المثقفون في ثورة 30 يونيو.. مصر بشهادات عصفور وزين والقعيد
جابر عصفور وزين العابدين فؤاد ويوسف القعيد يروون لـ"العين الإخبارية" شهاداتهم عن اعتصام المثقفين في مصر خلال ثورة 30 يونيو
يحتفل المصريون كل عام بذكرى ثورة 30 يونيو، التي نجحوا من خلالها في تحرير مصر من حكم جماعة الإخوان الإرهابية عام 2013.
وبينما كانت تكال الكثير من الاتهامات لجموع المثقفين بسبب أدوارهم السلبية من بعض قضايا المجتمع، كانت فعاليات ثورة 30 يونيو من المواقف الخالدة لجموع المثقفين المصريين، خاصة أنهم بادروا إلى إشعال جذوة المقاومة المجتمعية في وجه "الإخوان" عبر المبادرة إلى الاعتصام بمبنى وزارة الثقافة.
أدباء وكتاب وفنانون مصريون اجتمعوا دفعة واحدة وقرروا الاعتصام بمينى وزارة الثقافة في الخامس من يونيو 2013، للوقوف أمام محاولات "أخونة" مؤسسات الدولة المصرية.
وجاء القرار عقب إسناد حقيبة وزارة الثقافة للوزير الإخواني علاء عبدالعزيز، الذي أثار غضب المثقفين بعد أن اتضحت سياساته، وتبين أنه جاء لتنفيذ أجندة إخوانية، هدفها الإطاحة بكوادر الوزارة وتشويه سمعة المثقفين وتقليص الفعاليات في دار الأوبرا المصرية وتحجيم الكتاب وتقييد الإبداع.
مذكرات التجربة
عن بداية الاعتصام، يقول الدكتور جابر عصفور، وزير الثقافة الأسبق، إن عددا كبيرا من المثقفين أصيبوا بخيبة أمل كبيرة بعد سماع خبر تولى علاء عبدالعزيز حقيبة وزارة الثقافة، حتى أنه يصف الأمر بأنه في البداية "كان مضحكا للغاية"، لأن الوسط الثقافي بأكمله كان يتساءل: من هذا الرجل؟ ولماذا هو تحديدا؟.
ويوضح أن الجميع كانوا يحاولون العثور على إجابة، خوفا على مصير الحالة الأدبية والثقافية في مصر، خاصة في ظل سيطرة جماعة الإخوان الإرهابية على الحكم، ومحاولاتها أخونة مفاصل الدولة من خلال رجالها وأعضائها.
ويضيف عصفور لـ"العين الإخبارية": "بدأ الوزير الإخواني في تنفيذ أجندة استبعاد القيادات والإطاحة بالكوادر الحقيقية في الوزارة، والاستعانة بأبناء الإخوان، ومن هنا ثار الجميع، وبدأنا نفكر في كيفية الخلاص من هذا الرجل وإنقاذ هويتنا وثقافتنا المصرية، ولم تكن فكرة الاعتصام مطروحة في البداية، لكن جاءت بعد عدة بيانات رافضة لسياسة الوزير الإخواني".
ويتابع: "أتذكر جيدا الأجواء خلال هذه الأيام، عشنا تجربة رائعة للغاية للبحث عن الحرية والخلاص، وأجبرنا رجل الإخوان في وزارة الثقافة على الفرار هربا إلى دار الكتب المصرية بعد أن لجأ الأدباء والمثقفون والفنانون إلى الوزارة، واعتصموا هناك مطالبين برحيل علاء عبدالعزيز، وقبل انتهاء اليوم الأول أصبحت الوزارة قلعة لمواجهة مساعي الإخوان للسيطرة على مركز القوى الناعمة في مصر".
