قمة بروكسل.. تعزيز العلاقات الاقتصادية بين دول الخليج والاتحاد الأوروبي
تُعقد اليوم في بروكسل أول قمة بين الاتحاد الأوروبي ومجلس التعاون لدول الخليج العربي، وهي خطوة مهمة نحو تعزيز العلاقات بين الكتلتين.
تأتي هذه القمة وسط رغبة متزايدة من الجانبين في تعزيز التعاون السياسي والاقتصادي، خاصة في ضوء التحديات الدولية الحالية.
تطور العلاقات
تشهد العلاقات الاقتصادية والتجارية بين مجلس التعاون لدول الخليج العربية والاتحاد الأوروبي تطورًا ملحوظًا، حيث تعد أوروبا شريكًا استراتيجيًا لدول الخليج على المستويات التجارية والاستثمارية، ما يسهم في دعم احتياجات الطاقة الأوروبية من خلال صادرات النفط والغاز الخليجية، بينما تستفيد دول الخليج من التكنولوجيا الأوروبية المتقدمة، خاصة في مجالات البنية التحتية والتعليم والتكنولوجيا.
وهذه العلاقات ليست جديدة، فقد بدأت بشكل رسمي عام 1989 مع توقيع اتفاقية التعاون التي وضعت أسس الشراكة بين الجانبين، ما ساعد في تعزيز التنمية الاقتصادية وفتح آفاق جديدة للتعاون في مختلف المجالات.
وتجتمع لجنة التعاون المشترك بشكل سنوي في الرياض أو بروكسل لمناقشة قضايا تتعلق بالتجارة والاستثمار والتعاون الإقليمي، وكان آخر اجتماع بين وزراء خارجية الدولتين في مسقط عام 2023، حيث تم التأكيد على أهمية تعزيز الشراكة بين الجانبين.
ورغم التوقف المؤقت في مفاوضات اتفاقية التجارة الحرة عام 2008، هناك توقعات حالية بإمكانية إعادة فتح هذه المفاوضات، التي قد تساهم في زيادة فرص الشراكة بين الجانبين.
التحديات الدولية
إحدى القضايا الرئيسية التي ستكون على جدول أعمال القمة هي التطورات الدولية، خاصة الصراعات في غزة ولبنان والحرب في أوكرانيا، وتسعى دول الخليج إلى الحصول على دعم دولي لوقف إطلاق النار في هذه المناطق وفتح ممرات إنسانية، كما ستسعى لإعادة التأكيد على حل الدولتين كطريق وحيد لتحقيق السلام في الشرق الأوسط.
التجارة بين الجانبين
في عام 2022، تجاوز إجمالي الناتج المحلي لدول مجلس التعاون الخليجي حاجز التريليوني دولار، في حين أن الاتحاد الأوروبي سجل ناتجًا محليًا يفوق الـ16 تريليون دولار. ويمثل الاقتصادان معًا 20% من إجمالي الاقتصاد العالمي، كما يشكلان 17.5% من إجمالي التجارة العالمية.
وفي عام 2023، بلغت صادرات دول الخليج إلى الاتحاد الأوروبي 83.7 مليار دولار، بينما وصلت صادرات الاتحاد الأوروبي إلى دول مجلس التعاون لـ102.9 مليار دولار، بإجمالي حجم تبادل تجاري قدره 186.6 مليار دولار. وتعزيز التبادل التجاري سيسهم في توفير المزيد من فرص العمل وتحقيق الازدهار الاقتصادي في كلتا المنطقتين.
السلع والخدمات المتبادلة
تتنوع السلع والخدمات المتبادلة بين الاتحاد الأوروبي ومجلس التعاون الخليجي، حيث تشمل صادرات الاتحاد الأوروبي إلى دول الخليج الأجهزة الميكانيكية والكهربائية بنسبة 24.7%، والمواد الغذائية بنسبة 12%، والمركبات والطائرات بنسبة 11%، ومن ناحية أخرى، تمثل النفط والغاز النسبة الأكبر من صادرات دول الخليج إلى الاتحاد الأوروبي بنسبة 74.7%.
الاستثمارات المتبادلة
على صعيد الاستثمارات، شهدت الاستثمارات الأجنبية المباشرة للاتحاد الأوروبي في دول مجلس التعاون ارتفاعًا ملحوظًا منذ عام 2017، حيث وصلت إلى 233.6 مليار دولار في عام 2022، وشكلت استثمارات الاتحاد الأوروبي حوالي 40.8% من إجمالي الاستثمارات الأجنبية في دول مجلس التعاون، مقارنة بنسبة 22.9% في عام 2010.
كما نمت الاستثمارات الخليجية المباشرة في الاتحاد الأوروبي لتصل إلى 177.8 مليار دولار في عام 2022، ما يعكس زيادة الاهتمام الخليجي بتوسيع استثماراته في أوروبا على مدار العقد الماضي.
اتفاقية تجارة حرة
تعد القمة فرصة كبيرة لإعادة إطلاق محادثات اتفاقية التجارة الحرة، التي من المتوقع أن تساهم في تخفيض الرسوم الجمركية، وزيادة حجم الاستثمارات، وتحسين الوصول إلى الأسواق لكل من السلع والخدمات.
التحولات الاقتصادية والاجتماعية التي تشهدها دول الخليج، مثل “رؤية الإمارات 2031” و"رؤية السعودية 2030" و"رؤية عمان 2040" تعزز هذه الفرص، وتجعل من الاتحاد الأوروبي شريكًا محتملاً في مشاريع التحول الأخضر والتنويع الاقتصادي.
وفي ظل هذه الخلفية، يعتقد المحللون أن القمة يمكن أن تمهد الطريق لشراكة أكثر استراتيجية بين مجلس التعاون الخليجي والاتحاد الأوروبي، بناءً على أسس قوية من التعاون الاقتصادي والسياسي.
aXA6IDE4LjE4OC4xMTMuMTg5IA== جزيرة ام اند امز