مبادرة "الرئاسي" لحل الأزمة الليبية.. "النجاح المشروط"
عندما تتعقد الأزمات وتسد العقبات أنفاق الحل الضيقة يمكن للمفاجآت أو مبادرات الأطراف الأكثر حيادا، لعب دور إيجابي، لكنه مرهون بآخرين.
وبعد محاولته حل الأزمة عبر المصالحة الوطنية بدأ المجلس الرئاسي الليبي خطوات متقدمة لإيجاد مخرج من الجمود السياسي الحالي.
وتمثل ذلك في مبادرة جديدة أطلقها المجلس الرئاسي الليبي، اليوم الخميس، حمل نفسه فيها دورا أكبر لحل الأزمة السياسية، إضافة لدور يمارسه منذ فترة بعقد لقاءات وحوارات واجتماعات للوصول إلى مؤتمر المصالحة الوطنية الشاملة بين الليبيين.
وتأتي مبادرة اليوم لتحرير الجمود الحاصل في المسار الدستوري المؤدي للانتخابات، التي من المنتظر أن تحل الأزمة الليبية.
ذلك الجمود تسبب فيه إصرار تنظيم الإخوان -عبر ما يعرف بالمجلس الأعلى للدولة- على إقرار قاعدة دستورية تقضي بإقصاء العسكريين ومزدوجي الجنسية من الترشح للانتخابات، فيما يصر مجلس النواب على عكس ذلك وفق مبدأ تكافؤ الفرص بين الليبيين.
تفاصيل المبادرة
ولحل ذلك الخلاف وتسريع وصول البلاد نحو تلك القاعدة الدستورية المؤدية للانتخابات جاءت مبادرة المجلس الرئاسي اليوم، والتي قال عنها في بيان إنها "تهيئ لحوار دستوري كأولوية لإنهاء المراحل الانتقالية، يتضمن المبادرات والأفكار والرؤى التي طرحتها الأحزاب والقوى الوطنية".
وبحسب البيان فإن المبادرة الجديدة التي جاءت "تحت شعار مقاربة المجلس الرئاسي لتجاوز الانسداد السياسي وتحقيق التوافق الوطني"، تتمثل في "عقد لقاء تشاوري بين المجلس الرئاسي وبين مجلسي النواب والأعلى للدولة بالتنسيق مع المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة عبدالله باتيلي".
وتابع البيان أن "المبادرة تأتي اتساقا مع نصوص خارطة الطريق الصادرة عن ملتقى الحوار السياسي الليبي الحاكمة للمرحلة وانطلاقا من المسؤولية الأخلاقية الواقعة على المجلس الرئاسي، وحرصا على إنجاز التوافق بين مجلسي النواب والأعلى للدولة لإصدار قاعدة دستورية تؤسس لانتخابات برلمانية ورئاسية".
إضافة إلى أن المبادرة أيضا وبحسب الرئاسي الليبي "تعالج النقاط الخلافية العالقة في ظل استمرار تعثر إجراء الاستفتاء على مشروع الدستور بموجب التعديل العاشر للإعلان الدستوري واتفاق الغردقة الذي جرى بين المجلسين برعاية الأمم المتحدة واستضافة مصر".
فرص نجاح المبادرة
واستشرافا لمستقبل المبادرة وفرص نجاحها، تحدثت "العين الإخبارية" مع المحلل السياسي الليبي يوسف الفزاني، الذي أكد أن "نجاح المبادرة من عدمها يتوقف على عدة أمور".
الأمر الأول، بحسب الفزاني، يتمثل في موقف أطراف النزاع الليبي من المبادرة، أي أن "ما سيصدر عن مجلسي النواب والدولة الليبيين هو من سيبين فرص نجاحها من عدمه"، حسب قوله.
وأضاف في هذا الشأن "رأي المجتمع الدولي المتمثل في الأمم المتحدة والدول الفاعلة في الأزمة الليبية هو الآخر سيكون عاملا يحدد مصير المبادرة الجديدة".
وتابع "المجتمع الدولي يراهن على المبادرة الأممية المتمثلة في لجنة المسار الدستوري المشكلة من مجلسي النواب والدولة للتوافق على قاعدة دستورية تقود إلى الانتخابات".
ومضى قائلا "إن اعتبرت الأمم المتحدة مبادرة المجلس الرئاسي داعمة للمبادرة الأممية، فسيكون ذلك أمرا جيدا، وإن اعتبرت مبادرة الرئاسي الجديدة مبادرة موازية، فإن الأمور لن تكون بخير".
"الاختراق ممكن"
أما مرعي بن عويشة، أستاذ العلوم السياسية بالجامعات الليبية، فكان أكثر تفاؤلا، حيث قال في حديث مع "العين الإخبارية" إن "فرص نجاح مبادرة المجلس الرئاسي كبيرة".
وعن سبب تفاؤله، أضاف بن عويشة أنه "يعود لعدة أسباب واقعية، أولها أن المجلس الرئاسي يعد الجسم الوحيد المحايد في ليبيا".
وتابع: "المجلس الرئاسي لم يكن يوما طرفا في النزاع الحاصل ولم يكن رافدا لطرف ضد طرف آخر، وحياد المجلس ذاك هو ما سيكون سببا في ثقة الأطراف المتصارعة بمبادرته الجديدة".
وفي سرده لأسباب توقعه نجاح مبادرة الرئاسي، قال الأكاديمي الليبي "إن المبادرة كانت عبارة عن نتاج حوارات سابقة أجراها الرئاسي مع قادة جميع أحزاب ليبيا وكافة مشائخ القبائل جنوبا وشرقا وغربا، أي أن مبادرته نابعة من الليبيين أنفسهم، وبالتالي فهي مدعومة من الليبيين وقابلة للتطبيق والنجاح".
أما آخر أسباب توقعه نجاح المبادرة، والحديث لبن عويشة، فيتمثل في "ثبات خطوات المجلس الرئاسي نحو المصالحة الوطنية، ما يبرهن على إمكانية نجاحه أيضا في المبادرة الجديدة".
وتشهد ليبيا أزمة سياسية خانقة تتمثل في صراع بين حكومتين، الأولى حكومة فتحي باشاغا التي كلفها مجلس النواب مطلع مارس/آذار الماضي، والثانية حكومة الوحدة الوطنية منتهية الولاية برئاسة عبدالحميد الدبيبة الذي يرفض تسليم السلطة إلا لحكومة تأتي عبر برلمان جديد يختاره الشعب من خلال انتخابات مقبلة، لم تفلح البلاد للوصول إليها بعد.