الزلازل تهدّد تراث الجزائر.. دراسة لخطة ترميم 337 مبنى تاريخيا (خاص)

كشفت دراسة جزائرية حديثة، عن وجود 337 مبنى تاريخيا مهددة بالانهيار في حال وقوع زلزال قوي في قلب مدينة قسنطينة.
وحملت دراسة نشرت بدورية "جورنال أوف بيلدينغ إنجنيرينغ"، إنذارا شديد اللهجة بشأن هذا السيناريو المحتمل، الذي سيهدد تراث المدينة، وتحديدا في حي "السويقة"، المصنف كتراث وطني منذ عام 2004.
الدراسة، التي قادها الدكتور عبدالحق قطيش، من جامعة عبد الحفيظ بوصوف بمدينة ميلة، طورت لأول مرة نموذجا هندسيا دقيقا لقياس هشاشة المباني الأثرية غير المسلحة، بالاعتماد على دمج نموذج أوروبي لتقييم مخاطر الزلازل في المناطق الحضرية يعرف باسم "RISK-UE"، وطريقة مبسطة لتحليل الاستجابة الزلزالية للمباني تعرف باسم "N2"، مع تعديلات خاصة تلائم الطابع المعماري والتاريخي للمنطقة، بما في ذلك استخدام المواد المعاد تدويرها من العهد الروماني والتربة الصخرية المميزة للمدينة.
وخلصت الدراسة إلى أن جميع المباني التي تم تقييمها لا تتوافق مع متطلبات السلامة الزلزالية، وفقا لكود البناء الجزائري المحدث لعام 2024، ما يعني أن أي هزة أرضية متوسطة أو قوية قد تؤدي إلى أضرار جسيمة في هذا النسيج المعماري الثمين.
وشملت التقييمات ثلاثة سيناريوهات زلزالية، من بينها زلزال 1985 المدمر وسيناريوهان أقل حدة، وأظهرت النتائج أن المباني المنخفضة الارتفاع المصنوعة من الحجارة أو الطوب القديم هي الأكثر عرضة للخطر، خاصة مع تربة المنطقة التي تزيد من شدة الطاقة الزلزالية المفاجئة.
ويقول الباحثون إن "هذا البحث يقدم للمرة الأولى نموذجا قابلا للتطبيق على التراث العمراني الجزائري، ويمنح السلطات أداة دقيقة لتحديد أولويات التدخل والترميم قبل أن تقع الكارثة."
وتدعو الدراسة إلى خطة طوارئ وطنية لترميم وتعزيز المباني التاريخية في الجزائر، تبدأ من قسنطينة، وتمتد إلى مواقع أخرى تحمل طابعا تراثيا مشابها في مدن مثل تلمسان والقصبة بالعاصمة.
كما تُعد النتائج مرجعا يمكن أن يُعتمد عليه دوليا في حماية المناطق التاريخية المعرضة للزلازل، لا سيما في حوض البحر الأبيض المتوسط وشمال أفريقيا.
ومن جانبه، يثني الدكتور معتز الجابري، الباحث في الهندسة الزلزالية على الدراسة، التي وصفها بأنها تقدم أسلوبا مبتكرا في تقييم المخاطر الزلزالية.
ويقول الجابري لـ«العين الإخبارية»، إن "دمج طريقة تحليل الاستجابة الزلزالية للمباني (N2)، ضمن الإطار الأوروبي لتقييم مخاطر الزلازل في المناطق الحضرية المعروف باسم "RISK-UE"، مع بعض التعديلات التي تلائم الطابع المحلي، يعد نقلة نوعية في تقييم المخاطر الزلزالية في المدن ذات البنية العمرانية القديمة والمعقدة".
ويضيف أنه "يمكن لصناع القرار باستخدام هذه الآلية أن يضعوا أيديهم على مواطن الضعف الحقيقية، ويمنحهم أدوات عملية لتفادي الكوارث قبل وقوعها"، مشيرا إلى أن "أهم ما يُميز الطريقة المستخدمة هو توازنها بين الدقة والسرعة، وهو أمر نادر في تحليلات الزلازل التقليدية".