بعد تكرار الهزات العنيفة.. هل الزلازل غضب من الله كما قال عمر بن الخطاب؟ (خاص)
ضربت زلازل عنيفة متكررة مدنا متفرقة من منطقة الشرق الأوسط خلال الفترة الماضية، ومع آخر تلك الزلازل التي ضربت تركيا وسوريا الإثنين وأسقطت مئات القتلى والجرحى، ربط البعض بينه وبين غضب الله.
ومع تواتر الأنباء عن أعداد ضحايا الزلزال الأخير، تداول مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي قولا قيل إنه لأمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
ووفقا لموقع إسلام ويب، فإنه حدثت رجفة في عهد عمر بن الخطاب بالمدينة، فقال رضي الله عنه "ما رجفت إلا لحدث أحدثته أو أحدثتموه، والله لئن عادت لا أساكنكم فيها أبدا".
تداول هذا القول المأثور جاء في إطار الحديث عن كون الكوارث الطبيعية هي غضب من الله على البشر، ما دفع "العين الإخبارية" لسؤال أهل الدين للوقوف على حقيقة الأمر.
الزلازل غضب من الله
الدكتور السيد سليمان، من علماء الأزهر الشريف، أوضح أن الزلازل وباقي الظواهر الطبيعية هي آية من آيات الله عز وجل ينزلها على العباد لتخويفهم، ويقول لهم إنهم أكثروا من الفساد في الأرض.
وقال سليمان لـ"العين الإخبارية" إن الله يخوف عباده بآيات تأتي متتابعة أو متفرقة من حين لآخر حتى يعودوا إليه ويتوبوا إلى بارئهم، والزلازل آية من تلك الآيات يحذرنا الله بها من عقابه.
ورأى العالم الأزهري أن هذه الأيام تشهد كثرة وقوع كبائر الذنوب، مثل المجاهرة بالمعصية وكثرة الربا والزنا والرياء والنفاق، الذي وصفه الرسول (صلى الله عليه سلم) بـ"الشرك الخفي"، فضلا عن انتشار القتل بغير سبب وعقوق الوالدين وزنا المحارم، وغيرها.
وأضاف: أن هناك الكثير من المصائب التي يرتكبها الناس حاليا وتندرج تحت كبائر الذنوب، وهي كفيلة ليست بوقوع كوارث طبيعية فقط وإنما بأن تقوم الساعة.
وأوضح سليمان أن الله عز وجل يرسل الآيات حتى نعود إليه ويذكرنا بطاعته وعبادته، كما أنه يعاقب الإنسان على بعض الذنوب في الدنيا وليس كلها، واستشهد بآية من الكتاب الحكيم يقول فيها الله عز وجل: {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} [سورة الروم: 41].
وتابع: "الله إذا أراد أن يعاقبنا على كل الذنوب لفعل بنا مثلما فعل بالأمم السابقة، لكنه من رحمته بنا يعاقبنا على بعض الذنوب لنتوب إليه، وإلا تنزل الآيات علينا تترا (واحدة تلو الأخرى) حتى يمحق الله العباد جميعا".
الكوارث الطبيعية ابتلاء من الله
الدكتور عبدالغني هندي، عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، قال إن الزلازل وما شابهها من كوارث طبيعية لا يرسلها الله غضبا من البشر وإنما لتنبيههم.
وأوضح هندي لـ"العين الإخبارية" أن الله سبحانه وتعالى تحدث في القرآن الكريم عن الابتلاءات، واستشهد بآية من الذكر الحكيم قال فيها عز وجل: {وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ ۗ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ} [سورة البقرة: 155].
وأضاف أن ابتلاءات الله للبشر قد تكون مرتبطة بذنوب اقترفوها أو قد تكون اختبارا منه عز وجل، مشيرا إلى أن أشد الناس ابتلاء هم الأنبياء ثم أولياء الله الصالحين، ما يدل على أن الشخص المبتلى ليس بالضرورة عاصيا.
وتابع: "الإسلام دين إيجابي في تناول الأمور، والله لا ينتقم من أحد، بل يمنح عباده نعما كثيرة في ظل الابتلاءات، وبالتالي يأتي ابتلاء الله ليذكرنا به ويجعلنا نفكر فيما كنا مقصرين، فنتداركه ونتوقف عن الأذية".
وفيما يتعلق بقول عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- رأى عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية أن أقوال الصحابة تؤخذ في الحالة التي وقع فيها الحدث لكن لا تعمم، موضحا أن القاعدة العامة التي يأخذ المسلم عليها هي ما وضحت في القرآن الكريم والأحاديث.
الزلازل أقدار الله لكن تعجلها الذنوب
الدكتور سالم مرة، أستاذ الفقه والشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر الشريف، رأى أن الزلازل والخسف وغيرهما من الكوارث الطبيعية هي أقدار الله سبحانه وتعالى لكن تعجلها الذنوب.
وقال مرة لـ"العين الإخبارية" إنه مثلما تعجل الذنوب من وقوع الكوارث الطبيعية فإن الصالحات تؤجلها، لقوله تعالى: {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} (سورة هود).
وتابع: "بالتالي الكوارث الطبيعية ليست معيارا لكون الأمة طيبة أو سيئة، فمن الممكن أن تكون طيبة وتصاب بالزلازل والفيضانات وغيرها، والعكس صحيح".
ورأى أستاذ الفقه، استنادا لقول الفاروق عمر، أن الذنوب تعجل من وقوع الكوارث الطبيعية وأنها كلما كثرت كانت من أسباب إزالة النعم، وأيضا الأعمال الصالحة والعبادة تخفف من وطأة هذه الكوارث.
وأضاف: "كلما كان الإنسان يدعو الله ويتعبد إليه فإن ذلك يقلل من هذه الأقدار، لكن في النهاية يقول الله عز وجل {قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا} أي أنها أقدار البشر".
aXA6IDMuMTQ3LjYyLjk5IA== جزيرة ام اند امز