إرهاب "بوكو حرام" في نيجيريا.. زلزال النيجر يحرك "سيناريو الرعب"
تتدحرج كرة الانقلاب في النيجر مع تركيز على السباق بين العمل العسكري والدبلوماسية، ويذكر البعض إرهاب "مثلث الموت" على استحياء.
لكن تداعيات الانقلاب على الجارة نيجيريا تظل حتى اللحظة، نقطة عمياء، في ظل تركيز المخاوف الدولية على إمكانية استغلال جماعات إرهابية مرتبطة بـ"داعش" والقاعدة المنطقة الواقعة بين النيجر ومالي وبوركينا فاسو.
ورغم الاهتمام بـ"مثلث الموت"، حمل يوم السبت، رياحا عكسية، إذ قُتل ثلاثة جنود وعشرة مزارعين، في هجومين منفصلين نفذهما مسلحون يشتبه في انتمائهم إلى جماعة بوكو حرام في شمال شرق نيجيريا، وفق ما ذكرت مليشيات محلية تقاتل الجماعات الإرهابية.
وقال مسؤولون لوكالة "فرانس برس"، إن إرهابيين هاجموا صباح السبت قاعدة عسكرية غير بعيدة من مدينة كوندوغا في ولاية بورنو، ما أدى إلى اندلاع قتال مع الجنود.
ووفق المصادر نفسها، "استغل إرهابيو بوكو حرام الظلام وحقول الذرة لشن هجومهم"، فيما خاض الجنود "معركة ضارية قتل فيها ثلاثة جنود قبل القضاء على المهاجمين واضطرارهم إلى الانسحاب".
وكان إرهابيو بوكو حرام قتلوا بعد ظهر السبت، عشرة مزارعين بالرصاص بعد أن جمعوهم بينما كانوا يعملون في حقلهم في قرية تقع على أطراف مايدوغوري، عاصمة إقليم بورنو.
وتستهدف بوكو حرام وتنظيم "داعش" في غرب أفريقيا بشكل متزايد الحطابين والرعاة والمزارعين والصيادين في شمال شرق نيجيريا، بتهمة التجسس ونقل المعلومات إلى الجيش والمليشيات.
لكن منطقة شمال نيجيريا على وجه الدقة، تعد بؤرة محتملة للفوضى والإرهاب، في حال استمرت الفوضى الأمنية التي خلفها الانقلاب في النيجر، في ظل القرب الجغرافي من الأخيرة.
حزام الإرهاب
وقال تحليل حديث للمركز الدولي لمكافحة الإرهاب، ومقره لاهاي: "يمكن لأي تدهور حاد في الوضع الأمني في النيجر أن يوفر للإرهابيين فرصة للسيطرة على حزام متواصل عبر الساحل من مالي إلى شمال نيجيريا".
وأضاف "تقع النيجر في مرمى نيران مختلف الجماعات التابعة لتنظيم القاعدة وداعش، والعاملة في منطقتي الساحل وبحيرة تشاد، وهي تحتل حاليًا المرتبة العاشرة باعتبارها البلد الأكثر تضررًا من الإرهاب على مستوى العالم".
وتابع "علاوة على ذلك، قد تتحول أعمال اللصوصية المنظمة عبر الحدود مع نيجيريا إلى تمرد مسلح، وتفتح جبهة جديدة للمنظمات الإرهابية النشطة في المنطقة".
وفيما يمكن وصفه بـ"سيناريو الرعب"، أوضح التحليل "قد يكون لمثل هذا التمدد أيضًا عواقب وخيمة على دول غرب أفريقيا الساحلية، بما في ذلك بنين المجاورة، التي سجلت أسوأ عام لها من حيث العنف الإرهابي في عام 2022".
ولفت إلى أن "التعاون الوثيق بين بنين والنيجر وبوركينا فاسو ونيجيريا مطلوب لمواجهة التهديد الذي يشكله الإرهابيون".
فراغ أمني
التحليل تحدث أيضا عن التحديات الأمنية وإمكانية حدوث فراغ أمني يؤثر على الدول المجاورة وبينها نيجيريا ويسهل حركة التنظيمات الإرهابية وقدرتها على مباغتة القوات الأمنية وشن هجمات دموية.
ومضى موضحا "بينما يزعم أولئك الذين استولوا على السلطة في نيامي أنهم يستجيبون للظروف الأمنية المتدهورة، فإن قدرتهم على كبح الإرهاب بشكل أكثر فاعلية من السلطات المنتخبة ديمقراطياً، غير مؤكدة".
ووفق التحليل "تُظهِر التجارب السابقة أن عمليات الاستيلاء العسكرية على السلطة، تؤدي إلى مزيد من التدهور في حالة الفوضى الأمنية، حيث أدت الانقلابات في مالي وبوركينا فاسو إلى زيادة الهجمات الإرهابية".
وفسر ذلك بالقول إنه "في أعقاب الانقلابات مباشرة، يميل المجلس العسكري الذي يستحوذ على السلطة إلى تركيز انتباهه على تعزيز قاعدة سلطته، ما يشغل السلطات عن جهود مكافحة الإرهاب، ويترك فراغا أمنيا تستغله الجماعات الإرهابية".
وجماعةُ بوكو حرام، من أكثر التنظيمات الإرهابية مرونة؛ تتطور بسرعة في نيجيريا وبحيرة تشاد، وتغير تحالفاتها، ما مكنها من البقاء قرابة عقدَين من الزمان، والمحافظة على كِيانها، ما يعني أنها قادرة على استغلال الوضع في النيجر بشكل كبير، وفق مراقبين.
ووفق دراسة سابقة للباحث الكاميروني عثمانو أداما، فإن بوكو حرام تعمل على رسم مستقبل الإرهاب في حوض بحيرة تشاد، ونشر التطرف في شماليِّ نيجيريا. وتكيف عقيدتها الفكرية وعمليات التجنيد ووسائل العمل لمواءمة التغييرات التي تحدُث في بيئة عملها.