ثورة 30 يونيو بمصر "ضربة قاصمة" لمشروع أردوغان التوسعي
الدكتور أحمد يوسف أحمد يقول إن ثورة 30 يونيو الشعبية "ضربة قاصمة للمشروع الأردوغاني العثماني في مصر وامتداده في أرجاء الوطن العربي
"ثورة يونيو 2013 ضربة قاصمة لمشروع جماعة الإخوان والرئيس التركي رجب طيب أردوغان للهيمنة على مصر والمنطقة"... هذا ما أجمع عليه دبلوماسيون سابقون وخبراء في أحاديث خاصة لـ"العين الإخبارية".
وتحيي مصر، اليوم الثلاثاء، الذكرى السابعة لثورة 30 يونيو التي أطاحت بتنظيم الإخوان الإرهابي من حكم مصر منتصف عام 2013.
الخبراء أكدوا أن آثار ثورة يونيو لازالت مستمرة بعد أن أعادت الثورة بناء الدولة المصرية التي وضع رئيسها عبد الفتاح السيسي منذ أيام قليلة "خط أحمر" أمام التدخل التركي العسكري في ليبيا.
وأشاروا في الوقت ذاته إلى أن "القاهرة تقف شوكة في حلق المشروع التوسعي لأردوغان الذي يرمي للهيمنة على المنطقة".
وأكد السيسي، السبت 20 يونيو، خلال تفقد الوحدات المقاتلة للقوات الجوية بالمنطقة الغربية العسكرية، أن أي تدخل من الجانب المصري في ليبيا باتت تتوفر له الشرعية الدولية، خاصة مع مواصلة دول خارجية تسليح مليشيات متطرفة، مشيرا إلى أن سرت والجفرة "خط أحمر".
ضربة قاصمة لمشروع أردوغان
الدكتور أحمد يوسف أحمد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة أكد لـ"العين الإخبارية" أن ثورة 30 يونيو الشعبية "ضربة قاصمة للمشروع الأردوغاني في مصر وامتداده في أرجاء الوطن العربي".
وأضاف يوسف أن المشروع التركى تحطم على صخرة ثورة 30 يونيو، التي وضعت حدا لسيطرة ما يسمى الإسلام السياسي ويتمثل في تنظيم الإخوان على الحكم في مصر.
وأكد يوسف دور تنظيم الإخوان في محاولات أردوغان للسيطرة على المنطقة، معتبرا أن التنظيم أداة في يد النظام التركي لاستعادة مشروع "الخلافة المزعوم".
ورأى أستاذ العلوم السياسية أن "آثار ثورة يونيو في تحجيم مشروع أردوغان لم تكن في مصر فقط، بل امتد في أرجاء العالم العربي".
وأوضح أنه "في أعقاب الثورة تراجع مشروع التيار الإسلامي ولو نسبيا في تونس وليبيا، ولولا الثورة لاستمر امتداد الموجة المتأسلمة عربيا، وهذا ما يفسر الموقف العدائي للرئيس التركي من النظام المصري الحالي".
وتدعم تركيا تنظيم الإخوان الإرهابي بشكل واسع منذ الإطاحة بمحمد مرسي في احتجاجات شعبية صيف 2013 وتحتضن العديد من قادتها وعناصرها الذين فروا من مصر جراء تورطهم في أعمال عنف بالبلاد، كما تبث منها قنوات معادية للقاهرة.
عقدة تاريخية
"تركيا تعاني من عقدة تاريخية من مصر، حيث إن موقف أنقرة العدائي ضد القاهرة وكره نظامها له أبعاد وجذور تاريخية، منذ عهد محمد على باشا مرورا بالرئيس الراحل جمال عبد الناصر وصولا للرئيس عبد الفتاح السيسي"، بحسب يوسف.
ويشرح أستاذ العلوم السياسية: "حققت مصر استقلالا فعليا وحقيقيا عن الدولة العثمانية، علاوة على موقف الرئيس عبد الناصر ضد حلف بغداد عام 1955 بين تركيا وإيران وباكستان والعراق، لكن المشروع فشل بسبب الموقف المصري".
آثار الثورة مستمرة
ونوه "يوسف" إلى أن آثار ثورة يونيو لازالت مستمرة بعد أن أعادت بناء الدولة المصرية التي وضع رئيسها منذ أيام قليلة خط أحمر أمام التدخل التركي العسكري في ليبيا.
وتابع: "حين أعلن أردوغان نيته التدخل بقواته في ليبيا، واستصدر موافقة من البرلمان التركي، ردت القاهرة، بمناورة قادر 2020، ما دفع أنقرة للتراجع عن التدخل المباشر، والاستعانة بمرتزقة وإرهابيين، قام بإرسالهم لطرابلس".
وشاركت تشكيلات ووحدات القوات المسلحة المصرية، الجمعة 20 يناير الماضي، في تنفيذ عدد من الأنشطة التدريبية ضمن تنفيذ المرحلة النهائية من المناورة "قادر 2020"، التي تؤكد قوة وجاهزية الجيش المصري لحماية مقدرات وثروات الوطن.
يوسف أكد أن "مصر تقف شوكة في حلق المشروع التوسعي لأردوغان الذي يرمي للهيمنة على المنطقة"، مشددا على أن "مشروع نظام أردوغان لن ينجح في ليبيا؛ لأنه ضد المنطق والطبيعة، بعد أن استغل مجموعة محدودة من الميليشيات المسلحة في طرابلس الغرب استنجدت به، في حين ترفضه البنية الاجتماعية للمجتمع والجيش الوطني".
