط وفشلوا في كسر جبهة الألمان.
أول استخدام للدبابات في الحروب:
شهدت معركة السوم أول استخدام للدبابات في ساحات المعارك، فاستخدم البريطانيون دبابات مارك، فيما أنتج الفرنسيون دبابة رينو إف تي 17، التي صنفت كأول نموذج للدبابات المعاصرة. وفي المقابل، أنتج الألمان دبابة إيه 7 في، غريبة الشكل، التي فشلت في إثبات نجاعتها في ساحات المعارك. وعلى الجبهة الشرقية، أنتج الروس دبابة القيصر التي صنفت كأسوأ دبابة بالتاريخ، بسبب شكلها الذي كان أشبه بالدراجة الهوائية الكبيرة.
كتائب الزملاء:
كتائب الزملاء كانت وحدات تتكون من أصدقاء وأقارب وجيران يعرفون بعضهم.
أبرز الأمثلة على تلك الوحدات والخسائر التي لحقت بها، ما جرى للكتيبة الحادية عشرة – شرق لانكشاير، التي تُعرف أيضًا باسم «زملاء أكرينغتون»، حين سقط 584 رجلًا بين قتيل وجريح من أصل 720 رجلًا شاركوا في القتال.
مقتل ابن رئيس الوزراء البريطاني:
في يوم 15 سبتمبر/ أيلول قتل ريمون اسكويث ابن رئيس الوزراء البريطاني هربرت البالغ من العمر 37 عاما بعد إصابته برصاصة في الصدر، وهو يقود الهجوم. كما قتل عضوان في البرلمان البريطاني في معركة السوم.
إصابة أدولف هتلر في ساقه أثناء معركة السوم .
في أواخر سبتمبر/ أيلول 1916، تم إرسال البافاري عريف جيش أدولف هتلر مع وحدته إلى معركة السوم. وبعد أيام فقط من وصوله وصف الحرب بأنها ” أشبه بالجحيم"، إلى الجبهة انفجرت قذيفة وأصيب هتلر في فخذه الأيسر، ونقل إلي المستشفى الألماني.
الحرب العالمية الأولى، غباء قاد إلى سلسلة من الكوارث:
كانت الحرب العالمية الأولى أكثر الصراعات غباء في تاريخ البشرية، نجم عنها وفاة حوالي 36 مليون شخص بصورة مباشرة وغير مباشرة.
كان الهدف من الحرب العالمية الأولى هو الدفاع عن الإمبراطوريات الأوروبية وتوسيع مناطق نفوذها، إلا أن نتائج الحرب جاءت على غير هوى أطرافها، فقد كانت سببا في سقوط الإمبراطوريات العثمانية والألمانية والنمساوية المجرية والروسية. بالإضافة إلى ذلك، سرعت الحرب العالمية الأولى من انهيار الإمبراطوريات البريطانية والبلجيكية والإيطالية والفرنسية بإضعافها، وفقا لموقع "ميديم" الأمريكي.
بل إن محاولة الرئيس الأمريكي وودرو ويلسون، لجعل العالم أمنًا للديمقراطية بإرسال الأمريكيين للموت من أجل الإمبراطورية البريطانية جعلت العالم أكثر أمنا للاستبداد، عبر ظهور أنظمة شمولية في روسيا (الشيوعية) وألمانيا (النازية) ودكتاتورية استبدادية (فاشية) في إيطاليا.
يمتد الغباء أيضا إلى معاهدة فرساي، التي وقعت عقب الحرب العالمية الأولى، والتي كان المفترض أن تمنع الحرب. فألقي العديد من المؤرخين باللوم عليها، في اندلاع الحرب العالمية الثانية؛ وهو الصراع الأكثر تدميراً في تاريخ البشرية.
ووفقا لتقديرات ستاتيستا الألماني، أدت الحرب العالمية الأولى إلى مقتل 8.8 مليون جندي وبحار وستة ملايين مدني، يضاف إلى ذلك 21 مليون ضحية أخرى لجائحة الإنفلونزا العظمى أو الإنفلونزا الإسبانية عام 1918، التي انتشرت نتيجة لشحن مئات الآلاف من القوات الأمريكية إلى أوروبا لدعم الدفاعات البريطانية والفرنسية على الجبهة الغربية.
ووفقا لتقديرات ستاتيستا قتل حوالي 318700 جندي في معركة السوم الأولى من الجانبين. وشمل ذلك 108.700 جندي من الإمبراطورية البريطانية، و50 ألف جندي فرنسي، و160 ألف جندي ألماني.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMTc1IA== جزيرة ام اند امز