سياسة
2022 عام "الغضب المكتوم" في ليبيا.. التعبير قبل التغيير
بين انسداد سياسي وآمال معلقة في الانتخابات وأوضاع اقتصادية صعبة، عايش الليبيون المعاناة مجددا في ٢٠٢٢، رغم وجود آمال في الحل.
وحركت شحنات الغضب من الأوضاع الشعب الليبي عدة مرات خلال عام 2022 على أمل التغيير، إلا أن الأمور لم تحدث تقدما ملحوظا إلى الأمام.
وكانت بداية العام مشحونة بشكل كبير، خاصة مع فشل إجراء الاستحقاق الانتخابي في 24 ديسمبر/كانون الأول 2021، والذي سجل فيه 2.8 مليون ليبي بياناتهم لدى مفوضية الانتخابات للتصويت.
وخرج الآلاف من المتظاهرين الليبيين في المدن الكبرى طرابلس وبنغازي وسبها وطبرق في جمعة "لا لتأجيل الانتخابات" في 24 ديسمبر/كانون الأول 2021، مطالبين بخروج من وصفوهم بـ"المعرقلين للانتخابات"من المشهد.
واحتج المتظاهرون مؤكدين تمسكهم بالموعد الجديد المقترح من مفوضية الانتخابات بإجراء الاستحقاق الرئاسي يوم 24 يناير/كانون الثاني 2022، وهو ما لم يحدث واستمرت المظاهرات وبشكل متقطع إلى هذا الموعد.
هدوء حذر
حاول مجلس النواب الليبي مع المجلس الاستشاري تدارك الأوضاع مع غياب الدور الأممي بعد استقالة المبعوث الأممي السابق يان كوبيتش مطلع ديسمبر/كانون الأول 2021، وتعيين الأمريكية ستيفاني وليامز بمهام استشارية للأمين العام للأمم المتحدة بشأن ليبيا وهو ما لم يعطها القدرة الفعلية على تحقيق تقدم ملموس في هذا الملف.
وفي 30 يناير/كانون الثاني 2022، جرى التصويت على التعديل الدستوري الـ12 والذي اشتمل على عدة ملفات بحاجة للحل للوصول إلى الانتخابات من بينها القاعدة الدستورية للانتخابات وإعادة تشكيل إدارة المفوضية العليا للانتخابات، وهو ما أعاد الهدوء للشارع الليبي قليلا.
غضب حارق
ولم يستمر هذا الوضع كثيرا، حيث عاد الشارع للفوران مع انتهاء أجل خارطة الطريق الأممية دون الوصول إلى الانتخابات، مطلع يوليو/تموز، خاصة مع عودة البلاد للانقسام السياسي برفض الحكومة منتهية الولاية قرار مجلس النواب بسحب الثقة منها وتشكيل حكومة جديدة.
ورغم الحصار الأمني، خرج آلاف الليبيين في جمعة صرخة الشباب 1 يوليو/تموز، في العديد من المدن بينها طرابلس وبنغازي والزاوية ومصراتة وطبرق، مطالبين بالتعجيل بالانتخابات الرئاسية والبرلمانية وحل أزمة الكهرباء، وتوضيح الحقائق للشعب، وخروج جميع القوات الأجنبية والمرتزقة.
وفي محاولة لإفساد المشهد التظاهري، أضرم من وصفهم المسؤولون بـ"المندسين والمأجورين" النار في عدد من المقار الحكومية والرسمية من بين مقر البرلمان الليبي بمدينة طبرق.
ومع ما شهدته البلاد من تخريب وتدمير في هذه المظاهرات والتي استمرت عدة أيام، تم تهدئة المحتجين والدخول في حوار مباشر بين المتظاهرين والمسؤولين، وتمت إعادة الكهرباء المنقطعة، خاصة مع عودة ضخ النفط والغاز بمجرد عزل مصطفى صنع الله من رئاسة المؤسسة الوطنية للنفط، والذي كان قد أعلن حالة القوة القاهرة على الإنتاج وتسبب في نقض توريدات الغاز للمحطات.
مظاهرات متقطعة
ومع توتر الوضع الأمني في العاصمة طرابلس، إثر اشتباكات بين المليشيات الموالية للحكومتين المتوازيتين، عاد الغضب الشعبي للهدوء خشية بطش المليشيات.
ورغم ذلك، شهدت البلاد من وقت لآخر مظاهرات متقطعة غاضبة من الوضع السياسي والاقتصادي.
وانتشرت الوقفات الاحتجاجية والاعتصامات من قبل العديد من الجهات، مطالبين بحقوقهم المسلوبة نتيجة الفساد الإداري وتردي الوضع المعيشي وسطوة المليشيات.
وكان أبرز هذه المظاهرات بعض التجمعات الحزبية والعمالية والنشطاء في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وصلت إلى الحرق وقطع الطرق، في مدينة الزنتان "غرب"، تنديدا بسوء الوضع المعيشي وتردي الخدمات بكافة أنواعها.
كما عمل الليبيون على إعادة صياغة غضبهم وتحويره في حركات سياسية شعبية مطالبة بإنهاء المرحلة الانتقالية والذهاب إلى الانتخابات وحل المليشيات ونزع سلاحها، والقضاء على الفساد، أبرزها حراك "اغضب من أجل الوطن" الذي بدأ في الانتشار بعدد من المدن، ويعمل على جمع توقيعات من المواطنين الليبيين للمطالبة بإجراء تغييرات سياسية واقتصادية، منذ أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وبدأ الحراك يجمع عددا كبيرا من الليبيين، إذ انضم الاتحاد العام لنقابات عمال ليبيا للحراك تنديدا بالأوضاع السياسية والأمنية المتردية في ليبيا، ومطالبا بإجراء الانتخابات.
وحذر الاتحاد العام للنقابات، من أن البلاد قد تصل إلى الإفلاس مع تهميش جميع شرائح الشعب وأولهم العمال الكادحين من ذوي الدخل المحدود.
ولا يزال الليبيون يشعرون بالغضب سعيا للوصول إلى الانتخابات المؤجلة، إلا أن الوضع الاقتصادي وتردي الأوضاع والقبضة الحديدية للمليشيات قيدت طرق التعبير عن هذا الغضب.
وفي ظل الوضع الصعب الحالي وانقسام البلاد بين حكومتين، ينتظر الليبيون تحقيق أي تقدم ملموس في المسارات التفاوضية السياسية والاقتصادية والدستورية والأمنية.