ومنذ أشهر، تقدم تركيا دعما عسكريا غير محدود لميليشيات حكومة الوفاق، وتنقل السلاح والمرتزقة إلى طرابلس في انتهاك واضح لقرار الأمم المتحدة الصادر في 2011 والقاضي بحظر تصدير الأسلحة إلى ليبيا.
حرمان أردوغان من قاعدة مهمة
واتفق الدكتور أحمد قنديل الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية (حكومي) مع ما ذهب إليه "يوسف"، وقال لـ"العين الإخبارية": "ثورة 30 يونيو حرمت أردوغان من قاعدة مهمة له في جنوب البحر المتوسط ينطلق منها إلى أفريقيا وآسيا، بعد فشله في السيطرة على مصر، والاستفادة من موقعها الجيو استراتيجي".
"حين فشل أردوغان في مصر، بعد سقوط تنظيم الإخوان، اتجه إلى الدولة المجاورة ليبيا، من أجل إنشاء قاعدة إرهابية ينطلق منها لمنطقة الساحل والصحراء في أفريقيا، لتعويض خسارته"، وفقا لقنديل.
وقال إن حلم الرئيس التركي كان يتمثل في استعادة الخلافة العثمانية، والانطلاق لمناطق تمدد جديدة له عبر جنوب البحر المتوسط وشمال أفريقيا، لذا كانت محاولاته في السيطرة على مصر عبر جماعة الإخوان".
ورأى الخبير بمركز الأهرام أن "ثورة 30 يونيو أثبتت فشل تنظيم الإخوان في إدارة الدول، وكشفت زيفهم، بعد أن تدهورت الحياة المعيشية للمصريين بشكل كبير، كما وتدهورت أحوال الاقتصادية في تركيا خلال السنوات الأخيرة بسبب إدارة أردوغان".
وبين قنديل أن عدم قدرة الإخوان على فهم الواقع، وفشلهم، يدفعهم للتهور وافتعال الأزمات وإثارة الفوضى ومحاولات التدخل في شؤون الدول.
ويرى مراقبون أن أردوغان قاد ودعم مخططا لإسقاط الدولة المصرية عقب الإطاحة بجماعة الإخوان الإرهابية من الحكم منتصف عام 2013، و فتح بلاده لاستضافة قيادات التنظيم الإرهابي الهاربين، كما دعم الجماعات المسلحة التي عملت على إثارة الفوضى في أعقاب ذلك.
القضاء على مشروع الإخوان
بدوره، قال السفير محمد حجازي مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، إن "ثورة يونيو قضت على مشروع أردوغان بمصر والمنطقة، بعد فشل محاولات الأخير في فرض الإسلام السياسي والهيمنة على المنطقة".
وألمح حجازي إلى أن "ثورة 30 يونيو نجحت في استعادة قيم المجتمع المصري، وإعادة بناء الداخل بما يسمح باستعادة قيم مصر الليبرالية، والعودة للحياة الطبيعية والتخلص من الإرث الذي اعتمد على الهوية الدينية بعيدا عن مفهوم الدول القومية والوطن".
واستطرد: "الإنجاز الأهم فى ثورة 30 يونيو هو استعادة الدولة القومية من خاطفيها، والقضاء على استغلال الإسلام السياسي، ومحاولات قطر وتركيا فرض الهيمنة والسيطرة على مصر".
ولفت حجازي إلى أن "إفشال المخطط التركي والقطري في مصر كان اللبنة التى بدأت من خلالها دول المنطقة في التعافي من تداعيات الاضطرابات السياسية التي عرفت بالربيع العربي".
وأشار إلى أن يونيو ساهم في بناء مؤسسات الدولة، وترسيخ البناء التنموي، والاقتصادي، دون أن يقتصر الأمر على البنية التحتية لانطلاق الاقتصاد، بل متد أيضا إلى بناء الإنسان والاهتمام بالصحة والتعليم.
كما أكد حجازي على استعادة مصر زمام المبادرة الدولية فى علاقاتها المتوازنة مع الولايات المتحدة وروسيا الإتحادية، وانطلاقا نحو آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية فى توازن محسوب، علاوة على بناء الوطن من الداخل والتخلص من المخططات التي كانت تستهدف المنطقة ومصر فى القلب منها.
وذكر موقع إخباري سويدي مؤخرا أن الرئيس التركي، تدخل شخصيا في دعم التغطية الإعلامية لاحتجاجات تنظيم الإخوان الإرهابي بمصر في عام 2013.
ووفق موقع "نورديك مونيتور" فإن تسجيلات هاتفية سرية في إطار تحقيق جنائي بشأن شبكة للجريمة المنظمة في تركيا عام 2013، أظهرت أن أردوغان حاول السيطرة على القصة المعروضة حول مظاهرات الإخوان.
كما كشفت الموقع السويدي في أبريل الماضي عن تسجيلات مسربة نقلا عن حسن دوغان رئيس مكتب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أن تركيا راهنت على الفوضى في مصر بعد عزل الرئيس الإخواني محمد مرسي إثر ثورة شعبية في 3 يوليو/تموز 2013.