"العين الإخبارية" تجوب ميادين بمصر.. الإخوان لم يمروا من هنا
"فإذا قُضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله"، آية قرأها أحد خطباء المساجد في مصر بصلاة الجمعة لاقت استجابة لم تجدها دعوات الإخوان.
فما إن قضيت الصلاة، حتى خرج المصلون إلى منازلهم، ضاربين عرض الحائط بدعوات تنظيم الإخوان للخروج في احتجاجات مزعومة، بعد صلاة الجمعة اليوم، بل إن بعضهم تهكم على مثل تلك الدعوات وعلى مدى فعالياتها على أرض الواقع.
وبحسب مراسلين لبوابة "العين الإخبارية" في محافظات مختلفة على مستوى جمهورية مصر العربية، فإن ميادين تلك المحافظات خلت من أي تجمعات، بعد انقضاء صلاة الجمعة، التي كان عنوانها "الدين والوطن والإنسانية.. معا بناء لا هدم".
التحرير يصفع الإخوان
وقال مراسل "العين الإخبارية" في منطقة وسط القاهرة، إن الوضع هادئ جدًا، لا سيما في ميدان التحرير الذي لم يختلف كثيرًا عن أي يوم عادي؛ فالمحال فتحت أبوابها منذ الصباح الباكر، بالإضافة إلى أن وسائل المواصلات تسير بشكل معتاد، بخلاف الشائعات الإخوانية.
ولكون ميدان التحرير منطقة حيوية تقع في قلب العاصمة، تنطلق منه وإليه بعض وسائل المواصلات العامة كـ"حافلات النقل العام، وشبكة مترو القاهرة الكبرى، بالإضافة إلى بعض الحافلات التي تتجه إلى المحافظات القريبة المجاورة"، ادعى تنظيم الإخوان توقف تلك الحافلات، لمنع تحرك الاحتجاجات المزعومة، وهو ما نفته السلطات الرسمية.
وأشار بيان رسمي إلى أن جميع حافلات هيئة النقل العام (حكومي) وشركات النقل الجماعي بالعاصمة تعمل بانتظام وبكامل طاقتها على جميع الخطوط، طبقًا لجداول التشغيل المعتادة لها.
ومن ميدان التحرير إلى شارع القصر العيني المجاور لم يختلف الوضع كثيرًا؛ فبحسب مراسل لـ"العين الإخبارية"، فإن الشوارع كانت شبه خاوية من المارة باستثناء حركة السير العادية للمركبات.
وبحسب مراسل "العين الإخبارية" في منطقة وسط البلد، فإن هناك تمركزات أمنية "طفيفة" بجوار مستشفى القصر العيني الفرنساوي، كونه منشأة عامة، تخشى الدولة أن تطولها يد التخريب من قبل عناصر الإخوان، مشيرًا إلى أن تلك التمركزات لم تؤثر على حركة سير المارة أو المركبات.
وإلى حي العجوزة الذي لا يبعد كثيرًا عن منطقة وسط القاهرة، حيث انفض المصلون بعد انقضاء صلاة الجمعة إلى منازلهم، فيما اتجه آخرون إلى المطاعم لشراء وجبات الإفطار التي يؤخرونها يوم الجمعة، باعتبارها عطلة رسمية.
وسخر مواطنون في أحاديث منفصلة لـ"العين الإخبارية"، من دعوات الإخوان التي قالوا إنهم لم يجدوا لها أي أثر سوى على مواقع التواصل الاجتماعي التي أصبحت مرتعًا لأزلام التنظيم الإرهابي، وباتوا يستخدمونها بمثابة أداة لإثارة القلق بين المواطنين.
الأمر ذاته، أكده عدد من المواطنين المصريين بعد صلاة الجمعة بأحد مساجد القاهرة الكبرى أن دعوات الإخوان إلى التظاهر تهدف لهدم البلاد وترجعها إلى الوراء.
وشددوا على رفضهم لكافة الدعوات وعودة البلاد للإنتاج والتقدم والسير نحو الأمام، لافتين إلى أن الكثير منهم استغل اليوم بالجلوس على طاولة الطعام مع أبنائه بعد انتهاء الصلاة وجلبه من المحلات الأكلة المشهورة وهي الفول والطعمية.
