مصطفى صنع الله.. صعود على "أكتاف الريبة" بليبيا
على غرار مسؤولين في ليبيا، يرفض رئيس المؤسسة الوطنية للنفط المقال مصطفى صنع الله تسليم المؤسسة لمجلس الإدارة الجديد.
وبقي صنع الله في المنصب لـ8 أعوام بشكل غير شرعي، جثم فيها على صدور الليبيين الذين يعانون من نقص الوقود وغياب العدالة في توزيعه.
كما رفض جميع محاولات تغييره من قبل وزراء ورؤساء الحكومات المتعاقبة، معتمدا في ذلك على صلاته بالسفارات الأجنبية التي اعترف مرارا أنها تحميه في منصبه.
قرار غير شرعي
في 20 مايو/أيار عام 2014، وفي ظل الانقسام السياسي الذي عانت منه البلاد أسند وكيل وزارة النفط والغاز المكلف بمهام تسيير الوزارة عمر علي الشكماك، مهامَ رئيس المؤسسة الوطنية للنفط لـمصطفى عبدالله صنع الله، وهو القرار الذي لقي استهجانا من الشارع الليبي لمخالفته القانون، إذ كانت تقتصر مهام الوزير المكلف على المهام التسييريه ولا يصح له تغيير المناصب القيادية والسيادية.
وخلال الأعوام الثمانية التي قضاها صنع الله في منصبه تحكم في النفط الليبي وعائداته، ومنع توريد مليارات الدولارات إلى المصرف المركزي، وواجه اتهامات في عدة قضايا فساد، قبل أن يقرر رئيس الحكومة منتهية الولاية عبدالحميد الدبيبة إقالته قبل أيام.
من هو صنع الله؟
مصطفى صنع الله مواطن ليبي من أصل تونسي، حاصل على بكالوريوس هندسة كيميائية من جامعة طرابلس (الفاتح سابقا) عام 1985، والتحق بعدها للعمل بشركة راس لانوف فى مصنع الإيثيلين، إلى أن تم تجميده وإيقافه عن العمل بها بسبب سلوكه المشين عام 2009.
وجاء الإيقاف بسبب ما عرف حينها بقضية التآمر والتواصل مع جهات أجنبية، لينتقل إلى العمل في مصنع الأسفلت حتى قيام ثورة فبراير/شباط 2011.
ولم يعرف لصنع الله أي خبرات في أي مؤسسات أخرى تؤهله لتعيينه فيما بعد رئيسا للمؤسسة الوطنية للنفط، حيث تقتصر خبرته على العمل بشركة راس لانوف، وأتيحت له هذه الوظيفة فقط بعد سحب أغلب الخبرات الأجنبية بسبب مشاكل النظام السابق مع أمريكا وأوروبا.
إقالته من الشركة
وتروي المصادر أن سبب إقالة صنع الله من شركة راس لانوف هو عمله على عقد الصفقات مع الجهات الأجنبية، حيث دخل في صراع مع محمد عبدالرحيم أحميد القذافي مدير الشركة، والذي تقدم بشكوى ضده إلى الجهات المختصة.
وبعد وضعه على قائمة التنصت الهاتفية هو وعدة شخصيات أخرى وجهت السلطات له مع آخرين اتهامات بإحداث الحريق في الخزانات في راس لانوف عام 2001، وتعمد إحداث أخطاء فنية متكررة في المواصفات للمواد والإنشاءات، والتآمر على لجنة إدارة الشركة لتحقيق مصالح شخصية.
عودته للمشهد
في أعقاب قيام ثورة الـ17 من فبراير/شباط عام 2011، استغل صنع الله حالة الغضب الشعبي وأبلغ رئيس المجلس الانتقالي مصطفى عبدالجليل عبر شخصيات مقربة منه، أنه كان من معارضي النظام السابق.
ومن ثم عاد صنع الله للمناصب الإدارية وبدأ في مشوار التودد إلى المسؤولين حتى تعرف على الترهوني الذي رشحه لعضوية مؤسسة النفط.
وظل صنع الله في صورة الحمل الوديع إلى أن تم انتخاب المؤتمر الوطني ووصول تنظيم الإخوان إلى السلطة، حيث انقلب علي كل من سانده وبدأت قراراته تميل إلى صالح الجماعة التي حاول استرضاءها واستمالتها من خلال تعيين الموالين لهم في المناصب بشكل أحادي.
دعم الإرهاب
وبتحكمه في النفط الليبي أنفق صنع الله من عائداته حيث يشاء، وتورط في دعم الجماعات التكفيرية المعروفة بالدروع في كافة مدن ليبيا.
ورغم رفضه إيداع عائدات النفط في المصرف المركزي إلا أنه سيل 900 مليون دينار ليبي عام 2014، وفقا لقرار رئيس ما يعرف بالمؤتمر الوطني حينها نوري بوسهمين، بدون التصويت عليه من أعضاء المؤتمر الوطني.
وفي عام 2017، فوجئ الليبيون بقرار رئيس حكومة الوفاق غير الدستورية بتقاسم مهام وزارة النفط مع المؤسسة، ونقل بعض اختصاصات الوزارة إليها بالمخالفة للقانون، في محاولة لاستمالة صنع الله إلى صف الحكومة.
وبالفعل، سمح صنع الله للحكومة بالتوغل في المال الليبي من خلال اعتماد الاستثمارات الأجنبية في القطاع وتسعير النفط وغيرها من النقاط الواردة في الوثائق المرفقة بالتقرير، والتي لاقت اعتراضا من عدد من المسؤولين، من بينهم علي القطراني عضو المجلس الرئاسي للحكومة ذاتها في حينه.
واستمر صنع الله في دعم الجماعات الإرهابية بشتى الطرق، بما في ذلك الدعم المباشر من خلال نقل مصابي المليشيات والجماعات الإرهابية إبان حرب طرابلس 2019 عبر طيران المؤسسة الوطنية للنفط للعلاج بالخارج، رغم مناداته مرارا بتجنيب المؤسسة وأصولها الصراع السياسي.
وتثبت وثائق وصلت لـ"العين الإخبارية" أن صنع الله كان قد أذن للطيران النفطي بشكل مكثف، بنقل جرحى مجهولين تابعين لجماعات مسلحة مختلفة سقطوا في المواجهات ضد الجيش في طرابلس.
وخلال إجازة عيد الأضحى المبارك قبل أيام، أقال رئيس الحكومة منتهية الولاية عبدالحميد الدبيبة صنع الله، مستغلا وجوده خارج ليبيا لأداء فريضة الحج.
وبحسب القرار، فإن الدبيبة عين مجلس إدارة جديد للمؤسسة الوطنية للنفط برئاسة فرحات بن قدارة، وهو آخر محافظ للبنك المركزي في عهد معمر القذافي، كما شكل بموجب القرار ذاته لجنة للاستلام والتسليم.
aXA6IDMuMTQ3LjM2LjEwNiA= جزيرة ام اند امز