المكاسب الكبرى لتحويل "غاز شرق المتوسط" لمنظمة دولية.. خبراء يشرحون
تحول المنتدى إلى منظمة إقليمية يفتح الطريق أمام تشكيل تحالفات اقتصادية وسياسية تعيد توازنات القوى بشرق المتوسط
شهدت العاصمة المصرية القاهرة، الثلاثاء، توقيع 6 وزراء بدول شرق المتوسط اتفاقية تحويل منتدى غاز شرق المتوسط إلى منظمة إقليمية، في خطوة وصفها الخبراء بأنها تفتح المجال أمام حماية ثروات أعضاء المنظمة ضد الأطماع التوسعية للرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي باتت دولته أكثر عزله الآن.
والدول الست التي قامت بالتوقيع هي مصر وإسرائيل وقبرص واليونان وإيطاليا والأردن.
وبحسب الخبراء فإن منظمة غاز شرق المتوسط أصبحت تتخذ إطارا قانونيا قويا يُمكنها من لعب دور أوسع في إبرام تحالفات اقتصادية وسياسية للدفاع عن حقوق الدول الأعضاء.
ليس هذا فحسب، بل إنها ستعيد تشكيل توازنات القوى في المنطقة، وتضع حدا لأعمال التنقيب غير الشرعية التي تقوم بها أنقرة.
وأكد الخبراء أن دور المنظمة سيتسع في مناقشة قضايا الغاز الإقليمية والعالمية من حيث المشاركة في آليات العرض والطلب والتسعير والبنية التحتية وخطوط نقل الغاز.
وتهدف المنظمة لإنشاء سوق إقليمية للغاز وترشيد تكلفة البنية التحتية وتقديم أسعار تنافسية.
وصرح وزير البترول المصري طارق الملا، عقب التوقيع، بأننا نستهدف من منظمة غاز شرق المتوسط الاستغلال الاقتصادي الأمثل للاحتياطيات الدولية من هذا المورد الحيوي باستخدام البنية التحتية في جميع الدول.
وتابع: سنهتم في منظمة غاز شرق المتوسط بتعزيز التعاون وتنمية حوار سياسي منظم ومنهجي بشأن الغاز الطبيعي في المنطقة بالكامل، ودفع عجلة السلام الشامل في المنطقة.
وأكد الملا أن الولايات المتحدة الأمريكية أعربت عن رغبتها في المشاركة كمراقب بمنتدى غاز شرق المتوسط، وفرنسا ترغب في الانضمام كعضو فاعل.
وتأسس منتدى غاز شرق المتوسط في يناير/كانون الثاني 2019 ويقع مقره الرئيسي في القاهرة.
2020 علامة فارقة
قال الدكتور محمد مجاهد الزيات، المستشار بالمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، إن عام 2020 شهد تطورا ملموسا في اتخاذ منتدى غاز شرق المتوسط إطارا مؤسسيا فاعلًا في التفاعلات السياسية والأمنية في منطقة شرق المتوسط، ويتوج المنتدى جهوده بتوقيع اتفاقية التحول إلى منظمة إقليمية مقرها القاهرة.
وأوضح الزيات أن أهمية هذه الخطوة الحيوية تكمن في وضع أساس قانوني قوي، يجمع بين العديد من الدول المطلة على البحر المتوسط، وهي مصر وقبرص واليونان وإسرائيل وإيطاليا والأردن والسلطة الفلسطينية.
توقيت بالغ الأهمية
كما أشار الزيات إلى أن توقيت توقيع الاتفاقية بالغ الأهمية، لكونها تأتي في وقت تشهد فيها منطقة شرق المتوسط تصعيدا بين تركيا والدول الأوروبية كنتاج للسياسات الاستفزازية لأردوغان تجاه اليونان وقبرص، والقيام بأعمال تنقيب غير مشروع في المنطقة يتحدى جميع القواعد القانونية والأعراف الدولية لاحترام سيادة وحقوق الدول.
وتقدر احتياطيات شرق المتوسط من الغاز بأكثر من 320 تريليون قدم مكعب.
تعاون أوسع
وهناك العديد من الدلالات التي طرحها الزيات لأهمية تحول المنتدى إلى منطقة إقليمية، في مقدمتها تأسيس منظمة متخصصة في إدارة قضايا الغاز في شرق المتوسط، عبر آليه واضحة ترتكز على على مشاركة أعضائها في البحث عن مجالات التعاون المختلفة.
وتابع "سيكون هناك مجال لتبادل الخبرات بين الدول الأعضاء، والتعاون بين شركاتها في مجال التدريب، وإعداد وتأهيل الكوادر المتخصصة".
تغيير التوازنات وعزل تركيا
وتفتح الصيغة القانونية للعلاقات بين دول المنطقة في إطار عمل المنظمة الباب لتوثيق ودعم التحالف بين الدول المشاركة، ما يطرح فرص صياغة تحالف إقليمي سياسي جديد، بإمكانه تغيير توازنات القوى السائدة في المنطقة.
وأكد الزيات أن المنظمة تعمل على الالتزام باحترام حقوق الدول الأعضاء ورعايتها بما يتفق مع القانون الدولى، ما سيوفر مناخا إيجابيا يدعم الاستقرار والأمن في شرق المتوسط.
وأضاف أن التعاون على هذا النحو يعني انعزال تركيا عن المشاركة حاليا، وربط أي دور لها في المنطقة بقبول الأطراف المشاركة لعضويتها.
لعب دور أكبر بسوق الغاز
من جهة أخرى، تسمح المنظمة بخلق تكتل إقليمي قوي من دول الشرق الأوسط والدول الأوروبية سيكون أمامه مجالات أكبر للعب دور فعال في سوق الغاز الطبيعي العالمي.
وهو ما أشار إليه الزيات حيث إن المنظمة سيكون لها دور في قضايا الغاز إقليميا ودوليا من حيث التسعير وشبكة البنية التحتية وأنابيب نقل الغاز، والعرض والطلب سواء فيما بينها أو عالميا.
دعم لمصر
من جهته، قال أسامة كمال، وزير البترول المصري الأسبق، إن الهدف الرئيسي من هذا التكتل الإقليمي الذي يحظى بدعم دولي هو تنسيق السياسات الخاصة باستغلال الغاز الطبيعي بما يحقق المصالح المشتركة لدول المنطقة.
وأكد أن اختيار القاهرة مقرا للمنظمة يأتي تقديرا للجهود التي بذلتها مصر لتأسيس كيان يدافع عن مصالح دول الأعضاء، يعزز توجه مصر نحو التحول لمركز إقليمي لتداول الطاقة، والاستفادة من بنيتها التحتية.
وتمتلك مصر مقومات هائلة للعب دور فعال في سوق الطاقة العالمي، إذ تمتلك مصانع لإسالة الغاز على شاطئ البحر المتوسط في إدكو ودمياط، وجارٍ الإعداد لتدشين خط أنابيب بحرى مباشر بين مصر وقبرص لنقل الغاز من حقل أفروديت القبرصي، وإعادة تصديره عبر مصر.
هذا فضلا عن اكتشفات الحقول الضخمة في مصر وأبرزها حقل ظهر بشرق المتوسط الذي يضم احتياطيات تقدر بنحو 30 تريليون قدم مكعب غاز.