سياسة
توقعات بانتخابات مبكرة باليونان.. هل سيكون "شتاء صعبا"؟
تراكم الأزمات السياسية والاقتصادية وتفاقم التوتر مع تركيا، عوامل أذكت شعور اليأس في اليونان وألقت بتساؤلات حول موعد الانتخابات المبكرة.
فرئيس الوزراء اليوناني كرياكوس ميتسوتاكيس يواجه السؤال ذاته كلما التقى وجها لوجه بوسائل الإعلام: متى ستدعو إلى انتخابات مبكرة؟ إلا أن التساؤل لم تكن له إجابة عند رئيس الوزراء المحافظ الذي تسلم السلطة في يوليو/تموز 2019، فيما لا يزال أمامه 12 شهرا قبل انتهاء ولايته البالغة مدتها أربع سنوات.
لكن ارتفاع أسعار الطاقة وبلوغ التضخم أعلى مستوى له منذ ثلاثة عقود، وحرب أوكرانيا إضافة إلى ارتفاع مستوى التوتر مع تركيا، ترسم جميعها صورة صعبة للوضع نهاية العام.
فالشعور العام باليأس جرّاء ارتفاع سعر الوقود والغذاء، دفع الحكومة في الأسابيع الأخيرة إلى إطلاق برنامج دعم للوقود والكهرباء بالنسبة للعائلات الأفقر. لكن حتى هذه الأموال نفدت.
شتاء صعب
من جانبه، قال الكاتب المخضرم في صحيفة "كاثيميريني" اليونانية الليبرالية نيكوس كونستانذراس "سيكون الشتاء صعبا ".
وأفادت البستانية البالغة 56 عاما ناتاسا تسومبو أنها تواجه صعوبة كبيرة في مواكبة ارتفاع تكاليف المعيشة، مضيفة: "على مدى الشهرين الماضيين، لم يكن بإمكاني إلا دفع جزء من فواتيري".
وأضافت تسومبو التي تقيم في شقة بمساحة 70 كلم مربعا في شمال أثينا "بالكاد يمكنك شراء أي احتياجات بعشرين يورو في السوبرماركت".
وأنفقت اليونان أكثر من عشرة مليارات يورو للتخفيف من حدة تداعيات كوفيد الاقتصادية على مدى السنوات الثلاث الماضية، بينما تم تخصيص مبلغ إضافي قدره 6,5 مليارات يورو كمساعدات مرتبطة بالطاقة والوقود للعام 2022. في الأثناء، تأمل الحكومة بإعادة ملء خزنتها عبر عائدات السياحة.
وحتى الآن، تشير الزيادة في أعداد الزوار القادمين من أوروبا والولايات المتحدة إلى عام قياسي، يتفوّق حتى على موسم ما قبل الوباء في اليونان عام 2019.
لكن في الوقت الحالي، يؤكد وزير المال خريستوس ستيكوراس أن الحكومة لم تعد قادرة على تقديم أي دفعات نقدية، وقال لقناة "ميغا تي في "نهاية الأسبوع "حاليا، لم يعد هناك يورو واحد في الحيّز المالي".
حملة "سامة"
وشدد ميتسوتاكيس مرارا على أنه ينوي إكمال ولايته بسنواتها الأربع، لكنه أشار أيضا إلى أن الأمر قد يتغيّر إذا بدا أن اليونان تستعد لمواجهة حملة انتخابات عامة "سامة".
وقال للصحافيين في بروكسل الأسبوع الماضي "أعرف أنه من الصعب للغاية إقناعكم بأنه لن يتم إجراء انتخابات أو تغيير".
ولا يوفر خصمه الأبرز، رئيس الوزراء السابق اليساري أليكسيس تسيبراس أي فرصة لمهاجمة ميتسوتاكيس.
واتّهم تسيبراس الحكومة بسوء إدارة ملف وباء كوفيد الذي أودى بأكثر من 30 ألف شخص وبالتقارب مع الأعمال التجارية الكبرى والإخفاق في الوقت ذاته في مساعدة اليونانيين على تجنّب تداعيات ارتفاع أسعار الطاقة.
