بكأس مر وبيض ملون.. مسيحيو العراق يحتفلون بعيد القيامة
منذ ساعات الصباح الأولى، تتلقى دانيا متى التبريكات والتهاني من الأهل والأقارب ومن سكان الحي، بمناسبة عيد الفصح، فيما كانت تنشغل بتوزيع أطباق الحلوى وتبادل الأمنيات مع المهنئين في أن يحفظ العراق ويعيد الأمن والاستقرار لشعبه.
تهم السيدة الخمسينية متى، بالتحضير للمشاركة في قداس الاحتفال عند كنيسة "الوردية"، القريبة من محل سكنها بمنطقة الكرادة وسط العاصمة بغداد، بعدما قضت ليلة في تلوين البيض تمهيداً لتحطيمه إيذانا بقيامة السيد لمسيح كما هو معمول به في طقوس الاحتفال من كل عام.
وبيض الفصح هو تقليد احتفالي قديم، حيث كانت البيضة ترمز إلى بداية الحياة على سطح الأرض حسب المعتقدات.
وتقول متى "ضمن التقليد الأرثوذكسي المسيحي فإن القديسة مريم المجدلية كمواطنة رومانية ذهبت إلى قيصر في روما لرفع احتجاجها على صلب المسيح، وشرحت قصة محاكمة المسيح وصلبه وقيامتة، عندها أوقفها القيصر وقال لو أن البيض يصير بلون أحمر أصدق أن المسيح قام من الأموات، عندها أخذت بيضة وقالت إن المسيح قام فتحول لون البيض إلى أحمر".
وتشير متى، إلى أن "الفصح، أو ما يسمى أيضا بالقيامة، من أهم الأعياد وأعظمها عند المسيحيين الذين يحرصون على المشاركة في إحيائه بأكبر قدر ممكن ولكن ظروف الجائحة العالمية عطلت من تحاشد المحتفلين في الكنائس والكاتدرائيات".
وتستدرك بالقول، إنها، ومنذ أمس، تتبادل التهاني مع الأقارب والأهل بهذه المناسبة وإن الأمر لم يقتصر على أبناء المكون المسيحي فقد استقبلت التبريكات من قبل بعض الجيران في منطقتها من المسلمين وهو ما يؤكد عمق التعايش بين أبناء الشعب العراقي الواحد".
وبشأن العادات والطقوس التي تكتنف ذلك العيد، توضح السيدة المسيحية، أنه جرى في تقليد عائلي عمل الأكلة العراقية الشهيرة "الباجة"، وتحضير "الكبة"، بعد أن يجتمع الأهل والأبناء عند ذلك العيد.
وإلى شمال العراق، حيث قضاء قراقوش ذو الأغلبية المسيحية، عند محافظة نينوى، تجمع المئات من أبناء المكون عند كنائس عدة لإحياء قداس الفصح وتأدية طقوس الاحتفال.
ويرفع ثابت ميخائيل، كفه متضرعاً أن تجتمع المحبة والسلام والاستقرار في البلاد وأن يعود العراق معافياً كسابق عهده.
يخبرنا ميخائيل، الذي يسكن عند إحدى مناطق سهل نينوى، أن الاحتفال ورغم تداعيات جائحة كورونا والقيود المفروضة على التجمعات، أحياه المئات من أبناء المكون المسيحي.
يقول ميخائيل، إن أبناء المكون يستبقون الاحتفاء بعيد الفصح بنحو 4 أسابيع ضمن ما يعرف "آلام السيد المسيح"، وكذلك طقوس أخرى من بينها طقوس "غسل أقدام التلاميذ".
وعند عيد الفصح كما يوضح ميخائيل، وخلال الاحتفال، يتم توزيع الشراب "المر"ـ على المحتفين ـ والذي يستحضر من نباتات عدة، في إشارة إلى الكأس الذي سقي إلى السيد المسيح قبيل أن يتم صلبه.
سمير كولان، رسام من المكون المسيحي، جاء قادما من السويد إلى قضاء قراقوش للمشاركة في عيد القيامة وتأدية الصلوات.
ويلفت كولان، خلال حديثه لـ"العين الإخبارية"، إلى أنه "اعتاد ومنذ سنوات الحضور من أرض المهجر إلى العراق لإحياء مراسم الاحتفال في كنائس سهل نينوى، لما توفره من مكانة روحية ونفسية فضلاً عن القرب من الأهل والأحبة ومشاطرتهم الفرح والمسرات بذلك العيد".
ويحتفل المسيحيون كل عام بعيد القيامة المجيد الذي يبدأ التحضير له ببدء الصوم الكبير وهو عبارة عن 55 يوما .مقسم إلى ثمانية أسابيع كل أسبوع يطلق عليه اسم وهو قريب بذلك من عيد الفطر لدى المسلمين، ويعرف عيد الفصح بأسماء عديدة أخرى أشهرها عيد القيامة والبصخة.
ويعد ذلك العيد من أكبر وأعظم المناسبات التي يستذكر فيه قيامة المسيح من بين الأموات بعد ثلاثة أيام من صلبه وموته كما هو مسطور في العهد الجديد، وفيه ينتهي الصوم الكبير، ويبدأ زمن القيامة المستمر في السنة الطقسية.