مصريون يحرقون دمية "الإرهاب" في شم النسيم
فنان مصري يصنع "دُمى" للإرهابيين بعد حادثتي الكنيستين، في تطوير لشكل دمية "اللنبي" التي ارتبطت صناعتها وحرقها لدى المصريين بشم النسيم
بوجوه خلت من الإيمان، وملامح لم تختلف عن منفذي حادثتي تفجير الكنيستين المصريتين، الأسبوع الماضي، نجح فنان مصري في تجسيد 8 إرهابين، على هيئة دُمي، 4 منهم يحملون الرشاشات فيما ارتدى البقية أحزمة ناسفة، ليدور بينهم حوار على أحد مسارح بورسعيد، شمال شرقي البلاد، في تطوير لشكل الدمية التي ارتبطت صناعتها وحرقها لدى المصريين بموسم شم النسيم، من كل عام.
واعتاد المواطنون في مدن القناة الثلاث من الجنوب إلى الشمال (السويس، الإسماعيلية، بورسعيد) منذ أكثر من 98 عامًا، إشعال النيران في عرائس مصنوعة من القماش والورق، يطلقون عليها "اللنبي"، نسبة إلى اللورد "إدموند ألنبي"، الضابط البريطاني الذي أشعل غضب المصريين ضده، فما كان منهم سوى صنع دمية كبيرة ترمز له وأحرقوها كسخرية ورفض له.
ويقول الفنان التشكيلي "محسن خضير"، ويلقبه المواطنون في بورسعيد بمؤسس صناعة الدمي لبوابة "العين" الإخبارية،: قررت هذا العام أن أصنع الدمي على شكل إرهابيين، خاصة أننا اعتدنا حرق هذه الدمي في الماضي.. فكان أجدادنا يصنعونها ليقولوا لا لللنبي ونحن الآن نصنعها لنقول لا للإرهاب.
يتابع خضير الذي اتخذ قراره بعد حادثتي الكنيسيتين المصريتين (مارجرجس بطنطا والمرقسية بالإسكندرية) الأسبوع الماضي، لبوابة "العين": قبل الحوادث الأخيرة، كنت أفكر أن تكون الدمي تجسيدًا لارتفاع الأسعار، فكل عام أفكر في رسالة تمس حياتنا.. وبعد توالي أحداث التفجيرات لم أجد رسالة أسمى من رفض الإرهاب فقررت صنع نصف الدمي عن موضوع الإرهاب.
ورغم قرار خضير بعدم حرق هذه الدمي التزامًا بحالة الحداد، التي تشهدها البلاد على أرواح ضحايا الكنيستين، غير أن عشرات الشباب والأطفال، أحرقوا دُمي "اللنبي"، عشية الاحتفال بأعياد الربيع، في استعادة لعادة أجدادهم وهو ما يقول عنه "خضير": حرق الدمية رمز للتخلص من الفساد والطغيان.
وبدلًا من الحرق، يقدم الفنان المصري الدمي التي يصنعها من فوم وحديد وكارتون، في عرض مسرحي طوال فترة احتفالات أعياد الربيع، ويكتب لافتات تحمل ما يشبه السيناريو "الحوار"، والتي يلصقها على الدمي التي عادة ما ترتدي ملابس وباروكة شعر، لتكون أقرب إلى الشخصيات المقصودة.
"لما أروح أفجر كمين عشان أخد شنطة الدولارات التي اتفقت عليه".. "انت ليه بتفجر نفسك لو كان التفحير هيدخل الجنة كان اللي قالك، فجر نفسه هو عشان يدخل الجنة.. بيضحكوا عليك".. جزء من جمل الحوار التي ألفها خضير، بهدف تسليط الضوء على كيفية تجنيد التنظيمات الإرهابية للشباب، في محاولة لمكافحة الظاهرة، على حد قوله.
من جانبه، يروي مؤرخ التراث الشعبي محمد بيوض، لبوابة "العين" الإخبارية، تاريخ دمية "اللنبي"، بقوله: اللورد البريطاني الذي وصل مصر في يونيو/حزيران 1917، كان مشهورًا وسط المصريين بقسوته حتى أنه حال دون توديعهم لسعد زغلول، ما جعلهم في حالة غليان، وقرروا أن يقوموا بمظاهرة، يحرقوا فيها اللنبي لكنه كان قد غادر حينها.
يتابع بيوض: ثم عاد بعدها لمصر وعام 1923 قرر الرجوع إلى إنجلترا، فقرر المصريون توديعه بشكل ساخر، رافعين دمية من القش ترتدى الزي العسكري المشابه له، قبل أن يحرقوها وسط ميدان محي علي الشهير بمحافظة بورسعيد.
وأوضح المؤرخ المصري أنه منذ ذلك الحين وتحولت الدمية إلى رمز للشخصيات التي تقف ضد الجموع الشعبية، فيحرقونها كل عام في نفس التوقيت، والذي يتزامن مع أعياد الربيع، لافتًا إلى أنها لا ترتبط بالشخصيات فحسب وإنما تناقش ظواهر في كثير من الأحيان، مثل الإرهاب هذا العام.
وتخوض فيها مصر حربًا ضد الإرهاب، وصلت أشدها الأسبوع الماضي، بمقتل نحو 47 شخصًا وإصابة العشرات في تفجيرات نفذها انتحاريون بكنيستي طنطا والإسكندرية فصلت بينهما ساعات معدودة.