محللون يرسمون الخطوط العريضة لتدخل "إيكواس" عسكريا بالنيجر
رافعة شعار الحوار بحثاً عن حل في النيجر، حاولت الجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا حفظ ماء وجهها فأعطت الضوء الأخضر لتدخل عسكري ضد "الانقلابيين" الذين استولوا على السلطة في نيامي.
اتجاهان تحاول "إيكواس" اللعب على وترهما لحل الأزمة في النيجر، وإعادة عقارب الساعة إلى الخلف بوضع الرئيس محمد بازوم مجدداً على مقعد السلطة في البلد الأفريقي، إلا أن "الانقلابيين" ماضون في طريقهم غير عابئين بمساعي الجماعة الاقتصادية.
رد الفعل ذلك من المجلس العسكري في النيجر، وضع "إيكواس" في موضع اختبار، بين تنفيذها تهديداتها وتفعيل قوة الاحتياط، والمخاطرة بالعملية العسكرية التي لا تلقى تأييدها داخل صفوفها نفسها، أو الاتجاه إلى الحوار الذي يواجه بطريق مسدود.
وفي تصعيد جديد من المجلس العسكري في النيجر، قال الأخير إنه جمّع أدلة لمحاكمة الرئيس محمد بازوم ورفاقه بتهمتي الخيانة العظمى وتهديد أمن الدولة، وانتقد المجلس العسكري في النيجر عقوبات مجموعة إيكواس ووصفها بأنها "غير إنسانية وغير قانونية ومهينة".
فأي الطريقين ستختار "إيكواس"؟
مارك أندريه بوافير، الباحث والمستشار حول منطقة الساحل في مركز "فرانكوبيه" FrancoPaix في مونتريال، قال إن المنظمة الإقليمية "لم تتوافق يوما على نوع المهام المحددة التي ينبغي أن تضطلع بها هذه القوات".
وأوضح بوافير أن تشكيل مثل هذه القوة "يتوقف على إرادة المساهمين" فيها، الأمر الذي "يتطلب الكثير من المفاوضات بين الدول"، مشيراً إلى أن "هناك الكثير من الريبة بين بلدان" إيكواس.
وتكلف إيكواس "قوة الاحتياط" بمهمات على ارتباط بحفظ السلام، وسبق أن نشرتها في سيراليون وليبيريا وغينيا بيساو وغامبيا.
وفيما أبدت السنغال وبنين ونيجيريا وساحل العاج استعدادها لإرسال قوات، واجهت قيادات تلك البلدان بانتقادات داخلية، واصطدمت بتردد دول أخرى من غرب أفريقيا.
وكانت مالي وبوركينا فاسو حذرتا إيكواس من أن أيّ تدخل في النيجر سيكون بمثابة "إعلان حرب". لكن قدرة قواتهما على مساندة "الانقلابيين" في نيامي تبقى موضع شكّ، في وقت يواجه جيشا البلدين داخليا مجموعات مسلحة.
في السياق نفسه، يقول إيلي تيننباوم من المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية، إن "قوة الاحتياط الأفريقية في جوهرها لم تصمم لإعادة الانتظام الدستوري في بلد شهد انقلاباً"، مشيراً إلى أن "الدول الأفريقية هي في غالب الأحيان شديدة الحرص على سيادتها ولا سيما في مسائل الأمن والدفاع".
وبحسب تيننباوم، فإنه "من الصعب فصل قوات من هذه الجيوش التي تعتبر هشّة وتفتقر إلى الوسائل" على حد اعتباره.
هل يمكن تنفيذ السيناريو العسكري؟
يتفق جميع الخبراء على صعوبة تنفيذ مثل هذه العملية العسكرية في النيجر أو في عاصمتها، ففي حال شنّ هجوم بري ستضطرّ قوات دول غرب أفريقيا إلى عبور مئات الكيلومترات من الأراضي المعادية، كما تحيط شكوك مماثلة بإمكانية شن عملية جوية على القصر الرئاسي، حيث يحتجز الرئيس المخلوع.
وفي حال شن هجوم على القصر الرئاسي يشير المحللون إلى أن مطار نيامي ستكون له أهمية استراتيجية لنشر قوات محمولة جويا.
الخطوط العريضة للخطة
وعن تلك العملية، يقول المحلل والعسكري النيجري السابق أمادو باونتي ديالو إن رؤساء أركان دول إيكواس "يريدون السيطرة على مطار نيامي وقصف القصر الرئاسي، لكن لدينا دفاعا جويا حديثا قادرا على إسقاط طائراتهم".
ولفت الجنرال سيك إلى أنه "من السهل على الانقلابيين السيطرة على مدرج الهبوط، يكفي أن يحشدوا عليه آلاف الشبان" ولن يتمكن الطيارون من إطلاق النار عليهم من أجل تحريره، مضيفًا: "لن تكون هذه عملية عسكرية بسيطة.. ومن المخاطر المطروحة أن يطول أمد النزاع، وهذا يتوقف أيضا على تصميم الناس محليا".
وسيشكل الحرس الجمهوري الذي تصدر الانقلاب وعديده 700 عنصر، محور أي مقاومة، غير أن استعداد الوحدات الأخرى في الجيش النيجري للقتال في حال حصول تدخل تبقى موضع جدل.
ورأى مستشار للرئيس المخلوع أن هذه الوحدات انضمت إلى الانقلاب "لتفادي حمام دم، هي لا تريد الوصول إلى حالة حرب. وما إن تتحقق (هذه الفرضية) حتى ترون وحدات كثيرة تنأى بنفسها".
في المقابل، يؤكد مصدر أمني نيجري أن "الجنود النيجريين لن يهربوا.. فالتدخل سوف يوحد صفوفهم".
ما عواقب التدخل العسكري؟
بينما لا يمكن التكهن بعواقب تدخل في نيامي قد يتسبب بوقوع ضحايا مدنيين، يبدي العديد من أنصار الانقلابيين الذين يتظاهرون بانتظام في العاصمة استعدادهم لمساندة جيشهم.
واستنكر إيلي تيننباوم التلويح بالتدخل العسكري، قائلا: "كل هذا من أجل تحرير رئيس يقول الانقلابيون إنهم سيعدمونه في حال شنت إيكواس عملية".
وبحسب ما أعلن الرئيس النيجري المخلوع محمد بازوم عام 2022، فإن عدد الجيش النيجري يقارب 30 ألف عنصر بينهم حوالي 11 ألفا منتشرين في ساحة القتال.