سهام الشرق والجنوب.. زلزال دكّ القاعدة باليمن في 2022
رغم أرضها الوعرة وتكويناتها المعقدة، إلا أن عملية "سهام الشرق" نجحت في استئصال تنظيم القاعدة الإرهابي، الذي ظل لعقود ينهش جسد محافظة أبين اليمنية.
فالمعاقل الجبلية التي انطلقت منها أول أجيال تنظيم القاعدة في تسعينيات القرن الماضي، باتت اليوم آمنة لأول مرة والسكان الذين عانوا طيلة 3 عقود في أبين تنفسوا الصعداء أخيرا بعد تهاوي معسكرات المتطرفين تحت زلزال عملية "سهام الشرق" في عام 2022.
وفي هذا التقرير، تعيد "العين الإخبارية"، تسليط الضوء على ثمار عملية "سهام الشرق" ومراحلها التكتيكية لتخليص محافظة كانت تضم أكبر معاقل تنظيم القاعدة في اليمن وفي الجزيرة العربية وشكلت لعقود منطلقا للإرهابيين.
وانطلقت العملية العسكرية "سهام الشرق" في 23 أغسطس/آب، بمشاركة قوات الحزام الأمني وشرطة ومحور أبين والمقاومة الجنوبية لتتمكن خلال 4 مراحل من الانتشار والسيطرة على مناطق ومعسكرات رئيسية في 6 مديريات خنفر، وأحور، ولودر، والوضيع، ومودية، والمحفد.
وخلال شهرين فقط من انطلاق العملية العسكرية، استطاعت القوات القتالية، تأمين 12 ألف و615 كيلومتر مربع وذلك من المساحة الإجمالية لمحافظة أبين البالغة نحو 15 ألف كيلومتر مربع.
المرحلة الأولى
مساء يوم 23 أغسطس/ أيار 2022، أذاعت القوات الجنوبية انطلاق عملية "سهام الشرق" واستهدفت مرحلتها الأولى توحيد القوات العسكرية والأمنية في المقاومة الجنوبية والحزام الأمني وشرطة ومحور أبين.
وتمكنت القوات المشتركة خلال وقت قياسي من فرض السيطرة الأمنية ومكافحة الإرهاب في المناطق المحيطة بـ"العرقوب" وحتى مناطق "الخضر" في إطار مديرية خنفر وصولا إلى مديرية أحور، كبرى مديريات محافظة أبين الساحلية.
وركزت القوات المشتركة خلال هذه المرحلة على تصفية أوكار العناصر الإرهابية والسيطرة على عدد من المخازن والأسلحة والذخائر وأجهزة الاتصالات لا سيما في أودية "الخضر"؛ أحد أوكار تنظيم القاعدة.
كما بدأت في مواجهة مباشرة مع عناصر تنظيم القاعدة في الخط الساحلي في أحور والتوجه صوب أولى معسكرات التنظيم في وادي موجان بمديرية وهو من المعاقل الرئيسية لتنظيم القاعدة الإرهابي.
وفي أول رد على "سهام الشرق"، شنّ تنظيم القاعدة الإرهابي بوسطة 8 عناصر انتحارية، هجوما مباغتا على حاجز أمني لقوات لحزام الأمني في مديرية أحور الساحلية في 6 سبتمبر/ أيلول الماضي، ما خلف 21 قتيلا و18 مصاب من القوات الجنوبية.
الثانية والثالثة
خلافا لتوقعات القاعدة، زاد الهجوم الإرهابي القوات الجنوبية إصرار على استئصال سرطان التنظيم والتي أطلقت خلال وقت قياسي من الهجوم، المرحلة الثانية من عملية "سهام الشرق".
واستهدفت هذه المرحلة التكتيكية مديريتي "الوضيع" و"لودر" وتوجت بالفعل بفرض السيطرة الكاملة على معسكر "عكد" في لودر و معسكر "السرى" بين شقرة ومودية. كما أمنت "مفرق الوضيع" و"عزان" و"وادي النسيل".
