العزلة تحرم اقتصاد إيران من استثمارات مهولة.. فاتورة "قاسية"
تتفاقم فاتورة العزلة الاقتصادية التي تعيش فيها إيران منذ عقود ماضية، حتى تصاعدت حدتها مع العقوبات الأمريكية الأخيرة في 2018.
كشفت دراسة حديثة صادرة عن مركز المستقبل للأبحاث والدراسات الاستراتيجية، والذي يتخذ من أبوظبي مقرا لأنشطته، عن حجم الخسائر القاسية التي تكبدها الاقتصاد الإيراني.
وأوضحت أن التقديرات تشير إلى تسبب العقوبات الأمريكية في حرمان إيران من استثمارات أجنبية مباشرة تبلغ 120 مليار دولار.
خسارة 80% من إيرادات النفط
وأضافت الدراسة أن الاقتصاد الإيراني خسر أكثر من 80% من إيراداته النفطية، لاسيما بعد أن استأنفت الولايات المتحدة عقوباتها النفطية، وتحديدا في النصف الثاني من 2018.
وبعد أن كانت إيران تصدر نحو 2.2 مليون برميل يوميا قبل العقوبات الأخيرة، تهاوت صادراتها في بعض الفترات إلى أقل بكثير من مليون برميل، وذلك بالتزامن مع تراجع أسعار النفط العالمية نتيجة جائحة كورونا، ما فرض ضغطا مضاعفا على إيرادات طهران من صادرات النفط.
وتشير الدراسة إلى أن إيرادات إيران النفطية تراجعت إلى قرابة 11 مليار دولار في 2020، هبوطا من مستوى 67 مليار دولار سنويا قبل العقوبات.
العجز عن تحصيل قيمة الواردات
ولفت مركز المستقبل إلى أمر في غاية الأهمية، وهو أن قدرة إيران على تحصيل إيراداتها من الصادرات النفطية بات أمرا صعب المنال في السنوات الأخيرة، في ظل العقوبات التي فرضتها إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب على جميع التعاملات المالية مع إيران.
- إيران والموازنة والحرس الثوري.. ورقة جديدة في دفتر الفشل
- من هو الرابح الأكبر في معركة بايدن مع إيران؟
- موجة احتجاجات عمالية في إيران ضد الفساد والتشريد
وقد أسفرت هذه القيود عن تراكم تلك الإيرادات في الخارج، وهناك تقديرات تشير إلى أنها تصل إلى نحو 70 مليار دولار.
وأكدت المذكرة البحثية أن تراكم الإيرادات تسبب في مشاكل أخرى لإيران مع الدول المستوردة لنفطها، وتجلى ذلك في توتر العلاقات بين إيران وكوريا الجنوبية، حتى وصل الأمر إلى احتجاز طهران لناقلة نفط كورية، من أجل الضغط على الحكومة الكورية لتسديد المدفوعات المتأخرة.
وتشكل إيرادات تصدير النفط 80% من إجمالي صادرات لإيران، وحوالي 60% من الإيرادات العامة للدولة.
تعقد الوضع الإيراني
وتطرقت دراسة مركز المستقبل إلى مرحلة ما بعد ترامب وانتقال السلطة إلى جو بايدن، إذ أوضحت أن الرئيس الأمريكي الجديد لم يبد أي إشارات بشأن تغيير توجه بلادة نحو إيران، وتحديدا فيما يتعلق بالعقوبات.
وأكدت أنه حتى إنه حتى في حالة عودة الولايات المتحدة للاتفاق النووي ضمن مجموعة "5+1"، فإن تلك العودة ستستغرق الكثير من الوقت، كما أن أي تحرك سيكون بناء على قواعد ومعطيات جديدة تماما عن نظيرتها التي قام عليها الاتفاق في عهد الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما.
وتابعت الدراسة: "هناك العديد من المعطيات تشير إلى أنه من المرجح أن يُبقِي بايدن على العقوبات طوال فترة تفاوضه مع إيران بشأن الاتفاق النووي، هذا مع افتراض حدوث هذا التفاوض من الأساس".
كما لفت مركز المستقبل إلى أن هذه العقوبات فرضت واقعا جديدا ليس من السهل تغييره، سواء على المستوى الداخلي الأمريكي، بمختلف ملفاته السياسية أو الاقتصادية، أو على المستوى الدولي، وخاصة فيما يتعلق بتأثير وجود أو إزالة تلك العقوبات على العديد من الأسواق الدولية، وعلى رأسها أسواق النفط.
طبيعة العقوبات
وتشمل العقوبات الأمريكية على إيران العديد من القطاعات والكيانات والأشخاص، على وفي المقدمة قطاع النفط والتحويلات المالية المتعلقة الخاصة بالقطاع والتحويلات والتعاملات المالية لمؤسسات أجنبية مع البنك المركزي الإيراني.
وامتدت القيود إلى مشتريات الحكومة الإيرانية من النقد الأمريكي، والتحويلات المالية بالريال الإيراني، وتجارتها في الذهب والمعادن الثمينة الأخرى.
وتغطي العقوبات معادن الجرافيت والألومنيوم والحديد والفحم وبرامج كمبيوتر تستخدم في الصناعة، وأنشطة تتعلق بأي إجراءات مالية لجمع تمويلات تتعلق بالدين السيادي الإيراني.
وشملت القيود قطاع السيارات في إيران، ومشغلي الموانئ الإيرانية والطاقة وقطاعات النقل البحري وبناء السفن.