خبراء: بيان وزراء الخارجية العرب.. "اصطفاف عربي" يربك أردوغان
خبراء مصريون اعتبروا بيان وزراء الخارجية العرب بمثابة اصطفاف عربي موحد، يربك حسابات أردوغان في المنطقة وينزع الشرعية عن تدخله في ليبيا.
شكلت قرارات وزراء الخارجية العرب، حول الأوضاع في ليبيا، اصطفافا عربيا، نجح في إرباك النظام التركي ورئيسه رجب طيب أردوغان، في خطوة وصفها خبراء مصريون بأنها "تنزع الشرعية عن التدخل التركي في ليبيا".
واتفق الخبراء المختصون في الشؤون التركية، في أحاديث منفصلة لـ"العين الإخبارية"، أن قرارات وزراء الخارجية العرب، الثلاثاء، جاءت غير مسبوقة نتيجة للتحديات الجسيمة التي تواجهها المنطقة، أخطرها التدخلات التركية ودعمها للمرتزقة على الأراضي الليبية.
وفي وقت سابق الثلاثاء، طالب وزراء الخارجية العرب، بسحب كافة القوات الأجنبية والمرتزقة الموجودة على الأراضي وداخل المياه الإقليمية الليبية، مشددين على رفض ومنع التدخلات الخارجية في ليبيا مهما كان مصدرها مع الوقف الفوري لإطلاق النار.
جاء ذلك في البيان الختامي لاجتماعهم في الدورة غير العادية لمجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري، التي عُقِدَت، عبر تقنية "فيديو كونفرنس".
إرباك أنقرة ونزع شرعية الغزو التركي
يقول محمد عبد القادر، الخبير في الشؤون التركية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، لـ"العين الإخبارية"، إن "مراكز الثقل الرئيسية في الدول العربية متفقة على جميع البنود التي تخص عمليات دعم مواجهة الإرهاب أو مواجهة السياسات الاقليمية التي تستهدف زعزعة استقرار الدول العربية والتي تقودها تركيا من جانب وإيران من جانب آخر".
واعتبر الخبير السياسي أنه "لم نتوقع وجود اصطفاف عربي على هذا النحو، لكن التحدي الذي يواجه المنطقة كبيرا وهو ما أدى لهذه الاستجابة بهذه الصورة".
واعتبر أن "الاصطفاف العربي يشكل نقطة فارقة في دعم الموقف المصري ضد الغزو التركي، خاصة إذا ما تم التصعيد على المستوى الدبلوماسي أو السياسي أو عسكري في أي مرحلة من المراحل".
ورأى عبد القادر، وهو يشغل رئاسة تحرير مجلة شؤون تركية التي تصدر في القاهرة، أن "قرارات وزراء الخارجية العرب تربك النظام التركي وتنزع الشرعية عنه بعدما كان يحاول دائما تصوير السياسات في المنطقة أنها عدوانية وأنه يسعى إلى دعم الشعب الليبي وانقاذه من خلال تواجد قواته".
وتابع: "بالطبع أردوغان كان يحاول قلب الحقائق كما فعل في سوريا والعراق، أراد استخدام المقاربة وهي استغلال الصراع الداخلي ليجد لنفسه موطىء قدم في الساحة الليبية تماما مثلما فعل على شواطىء الصومال على خليج عدن.. يظن أنه يستطيع تكرار نفس السيناريو من خلال استغلال الصراع الليبي والانقسامات الدولية سواء على الصعيد الأوروبي أو بين روسيا والولايات المتحدةمن خلال انشاء قاعدتين عسكريتين الاخرى جوية والاخرى بحرية".
وشدد عبد القادر أن "أردوغان كان يظن باستطاعته إرباك المشهد في الشرق المتوسط وتحقيق طموحه في السيطرة على مصادر النفط والغاز سواء كانت داخل حدود الليبية أو قبالة من السواحل الليبية فضلا عن دعم وحشد الجماعت الإرهابية ونقلها من سوريا إلى ليبيا لتهديد دول الجوار وعلى رأسها مصر، لكنه فوجىء اليوم باصطفاف عربي يقوض أحلامه بالمنطقة في الوقت الذي يعاني فيه من تراجع ملحوظ في شعبية حزبه، مقابل صعود معارضيه".
