طائفية الحوثي.. مد إيراني مقيت يُنكّل بالمذاهب الدينية
تكرس مليشيات الحوثي أساليبها الطائفية داخل المجتمع اليمني، ضاربةً عرض الحائط بقرون من التعايش وتداخل المذاهب الدينية منذ أكثر من ألف عام.
ومنذ سيطرتها على صنعاء وانقلابها على الشرعية المعترف بها دولياً، مضت المليشيات تؤسس لنظامٍ طائفي يعصف بالتماسك الاجتماعي في البلاد؛ تماشيًا مع منهجها وسياستها الإقصائية والإرهابية.
وبحسب خبراء فإن الانقلاب الحوثي يقوم على أساس إقصائي، لا يقبل الآخر، حتى وإن كان هذا الآخر قريبًا من مذهبهم "الزيدي"، الذي كانت المليشيات تزعم اعتناقه.
لكن أساليب الحوثيين، وآلة قمعهم طالت مؤخرًا أئمة وخطباء مساجد مدينة صنعاء، ينتمون لهذا المذهب، ما يؤكد تخليهم عن "الزيدية" التي ظلتْ متعايشة مع بقية المذاهب الدينية الأخرى في اليمن لأكثر من 10 قرون.
وتجلى ذلك في قيام مكتب الأوقاف في مدينة صنعاء، الخاضع لسيطرة الانقلابيين باستبعاد عدد من أئمة المساجد والخطباء المحسوبين على المذهب الزيدي، وتعيين آخرين من المذهب الجارودي الإيراني.
وأشار مواطنون يمنيون في العاصمة المختطفة لـ "العين الإخبارية"، إلى أن المليشيات الحوثية أقصتْ مؤخرًا الخطباء والأئمة التابعين للمذهب الزيدي من إمامة المصلين في عدد من مساجد صنعاء، بعضها جوامع تاريخية.
وأكد مصدر آخر في مكتب أوقاف صنعاء صدور توجيهات من القيادي الحوثي المدعو فؤاد ناجي، المُعيّن بمنصب نائب وزير الأوقاف في حكومة الانقلاب؛ قضت باستبدال أئمة بعض مساجد صنعاء من المحسوبين على المذهب الزيدي.
وكان من بين أولئك الذيم تم إقصاؤهم أئمة وخطباء مسجد "النهرين"، ومسجد منطقة "باب السبح"، حيث تم استبدالهم بآخرين تابعين للمليشيات تلقوا دورات ثقافية طائفية في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي للانقلابيين.
وأوضح المصدر لـ "العين الإخبارية" أن أئمة مساجد آخرين مؤثرين محسوبين على المذهب الزيدي تم منعهم بقوة السلاح من إلقاء المحاضرات والخواطر داخل الجامع الكبير في صنعاء القديمة، ومنهم الشيخ الزيدي "محمد الضيعة".
ولفت المصدر، أن الإجراءات التي اتخذتها مليشيا الحوثي الإرهابية بحق أتباع المذهب الزيدي، قوبلت برفض واستنكار شديد من قبل قيادات محسوبة على المذهب الزيدي.
كما أثارت الكثير من الجدل والخلافات بين أجنحة المليشيات في صنعاء، والمحافظات الأخرى التي يسيطر عليها الانقلابيون.
مد إيراني
ويؤكد باحثون ومتخصصون في فكر الجماعة الحوثية، أن هذه الأخيرة، تحولت بشكل كامل لاعتناق المذهب الإثني عشري الإيراني، وهو ما يكشفه بوضوح الخطاب السياسي الذي يتبناه الانقلابيون رسميًا.
ويشير أكاديميون يمنيون إلى أن المليشيات تخلّتْ عن خلفياتها الزيدية التي قامت عليها، واتجهت لتبني الفكر الإيراني الإقصائي، نتيجة ما وصفوه "بالمد الثوري الذي مارسته الحوزات الإيرانية"، حيث وصل تأثيره إلى أدواتهم في اليمن، والمتمثلة في مليشيا الحوثي.
كما أكد مراقبون أن فكر مؤسس جماعة الحوثي المدعو حسين بدر الدين الحوثي يرفض الكثير من الأسس الفقهية والأصول الدينية التي يقوم عليها المذهب الزيدي.
وتفضح كتابات مؤسس المليشيات اقتناعه بالمذهب الإثني عشر الإيراني، وتأثره بما يسمى بـ"الثورة الخمينية" في إيران، التي كان يصفها بأنها "نموذجًا ملهمًا للشعوب العربية المسلمة"، وفق زعمه.
إلا أن سياسيين يؤكدون أن المليشيات لا تؤمن إلا بمصالحها وأطماعها السياسية لخدمة نظام إيران، كما أنها توغلت بالمجتمع اليمني بغطاء المذهب الزيدي بهدف تحقيق مزيد من المكاسب السياسية والوصول إلى ثروات وموارد اليمنيين، عن طريق التأرجح بين المذاهب الدينية.
ومنذ زراعة إيران للفكر الحوثي السلالي في صعدة التي تعرف بـ"مهد الزيدية" ثم إسقاط صنعاء، حولت المليشيات شمال اليمن إلى ساحة مفتوحة لحرب اغتيالات طالت الشيوخ وعلماء الزيدية لتكريس مذهبها القادم من إيران، وفقا لخبراء.