وفي المرحلة الثالثة، زحفت القوات الجنوبية صوب مديرية، لتأمين "آل باقيناش" والمدارة" ثم تطويق أكبر معاقل تنظيم القاعدة الإرهابي المتمثل بـ"وادي عومران"، والذي يوصف بأنه "تورا بورا اليمن".
في هذه المرحلة، دافع تنظيم القاعدة باستماتة كبيرة عن معقله، حيث لجأ لتفخيخ الوديان والطرقات وشن في يوم 12 سبتمبر/ أيلول، نحو 4 عمليات تفجير إرهابية بالعبوات الناسفة.
ورغم نجاة مسؤولان عسكريان بأعجوبة من هذه العمليات، إلا أن نحو 18 جنديا سقطوا بين قتيل ومصاب.
وبحسب مصدر أمني لـ"العين الإخبارية"، فإن عملية السيطرة على وادي "عوامران" شرق مودية، انطلقت تحت غطاء ناري مكثف من المحورين الشمالي والجنوبي بعد إحكام سيطرة القوات على بلدتي "شعب شقير" و"الحميمة".
وفي يوم 18 سبتمبر/ أيلول، أعلنت القوات المشتركة رسميا السيطرة على معسكرين للقاعدة بـ "وادي عومران"، قبل توقف العملية لأيام لإغلاق المنافذ الحدودية مع المحافظات لا سيما محافظة البيضاء (وسط).
المرحلة الرابعة
بدأت القوات الجنوبية في 24 سبتمبر/ أيلول 2022، المرحلة الرابعة من عملية "سهام الشرق" واستهدفت تحرير مديرية المحفد شمالي المحافظة المطلة على بحر العرب.
وتوجت هذه المرحلة بتأمين كافة مناطق ومعسكرات المديرية المحفد بما فيه إحكام السيطرة التامة على "وادي الخيالة" و"وادي ضيقة" والانتشار والتموضع في السلسلة الجبلية الممتدة الواصلة لحدود محافظة شبوة.
وبحسب محافظ أبين أبو بكر حسين، فإن الوحدات العسكرية والأمنية للجيش والأمن والحزام الأمني والمقاومة الجنوبية ستبقى في المعسكرات الذي تم إسقاطها وبشكل مستدام بما يحفظ أمن أبين ويمنع عودة الخلايا الإرهابية النائمة للقاعدة.
وأكد المسؤول اليمني أن الجماعات الإرهابية تنطلق وتتحرك من مناطق سيطرة مليشيات الحوثي في محافظة البيضاء غير المحررة صوب جنوب اليمن المحرر بهدف زعزعة الأمن والاستقرار.
سهام الجنوب
انطلقت عملية "سهام الجنوب" في شبوة بعد نحو أيام من انطلاق سهام الشرق وتحديدا في 10 سبتمبر/أيلول الماضي، وحققت خلال مرحلتها الأولى الذي استمرت يومين فقط عديد الأهداف في المحافظة الغنية بالنفط والغاز.
وينظر لعملية "سهام الجنوب" على أنها كانت أكثر دقة وتمتعت بخطة مدروسة نجحت خلالها في استئصال أوكار القاعدة في وادي "سرع" و"الطفه" و"مذاب" في المصينعة بمحافظة شبوة خلال وقت قياسي.
وقال الخبير في الشؤون العسكرية باليمن العميد ركن ثابت حسين صالح إن أهم "نتائج العملية العسكرية على تنظيم القاعدة في محافظتي أبين وشبوة تتمثل في السيطرة على أهم المعسكرات والمواقع التي كانت تتمركز وتنطلق منها القاعدة لتنفيذ العمليات الإرهابية".
لكن الخبير العسكري أكد لـ"العين الإخبارية"، إن السيطرة "لا تكفي وأنه لابد من ملاحقة هذه العناصر الإرهابية، والقضاء عليها وشل قدرتها على معاودة الهجوم، لأنه القاعدة العسكرية العامة في الجيش و الحروب أن السيطرة على الأرض، تكمن في الحفاظ على هذه الأرض وتأمينها تأمينا كاملا من كل النواحي".