التعاون الاقتصادي في شنغهاي.. الصين وشركاؤها يرسّخون أسس النمو المستدام

أفاد مسؤولون وخبراء بأن الصين تعمل ضمن آلية منظمة شنغهاي للتعاون على تسريع التجارة والاستثمار بهدف توسيع شراكاتها في مجالات البنية التحتية والرقمية والتكنولوجيا الخضراء في جميع أنحاء أوراسيا، بحسب ما نقلت صحيفة تشاينا ديلي.
ويضم هذا التجمع، الذي يضم الصين وروسيا ودول آسيا الوسطى إلى جانب مشاركين آخرين، سوقًا يقترب عدد سكانها من 3.5 مليار نسمة، ويشير الخبراء إلى أن المشاركة الاقتصادية لبكين تمتد اليوم من الطاقة والمعادن التقليدية إلى الخدمات اللوجستية والرقمية والصناعات الخضراء.
وأكدت غالينا كوليكوفا، النائبة الأولى لرئيس جمعية الصداقة الروسية الصينية (RCFA)، أن نهج الصين داخل منظمة شنغهاي للتعاون يرتكز على "الشراكة المتساوية والمنفعة المتبادلة"، مضيفة أن بكين ليست مُموّلًا فحسب، بل محفز للنمو الاقتصادي المستدام الذي يحترم سيادة كل شريك ومساره التنموي.
وأضافت أن التزامات الصين بفتح سوقها المحلية، وتسهيل التجارة، ودعم مشاريع البنية التحتية والربط، قد خلقت فرص نمو ملموسة لجميع الأعضاء، مشيرة إلى أن جدول أعمال بكين يشمل تبادل الخبرات التنموية، وتعزيز نقل التكنولوجيا في الاقتصاد الرقمي والصناعات الخضراء، ودعم بناء القدرات في الاقتصادات الأقل نموًا.
وأكدت كوليكوفا، الحائزة على وسام الصداقة الصيني عام 2019، أن بكين تُظهر التزامها ببناء مجتمع ذي مستقبل مشترك للبشرية داخل منظمة شنغهاي للتعاون، مشددة على أن التركيز المستمر على التعاون الاقتصادي المربح للطرفين يسهم في تهيئة الظروف اللازمة لتحقيق الرخاء المشترك.
من جانبه، قال سيرجي سوفيروف، كبير استراتيجيي الاستثمار في شركة أريكابيتال لإدارة الأصول بموسكو، إن نطاق المنظمة الجغرافي وعدد سكانها يدعمان إمكانات هائلة في مجالات البنية التحتية للنقل، والتجارة المتبادلة، والاستثمار عبر الحدود، والمعاملات المالية، إلا أن هذه الإمكانات لم تُستغل بالكامل بعد.
وأضاف أن تحويل العلاقات السياسية الإيجابية إلى تكامل تجاري أعمق يتطلب تعزيز آليات التعاون، بما في ذلك الهياكل المالية والمصرفية والاستثمارية المتخصصة، ومواءمة التشريعات الاقتصادية، والتمويل المشترك للبنية التحتية ذات الأولوية، وإقامة مشاريع مشتركة "من تصنيع السيارات إلى تكنولوجيا المعلومات".
وأشار لي شيوينان، أستاذ المالية ومدير مركز أبحاث السياسات الصناعية الصينية في كلية تشيونغ كونغ للدراسات العليا للأعمال (CKGSB)، إلى أن الأجندة الاقتصادية لمنظمة شنغهاي للتعاون ركزت خلال السنوات الأخيرة على النقل والخدمات اللوجستية، وتنسيق سلاسل الصناعة والتوريد، والتجارة الرقمية، والتعاون الأخضر في مجال الطاقة.
وأوضح أن التجارة الثنائية بين الصين والدول الأعضاء وصلت إلى مستويات قياسية، وتشكل الآن حصة متزايدة من الناتج الاقتصادي لكل من الصين والشركاء. وأشار إلى أن إنشاء "منصة عملية" للقضايا الاقتصادية وإنشاء آليات التعاون التجاري الثنائي بتوجيه من الصين عزز التوافق على المستوى دون الوطني والمنفعة المتبادلة، مع وجود مجال كبير لمزيد من التجارة الثنائية، خاصة مع دول مثل كازاخستان وأوزبكستان وباكستان.
وقال ليو هواكين، الباحث في الأكاديمية الصينية للتجارة الدولية والتعاون الاقتصادي، إن حجم التجارة بين الصين والدول الأعضاء والمراقبة وشركاء الحوار بلغ 890.3 مليار دولار أمريكي في 2024، بما يمثل 14.4% من إجمالي تجارة السلع الصينية، ما يعكس تنوع التجارة الخارجية للصين وجهود التكامل التي يبذلها التكتل.
وأظهرت بيانات الوزارة أن إجمالي استثمارات الصين في اقتصادات الدول الأعضاء والمراقبة وشركاء الحوار تجاوز 140 مليار دولار بنهاية 2024، بينما تجاوزت قيمة عقود الهندسة الخارجية المبرمة حديثًا تريليون دولار، بإجمالي مبيعات يزيد عن 680 مليار دولار. كما أصبحت الصين أكبر مصدر استثماري منفرد لقيرغيزستان وأوزبكستان وطاجيكستان، وخامس أكبر مصدر لكازاخستان، مع توسع الاستثمار ليشمل الصناعات الزراعية والطاقة الخضراء وتصنيع السيارات والخدمات اللوجستية.
من جهتها، قالت غولنار شايميرجينوفا، مديرة مركز دراسات الصين في كازاخستان، إن الصين تلعب دورًا حيويًا في تعزيز الأمن الإقليمي والتنمية المشتركة من خلال منصات متعددة الأطراف مثل مبادرة الحزام والطريق ومنظمة شنغهاي للتعاون، مع دمج التقدم التكنولوجي بالتراث التقليدي، ما يوفر خبرة قيّمة في الحوكمة الحضرية لدول المنظمة الأخرى.
وأضاف الخبراء أن التعاون المالي يتوسع عبر ترتيبات تبادل العملات المحلية ومبادرات التسوية، فيما تعزز البنوك الإقليمية علاقاتها، ويواصل نظام الدفع الرقمي الصيني، مثل WeChat Pay وAlipay وخدمات Ant Group، توسيع انتشاره في دول آسيا الوسطى، بما يسهل خفض تكاليف المعاملات ويعزز الاستقرار المالي.
ويرى المحللون أن تحسين مؤسسات التعاون، بما في ذلك أدوات الاستثمار المتخصصة واللوائح الموحدة، سيساعد على تحويل الإمكانات الاقتصادية إلى مشاريع مُنفذة، لا سيما في الخدمات اللوجستية العابرة للحدود وممرات السكك الحديدية وتجمعات التصنيع، بما يسرع من تقسيم العمل الإقليمي ويعزز تكامل سلاسل التوريد، ويهيئ "ظروف الرخاء المشترك" لجميع الأعضاء.