وأشار الأسبوع الماضي إلى أن على ميتسوتاكيس ووزرائه ديونا شخصية يبلغ مجموعها 13 مليون يورو، رغم امتلاكهم أكثر من 800 عقار وودائع يبلغ قدرها 17 مليون يورو.
وقال تسيبراس الذي سبق ميتسوتاكيس كرئيس للوزراء من العام 2015 حتى 2019، في تغريدة في 25 يونيو/حزيران الماضي: "هل يمكن لهؤلاء الإحساس بمعاناة المواطنين غير القادرين على تسديد فواتيرهم؟".
وتابع "بعد الانتخابات، ينتهي الحفل.. لن تعود عشر مجموعات تجارية كبرى وعدد مماثل من العائلات تستغل موارد البلاد".
انتخابات مبكرة
ويرجّح العديد من المحللين أن تجري انتخابات مبكرة في أغسطس/آب المقبل، بينما يتوقع أن يعلن ميتسوتاكيس عن الأمر بعد منتصف أغسطس/آب المقبل.
وقال مدير الأبحاث لدى شركة GPO للاستطلاعات أتونيس بابارغيريس إن "جميع الأحزاب في حالة استعداد للانتخابات"، مضيفًا أن "ارتفاع أسعار الطاقة والكهرباء والوقود.. هي القضايا المهيمنة".
ويتوقع أن تجري الانتخابات العامة المقبلة بناء على نظام تمثيل نسبي أدخلته إدارة تسيبراس اليسارية. لكن ميتسوتاكيس أفاد الشهر الماضي أن هناك حاجة على الأرجح إلى "انتخابات مزدوجة" من أجل الوصول إلى حكومة مستقرة.
لكن هذا النظام لا يُطبّق إلا إذا لم تنتج انتخابات التمثيل النسبي أي حكومة.
وأعطى استطلاع أجرته قناة "أنت1 تي في" في وقت سابق هذا الأسبوع الصدارة إلى حزب ميتسوتاكيس اليميني "الديموقراطية الجديدة" بنسبة 32,5 في المئة، في تقدّم بعشر نقاط على حزب تيسبراس اليساري "سيريزا". وحل حزب "كينال" (يسار وسط) في المرتبة الثالثة (12,8 في المئة).
الخيار الأول
لكن الاستطلاع الذي أجرته "مارك" كشف أن واحدا من عشرة لم يحسم قراره بعد. ويحتاج أي حزب إلى حوالى 38,5 في المئة من الأصوات من أجل الحصول على غالبية 151 مقعدا في البرلمان الذي يضم 300 مقعد، بحسب بابارغيريس.
وبناء على التمثيل النسبي، يحتاج الحصول على العدد ذاته من المقاعد نتيجة تصويت تتجاوز 40 في المئة بكثير.
وما زال ميتسوتاكيس الخيار الأول لرئاسة الوزراء مقابل تسيبراس، إذ تبلغ معدلات التأييد له حوالى 40 في المئة مقارنة بخصمه (نحو 30 في المئة).
وحذّر كونستانذراس من أن هناك حجة مضادة لإجراء انتخابات مبكرة إلى هذا الحد. وقال إنه في زمن يشهد ضبابية كبيرة ترتبط بارتفاع الأسعار والحرب في أوكرانيا والتوتر مع تركيا، "قد يشعر الناس بالامتعاض إذا جاء عدم الاستقرار بإيعاز من الحكومة".
وسيتم تحميل ميتسوتاكيس مسؤولية "الفوضى" إذا رأى الناس أنه يتخلى عن مواجهة المشاكل التي تعيشها اليونان، بحسب كونستانذراس. وجرت آخر انتخابات مزدوجة في اليونان قبل عقد، وكانت هناك حاجة لإجراء انتخابات تلو أخرى في مايو/أيار ويونيو/حزيران 2012، في ذروة أزمة الديون اليونانية، قبل تشكيل حكومة ائتلاف ثلاثية.