الجيزة تودع إرث الإخوان
ومن القاهرة إلى محافظة الجيزة المجاورة، كان الوضع أكثر هدوءا، رغم أن تلك المنطقة شهدت تمركزات لعناصر تنظيم الإخوان في 2013 عقب الإطاحة بحكمهم، بينها اعتصام النهضة الذي فضته السلطات في أعقاب الثورة الشعبية التي أطاحت بالتنظيم.
وبحسب مراسل "العين الإخبارية"، فإن شوارع المحافظة خلت من أي تجمعات لتنظيم الإخوان، مشيرًا إلى أن المصلين اتجهوا إلى منازلهم بعد أداء صلاة الجمعة.
ومن الجيزة إلى محافظة القليوبية وهي إحدى محافظات القاهرة الكبرى الثلاث، فإن ميادينها خلت من أي تجمعات.
وتجولت "العين الإخبارية" في بعض قرى دائرة شبين القناطر والتي تعد إحدى أكبر الدوائر بالمحافظة والتي كان يتمركز فيها كتلة إخوانية في السابق، فلم تجد أي أثر لدعوات التنظيم الإرهابي، ولا أيوجود لأنصاره.
حائط صد شعبي
ورغم خلو معظم ميادين المحافظة- التي تفقدتها العين الإخبارية- من أي تجمعات، إلا أن بعض المواطنين أبدوا تخوفاتهم من ممارسات العنف التي قد يلجأ إليها تنظيم الإخوان، بعد أن يفقد الورقة التي كان يهدد بها طيلة الأيام الماضية، واستخدمها كـ"فزاعة" لإرهاب المواطنين تارة، ولدعوة أزلامه للخروج تارة أخرى.
وقال مواطن يدعى (أ.م. إ) رافضًا الكشف عن هويته، في حديث لـ"العين الإخبارية": "سمعنا الكثير عن الدعوات الإخوانية للخروج في احتجاجات في أعقاب صلاة الجمعة، وهو ما تسبب في تخوف كبير من عودة تلك الجماعة مرة أخرى إلى المشهد".
وأضاف أن عددًا من الباعة والأسواق العشوائية أغلقت أبوابها تحسبًا لأي احتجاجات قد تخرج بعد صلاة الجمعة، مشيرًا إلى أن بعض جيرانه لجؤوا إلى تخزين بعض السلع، خوفا من أي طارئ محتمل.
فيما قالت سيدة مسنة لـ"العين الإخبارية"، إنها حثت أبناءها وأحفادها على عدم الاستجابة لأية دعوات إخوانية، مشيرة إلى أن مصر التي تخلصت من التنظيم الإرهابي، لا تريد العودة إليه مرة أخرى.
وفيما أشادت السيدة التي رفضت الإفصاح عن هويتها، بـ"الإنجازات" التي حققها الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي خلال فترة حكمه، استذكرت كيف كانت تعاني وأبناؤها وأحفادها من انقطاع الكهرباء المستمر وغياب الخدمات عن القرية التي تعيش فيها إبان حكم الإخوان.
"إنجازات ملموسة"
وأوضحت أن القرية التي تقطن بها، بالإضافة إلى قرى مجاورة، شهدت طفرة لأول مرة في الخدمات التي حرمت منها طوال سنين عمرها الستين (السيدة المسنة)، مشيرة إلى أن مشروع "حياة كريمة" وفر لقريتها وغيرها، خدمات عدة التي يستفيد منها أهالي تلك المجتمعات.
بين تلك الخدمات: مشروع الصرف الصحي، والإنترنت الفايبر، وتوصيل الغاز الطبيعي للمنازل، بالإضافة إلى المياه النظيفة ومجمع الخدمات، واستمرار خدمة الكهرباء طيلة 24 ساعة دون انقطاع، بحسب السيدة التي قالت إن الحكومة لم تلزم قريتها ولا أي من القرى المجاورة على دفع أي مستحقات مقابل تلك الخدمات التي وصفتها بـ"الاستثنائية" والتي غيرت من شكل قريتها.
وتساءل مواطنون آخرون، في حديث لـ"العين الإخبارية": هل بعد هذه الخدمات التي حرمنا منها طيلة عقود نستجيب لدعوات تنظيم الإخوان الذي يريد العودة بنا إلى عصور الظلام والانقطاع المستمر للكهرباء، وأزمات الحياة التي لم نعرف لها حلولا خلال فترة حكمهم التي لم تدم سوى عام.