إجماع عربي ومأزق تركي
العميد خالد عكاشة، مدير المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية وعضو المجلس الأعلى لمكافحة الإرهاب، اعتبر بيان وزراء الخارجية العرب يمثل "بداية خطوات إيجابية حقيقية وخطوات عملية، خاصة أن الأزمة الليبية لها خصوصية بما فيها من قدر عال من التعقيد والتهديد إلا بإظهار شكل من أشكال التكاتف والدعم العربي الشامل حيث سيكون هناك ميزة نوعية ونسبية للدول بأنها تحظى بسند حقيقي من دول الجوار والدول الشقيقة".
وأضاف: حل هذه القضايا واتخاذ مواقف جادة وعربية موحدة من شأنه أن يحد من التدخلات التركية ونقلها المرتزقة وإدارتها الحرب على الأراضي الليبية وهي أرض عربية ذات سيادة.
واعتبر "عكاشة" إحياء وتفعيل دور الدعم العربي المشترك والتصدي العربي المشترك لمثل هذه المخاطر بمثابة "عامل إضافة جيد وإيجابي ويمكن من خلاله أن تشهد مناطق التهديد معالجات وحلول حقيقة إذا تبنت الدول العربية استراتيجيتها، ويمكن حينها للجامعة العربية ليس طرحها فقط ولكن فرضها أيضا على المجتمع الإقليمي والدولي".
ويتفق معه بالرأي كرم سعيد، الباحث المصري المتخصّص في الشأن التركي، إذ يرى أن "قرارات وزراء الخارجية العرب اليوم، يمثل إجماعا عربيا وإقليميا، يضع تركيا في مأزق كبير، ويربك حسابات أنقرة، خاصة أنها كانت تراهن على الانقسامات العربية في الأزمة الليبية".
وفي تصريحات لـ"العين الإخبارية"، توقع سعيد أن يكون هناك سيناريوهات محتملة عقب هذا الاصطفاف وهي إما "إصرار الجانب التركي على التدخل في الأزمة الليبية وإرسال المزيد من المرتزقة ودعم حكومة الوفاق، أو التهدئة والدخول في مفاوضات سياسية وتحسين العلاقة مع دول الجوار الليبي" .
وربط المختص قرارات اليوم، بحدثين متتالين، وهما "الاصطفاف العربي لإعلان القاهرة، وهي المبادرة المصرية لتسوية الأزمة الليبية، ومن ثم تأيد دولي وعربي لتلويح مصر بإمكانية التدخل العسكري المباشر بما يتفق مع قواعد القانون الدولي"، مشددا على أن رسالة اليوم هي أن "ثمة إجماع عربي موحد في الأزمة الليبية، وأن أي تفاهمات تتم من وراء الستار لإعادة تقسيم مقدرات ليبيا وشعبها لا يمكن السماح بها".
قطر وشق الصف العربي
السفير عزت سعد، مدير المجلس المصري للشؤون الخارجية، قال لـ"العين الإخبارية"، إن "بيان الجامعة العربية وموقف الدول الأعضاء، يعدإيجابيا ومبشرا، ومن شأنه إزعاج النظام التركي الذي كانت ترتكز سياسته على ضرب أي نوع من الاستقرار في الموقف العربي، بالإضافة لإثارة القلاقل وحالة عدم استقرار في الإقليم".
وحول الموقف القطري اليوم وتغريده خارج السرب، بالتحفظ على بعض فقرات بيان الجامعة العربية، علق "عزت" بقوله "حتى لو وافقت قطر، لم يعد يمكن ضمان موقفها، ولنا في تجربتها عندما كانت بعضوية التحالف العربي وتبين لنا بعد ذلك أنها تقوم بدور مزدوج قاد في النهاية لطردها من التحالف".
وأضاف: شق الصف العربي، ليس جديدا على قطر، ونحن نعلم أنها لها دور مساند لأنقرة في عدوانها السافر على الدول العربية، كما أنها ممول كبير لدعم الإرهاب وتنظيماته وعلى رأسها تنظيم الإخوان الإرهابي داخل الأراضي الليبية، وهو ما يساند أردوغان في سياسته التخربية بالمنطقة.
وتوقع الدبلوماسي المصري أن تكون قرارات بيان وزراء الخارجية العرب اليوم، محل متابعة في المرحلة المقبلة من جانب الوزراء العرب، لاسيما أن هذه القرارات ستكون موضع تنفيذ لاحقا.
aXA6IDMuMTM4LjEyNi4xMjQg جزيرة ام اند امز