ويستذكر الدكتور جابر عصفور قائلا: "نقلنا فعاليات فنية وثقافية وغنائية إلى الشارع، وأمام مقر الوزارة غنى الشباب وألقوا قصائدهم وقدموا عروض الباليه، وتجاوب معنا البسطاء ورددوا هتافاتنا، فالشارع المصري في هذه الآونة كان يبحث عن صوت واحد يقول لا في وجه الإخوان ومحاولات أخونة الدولة، وكانت هذه النواة الحقيقة لإشعال فتيل ثورة 30 يونيو والإطاحة بحكم الإخوان وعودة مصر إلى أهلها مجددا".
وطالب عصفور كل الكتاب والأدباء، الذين شاركوا في الاعتصام، بكتابة مذكرات عن هذه التجربة ودورها في الدفاع عن الهوية الثقافية المصرية، وكذا مقاومة عنف وتطرف الإخوان، أو تحويل أحداث هذا الشهر إلى فيلم تسجيلي يخلد دور المثقفين المصريين في التمهيد للثورة والخلاص من الإخوان.
باليه "زوربا"
الشاعر المصري زين العابدين فؤاد اختار يوم 20 يونيو، وتحدث عن وقائع بعينها خلال هذا اليوم ليدلل على قدرة القوى الناعمة في مواجهة التطرف والإرهاب.
ويحكي قائلا: "لعب المثقفون دورا عظيما في الحفاظ على الهوية المصرية، ووقفوا في وجه تقييد الإبداع وتحريم الفن ومطاردات الإخوان والسلفيين لكل ما يتعلق بالثقافة المصرية، أتذكر خلال أحداث اليوم الـ15 من الاعتصام، 20 يونيو 2013، أن الرئيس الإخواني المعزول محمد مرسي كان في استاد القاهرة، ووقف أمامه أحد أعضاء الجماعة يخطب بتحريم فن الباليه باعتباره فجورا، وفي الوقت نفسه نزلت أغلب فرق البالية بدار الأوبر المصرية إلى الشارع، ومن أمام مبنى وزارة الثقافة قدموا عروضا مختلفة، منها باليه أوبرا زوربا (من أشهر قصص الباليه وتعتمد على رواية (زوربا) لكازانتزاكيس، وهي من كلاسيكيات الأدب العالمي)، فكانت هذه العروض بمثابة الرد المباشر على التطرف الفكري الذى تروج له الجماعة الإرهابية".
طرد الجماعة
أما الكاتب والروائي يوسف القعيد، فأكد أن القوى الناعمة في مصر كانت وما زالت خط الدفاع الأول في المواجهة الحقيقية للإرهاب، موضحا أن أدباء ومثقفين وفنانين شاركوا في ملحمة طرد رجل جماعة الإخوان من داخل مبنى وزارة الثقافة، وأنهم تركوا منازلهم وأعمالهم وأسرهم وتشبثوا بحلم البقاء على الهوية المصرية.
ولفت إلى أن لجنة تنظيم الاعتصام، وقتها، كانت تصدر بيانات رافضة لسياسة الإخوان وتطالب بإقالة الوزير الإخواني، خاصة حين اتضح للجميع أنه جاء بخطة من مكتب الإرشاد، هدفها الإطاحة والتنكيل بكوادر الوزارة، والاستيلاء على مقدراتها وأذرعها لتغيير هوية مصر وصورتها ودورها التاريخي، لتتحول من التنوير والإبداع والتعريف بقيم الحق والخير والجمال، إلى منصة لتفريخ الإرهابيين والمغيبين والجهلاء، وهذا ما رفضه المثقفون المصريون".
ويقول يوسف القعيد لـ"العين الإخبارية": "كان هدفنا الاستمرار في الاعتصام لنكون أول كلمة في ملحمة ثورة 30 يونيو، والوصول إلى المشاركة في تظاهرات الإطاحة بحكم الإخوان، وعشنا معركة وجود حقيقية، لأننا رفضنا التدخل لطمس هويتنا وتاريخنا وحضارتنا، فكان النصر لنا".