السودان يزرع الإصلاح ويفوّت "الثمرات".. الاقتصاد "يترنح" بلا دعم دولي
تحمل السودانيون بصبر إجراءات الإصلاح الاقتصادي الصعبة انتظارا لحصاد وفير من الخير عندما تؤتي تلك الإصلاحات أكلها، لكن ذلك لم يحدث.
تستلزم الإصلاحات السودانية دعما دوليا لضمان نجاحها وتمريرها من "عنق الزجاجة"، لكن هذا الدعم تجمد إثر الاضطرابات في قمة هرم السلطة السودانية.
توقف "الثمرات"
وقال القيادي الاقتصادي بقوى الحرية والتغيير عادل خلف الله إن الاقتصاد السوداني سيشهد تدهورا نتيجة إيقاف المنح والقروض والتدفقات النقدية.
ولفت خلف الله في حديث لـ"العين الإخبارية" إلى قرارات إيقاف التزام المانحين والاتحاد الأوروبي في برنامج دعم الأسر الفقيرة "ثمرات"، بجانب توقف دعم الولايات المتحدة وصندوق النقد الدولي، فضلا عن إعلان فرنسا إيقاف إجراءات إعفاء ديون نادي باريس البالغة ٥ مليارات دولار.
وتوقع خلف الله أن تضيق فرص الحلول الإسعافية في الاقتصاد السوداني، كما توقع أن يعتمد على الحلول التقليدية من خلال الاستدانة وفرض ضرائب مباشرة وغير مباشرة، والتي بدأت الآن بزيادة غير معلنة في أسعار الوقود.
عزلة اقتصادية
من جانبه، يرى الخبير الاقتصادي السوداني عبد الوهاب جمعة أنه مع بداية شهر نوفمبر بدأت تظهر على الاقتصاد السوداني مظاهر العزلة الاقتصادية، بعد أن تعافى نتيجة الانفتاح الدولي بعد ثورة ديسمبر-أبريل.
وأوضح جمعة في حديثه لـ"العين الإخبارية"، عن إعلان البنك الدولي ومؤسسات التمويل الدولية إيقاف تمويل مشروعات التنمية التي وعدت بها، مشيرا إلى إيقاف الولايات المتحدة مساعداتها، بينما أعلنت فرنسا إيقاف إعفائها لديون السودان.
وأضاف أن تلك القرارات أثرت على مشروع "ثمرات"، أكبر مشروع دعم اجتماعي في السودان لصالح 32 مليون سوداني يتلقون (5) دولارات شهريا، لتلافي آثار عملية الإصلاح الاقتصادي، حيث أعلنت وزارة المالية السودانية إيقاف البرنامج بعد إيقاف البنك الدولي التمويل المخصص للسودان.
وأشار إلى أنه مع ارتفاع أسعار النفط عالميا، بدأ السودان زيادة أسعار الوقود منذ يومين، حيث يتبنى السودان "آلية التسعير التلقائي" للوقود بناء على الأسعار الآنية للنفط في الأسواق العالمية.
ولفت إلى أن ارتفاع الوقود سوف يؤثر على ثلاثة من أهم قطاعات الاقتصاد السوداني، الكهرباء والزراعة والنقل والصناعة.
ومضى قائلا: مع بدء السودان لعملية حصاد الموسم الصيفي، أكبر وأهم موسم زراعي بالبلاد، فإن تأثير زيادة أسعار الديزل ستكون ذات تأثير على عملية الحصاد، حيث بلغت المساحة المزروعة أكثر من 55 مليون فدان.
وحصاد الموسم الصيفي مهم لصادرات السودان، التي ترتكز على محصولي الفول السوداني والسمسم.
ندرة السلع وارتفاع الأسعار
وذلك بالإضافة إلى تأثير أكبر قطاع في ارتفاع أسعار الوقود، وهو قطاع الكهرباء والتعدين، حيث إن نصف قيمة صادرات السودان ترجع إلى تصدير الذهب وهو تنقيب يعتمد على الديزل بصورة كبيرة، بينما نصف إنتاج الكهرباء في السودان يعود إلى التوليد الحراري المعتمد على الديزل.
وتابع: أثرت الأحداث السياسية الأخيرة على استمرار الأعمال التجارية، وهو ما خلق ندرة وارتفاعا في بعض أسعار السلع، كما أن الأحداث السياسية الجارية الآن ستؤدي لإيقاف عمليات الاستثمار الأجنبي المباشر، التي يعول عليها الاقتصاد السوداني لتحقيق النمو.
وأردف: حالة عدم اليقين الاقتصادي السائدة الآن سوف تؤدي إلى انتكاسة الاقتصاد، بالتالي التأثير على حياة السودانيين، الذين كانوا يأملون حصد ثمرات عملية الإصلاح الاقتصادي والانفتاح على العالم.