وكان الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي قد أطلق مبادرة "حياة كريمة" عام 2019، بهدف تطوير القرى المصرية، التي يعيش نحو 70% من سكانها تحت خط الفقر.
وتهدف المبادرة التي استهدفت في مرحلتها الأولى، 277 من القرى الأكثر فقرا في مصر، رفع مستوى معيشة المواطنين في تلك التجمعات، عبر تجديد البنية التحتية وتحسين الوصول إلى الخدمات الأساسية والتعليم وخدمات الرعاية الصحية، إضافة إلى توفير فرص العمل وتمكين المرأة.
تأييد شعبي
ومن القليوبية إلى المنوفية، ساد الهدوء أرجاء المحافظة التي تخلو من تمركزات عناصر تنظيم الإخوان، بحسب مراسل "العين الإخبارية"، الذي أكد أن المصلين أدوا صلاة الجمعة بسلاسة وهدوء، دون أي وجود لعناصر التنظيم.
وأوضح مراسل "العين الإخبارية"، أن دعوات تنظيم الإخوان تحطمت على صخرة ما وصفه بـ"التأييد الشعبي الجارف" الذي أبداه المواطنون للسيسي، مشيرًا إلى أن الشوارع خلت من أي وجود أمني أو احتجاجي.
محافظة الشرقية شمالي مصر، والتي شهدت في السابق تمركزات لـ"الإخوان"، لم يكن الوضع بعيدًا عما شهدته محافظات مصر المختلفة، فيما يقول مراسل "العين الإخبارية"، إن القاعدة الشعبية للتنظيم تآكلت في تلك المحافظة بعد "الإرهاب" الذي مارسه التنظيم ولا يزال.
وكان تنظيم الإخوان استغل بعض الشعبية التي كان يحظى بها في محافظة الشرقية، ونظم في السابق احتجاجات لا يزال يحتفظ بمقاطع منها يعيد نشرها للترويج لأجندته، إلا أن مراسل "العين الإخبارية"، أكد أن الوضع أكثر هدوءًا من ذي قبل.
انتشار أمني
وأكد مصدر أمني لــ"العين الإخبارية" عدم وجود أي حركة غير طبيعية بشوارع القاهرة والجيزة.
وشدد المصدر الذي رفض ذكر اسمه، على أنه منذ الساعات الأولى لصباح اليوم الجمعة حركة المواطنين تسير بشكل طبيعي وسط مساندة الأهالي لهم في الشوارع التأكيد على ضرورة التصدي للمخربين.
وبين أن السبب الرئيسي في فشل الدعوات الهدامة هو وعي الشعب المصري وتذكر ما حدث من جرائم بعدما تم رفضهم من الشارع بعد ثورة يونيو/حزيران 2013.
فشل متوقع
عضو الإخوان المنشق والباحث في الحركات الإسلامية، إسلام الكتاتني، أكد على أن فشل دعوات التظاهر كان متوقعا منذ البداية لعده اعتبارات بسبب إصرار الشعب على كلمته أكثر من مرة برفض دعوات التخريب.
وأضاف الكتاتني لــ"العين الإخبارية" أن ما حدث اليوم هو رسالة للجميع وليس الإخوان فقط بعد فشل الدعوة رغم الزخم الذي أخذته من وسائل التواصل الاجتماعي، لافتا إلى أنه يجب على الداعين معرفة قدرهم الحقيقي وعدم وجود وزن وتأثير لهم على الشارع فقط.
وأوضح أن الشعب المصري لا يثق في الدعوات الخارجية بالتظاهر أو حتى من يقال إنهم معارضة مقيمون بالخارج ويتلقون الأموال ولا يشعرون بالمواطن.
وكانت دار الإفتاء المصرية، اعتبرت أن كل حديث يدعو إلى تفريق الصف الوطني وسط التحديات الراهنة هو "حديث فتنة".
وفي وقت سابق توقع مراقبون فشل الدعوة للتظاهر، على الرغم من ضيق معظم المصريين بالأزمة الاقتصادية المحسوسة لدى الجميع، وأرجعوا الفشل المتوقع إلى عزوف غالبية المصريين عن هذه الدعوات المشبوهة والتي لا تحمل إلا سيناريو الفوضى.
aXA6IDMuMTQ1LjU2LjE1MCA= جزيرة ام اند امز