الرقابة الإدارية في مصر.. الجهاز الأقوى لمكافحة الفساد
اللواء شريف سيف الدين أدى اليمين الدستورية أمام الرئيس عبدالفتاح السيسي، رئيساً جديدا لهيئة الرقابة الإدارية.
ارتبط اسم الرقابة الإدارية في مصر، وتحديداً خلال العامين الماضيين، بالمعركة ضد الفساد، التي لم تفرق بين مسؤول حكومي أو غير ذلك، فكل الفاسدين أياً كانت مناصبهم ومكانتهم تحت قبضتها.
وأدى اللواء شريف سيف الدين حسين خليل، اليوم الخميس، أمام الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، اليمين الدستورية كرئيس لهيئة الرقابة الإدارية، وهنا كان ضرورياً إلقاء الدور على أبرز وقائع الضبط التي نفذها الجهاز الأقوى في مصر لمكافحة الفساد خلال الفترة السابقة.
ضربات متلاحقة للفساد
في سبتمبر/ايلول 2015، كانت الواقعة الأكبر والأشهر التي فتحت الباب للإيقاع بالفاسدين أياً كانت مناصبهم، وذلك بعدما تم القبض على صلاح هلال، وزير الزراعة المصري آنذاك، بعد اتهامه بقضايا فساد داخل وزارته بالتورط مع مسؤولين كبار، في القضية المعروفة إعلامياً بقضية "الفساد الكبرى بوزارة الزراعة"، وتم القبض عليه في ميدان التحرير بعد خروجه من مقر الوزارة بـ7 دقائق، عقب قبول استقالته التي قدمها للرئيس المصري عبدالفتاح السيسي.
وتشير القضية إلى أن الرقابة الإدارية نجحت في إحباط تلقي وزير الزراعة المستقيل رشوة من رجل أعمال لتسهيل الاستيلاء على أراض مملوكة للدولة، وتم الحكم عليه بعشر سنوات وغرامة قدرها مليون جنيه.
وفي 27 أغسطس/آب 2017، ألقت الأجهزة الأمنية المصرية القبض على سعاد الخولي، نائبة محافظ الإسكندرية، داخل ديوان عام المحافظة، عقب ثبوت تورطها في عدة وقائع فساد تشمل الرشوة والإضرار بالمال العام والتربح.
وأكدت التحريات تقاضيها مبالغ مالية وعطايا مادية ومصوغات ذهبية قيمتها تعدت المليون جنيه من بعض رجال الأعمال، مقابل استغلال سلطاتها والإخلال بواجبات الوظيفة وإيقاف وتعطيل تنفيذ قرارات الإزالة الصادرة لمبانٍ أقيمت بدون ترخيص أو على أرض ملك الدولة، بالمخالفة للقانون وإعفائهم من سداد الغرامات المقررة عن تلك المخالفات، مما أضر بالمال العام بحوالي 10 ملايين جنيه، بالإضافة إلى تعمدها إخفاء عناصر ثروتها غير المشروعة بأسماء آخرين تجنباً لملاحقة الأجهزة الأمنية لها.
وفي 9 يوليو/تموز الماضي 2018، تم القبض على رئيس مصلحة الجمارك المصرية، متلبساً بتقاضي رشى بالعملات المحلية والأجنبية، والتي حصل عليها من بعض المستخلصين الجمركيين، مقابل تهريب بضائع محظور استيرادها، ودون سداد الرسوم الجمركية المستحقة عليها، ووجّه مرؤوسوه بإعداد تقارير مخالفة للواقع، لتخفيض الغرامات المالية المستحقة عن بضائع سبق ضبطها في عدة قضايا تخص المهربين.
وفي 29 مايو/آيار 2018، ألقت هيئة الرقابة الإدارية أيضاً القبض على عدد من المسؤولين بوزارة التموين والشركة القابضة للصناعات الغذائية، لتقاضيهم رشاوى مالية تجاوزت المليوني جنيه من كبرى شركات توريد السلع الغذائية، مقابل إسناد أوامر توريد السلع عليها، وكذلك تسهيل صرف مستحقاتها.
أما في 26 يونيو/حزيران 2018، فقد ألقت الهيئة القبض على رئيس حي الدقي، وصاحيى شركة مقاولات، وأحد الوسطاء يعمل في مجال المحاماة، لاتهامهم في قضية رشوة.
وأوضحت الهيئة أن رئيس الحي متهم بطلب وتقاضي مبلغ 250 ألف جنيه، بالإضافة إلى وحدة سكنية كائنة بشارع البطل أحمد عبدالعزيز، قيمتها حوالي مليوني جنيه من مالكي العقار بوساطة أحد المحامين، مقابل تغاضي رئيس الحي عن اتخاذ الإجراءات القانونية حيال المخالفات البنائية للعقار، والتي تستوجب إزالتها، وتحقق أرباحاً بدون وجه حق لهؤلاء المقاولين بما يزيد على 10 ملايين جنيه.
وفي 14 يناير/كانون الثاني 2018، ألقت الرقابة الإدارية القبض على محافظ المنوفية هشام عبدالباسط، وآخرين، لاتهامهم في قضايا فساد، بعد مراقبة استمرت 4 أشهر، وتم تسجيل مكالمات صوتية تخص وقائع القضية التي ألقي القبض عليه بسببها.
وفي أبريل/نيسان الماضي أعلنت الهيئة عن نجاحها في القبض على 17 متهماً بالفساد، واستغلال النفوذ، وتلقي الرشوة والإخلال بواجبات الوظيفة في عدد من المحافظات على مستوى الجمهورية.
وفي نفس الشهر، ضبطت الرقابة الإدارية الدكتورة "ن. م"، سيدة أعمال وصاحبة شركة خاصة تعمل في مجال تجارة الذهب عالمياً، لعرضها مبلغ مليون و750 ألف جنيه على سبيل الرشوة، على مسؤولي تجميع الذهب التابعين لهيئة الثروة المعدنية بمنطقة الصحراء الشرقية، مقابل تسهيل استيلائها على 50 كيلوجراماً من خام الذهب تبلغ قيمتها حوالي 33 مليون جنيه.
وتم القبض على "أ. ع. أ"، مدير عام التصدير بهيئة الثروة المعدنية، متلبساً بتقاضي 55 ألف جنيه على سبيل الرشوة من صاحب شركة خاصة تعمل في مجال تصدير المواد المحجرية عن طريق بعض الوسطاء، وذلك مقابل تلاعبه في إجراءات الموافقات التصديرية لصالح الشركة والسماح لها بتصدير المواد المحجرية المستخرجة وتهريبها للخارج دون استفادة الدولة من العائد، وبتفتيش مسكن المتهم عثر على حوالي 500 ألف جنيه من متحصلات جرائمه.
الكهرباء والمياه تنتظران رئيس الرقابة الجديد
اللواء فاروق المقرحي، مساعد وزير الداخلية المصري الأسبق لمباحث الأموال العامة، قال إن اللواء شريف سيف الدين حسين، الرئيس الجديد لهيئة الرقابة الإدارية، رجل مؤهل في أكثر من اتجاه لمنصبه الجديد، فهو مؤهل علمياً حيث إنه حاصل على بكالوريوس التجارة، وهو ما يجعله على دراية كافية بما يتعلق بالمسائل المالية، بالإضافة إلى خلفيته الإدارية والعسكرية، ودراسته في كلية الحرب العليا التي تتنوع بها الدراسة.
وقال المقرحي في تصريحات لـ“العين الإخبارية"، إنه بصفته أدى خدمة لسنوات طويلة في مباحث الأموال العامة، ويعلم الكثير عن دائرة محاصرة الفساد، يتوقع في المرحلة المقبلة نجاحاً كبيراً لرئيس الهيئة الجديد "واستمرار مسيرة الجهاز في مكافحة الفساد والضرب بيد من حديد على الفاسدين الذين يشوهون وجه الوطن".
وعن هيئة الرقابة الإدارية خلال الفترة الماضية، أكد أن الجهاز سدد عدة ضربات مشهود لها في المجالات كافة، لعل أبرزها إلقاء القبض على وزير الزراعة الأسبق صلاح هلال في سبتمبر 2015، ومؤخراً رئيس مصلحة الجمارك، وكذلك واقعة انحراف أمين عام مجلس الدولة، والمسؤول على المشتريات لرجال قضاء مجلس الدولة، بالإضافة للضربات التي أوقعت برؤساء الشركات والمؤسسات التي كان لها الأثر الكبير في تحجيم الفساد.
وأشار إلى أن جهاز الرقابة الإدارية خلال الفترة الماضية، استطاع ببراعة وضع يده في عش دبابير "الحكم المحلي" بضبط أكثر من رئيس مجلس ورئيس حي ومحافظين في قضايا فساد، وبات الجهاز له دور قوي في الحياة العامة، والفترة المقبلة يُنتظر منه التعامل مع قطاع الكهرباء والمياه، حيث إن هذين القطاعين بهما فساد كبير، وأحياناً يكون مُقنناً في شكل مكافآت لمن لا يستحق، وترقيات على الهوية، كما يوجد بالقطاعين أعداد كبيرة من أفراد الإخوان النائمين والكامنين.
aXA6IDE4LjExNy4xODguMTA1IA== جزيرة ام اند امز