لاعب الأراجوز صابر شيكو.. فنان يرسم الضحكة بأنامله
ساعات طويلة يقضيها الفنان المصري صابر شيكو لاعب الأراجوز مع عرائسه، لا يشغل باله سوى الجديد الذي سيقدمه في عرضه المقبل
خلف ستارة سوداء تجده جالساً على المسرح يمسك في يديه دمية ويغني أشهر الأغنيات بطريقة كوميدية صانعاً البسمة على وجوه الجمهور.
ساعات طويلة يقضيها الفنان المصري صابر شيكو لاعب الأراجوز مع عرائسه، لا يشغل باله سوى الجديد الذي سيقدمه في عرضه المقبل.
"العين الإخبارية" التقت واحداً من أقدم لاعبي الأراجوز في مصر للتعرّف على قصته مع هذا الفن.
حكاية 55 عاماً
بدأت علاقة شيكو بهذا الفن في سن صغيرة عندما توفي والده وورث عنه المهنة: "في الصغر لم يكن لدي أي اهتمام أو شغف لتلك العروض، ولم يولد بيني وبين الأراجوز أي تفاعل سوى بعد رحيل أبي، وهنا وجدت نفسي أمام مسؤولية استكمال مشوار والدي وأجدادي".
في بداية حياته التحق بالسيرك القومي لتقديم عروض "الأكروبات"، وتدريجياً انتقل إلى الأراجوز من خلال تقديم عروض في الموالد المصرية، ومع نهاية كل عرض كان تعلُّق صابر بمهنته يزداد بازدياد الرغبة في إسعاد الجماهير.
يرى شيكو (55 عاماً) أن دوره في الحياة هو رسم الضحكة على وجوه الأطفال والكبار، ويقول: "الأراجوز هو ابني وكل حياتي، وحبي له يتضاعف مع رؤية ضحكة كل طفل أثناء العرض، وأصبح هدفي نقل العروض لكل محافظات مصر وخارجها لخلق حالة من السعادة بين كل الناس".
ومن البحرين إلى إيطاليا، جاب صابر بلدانا عديدة سعى في كل منها لإسعاد الناس والحفاظ على هذا الفن من الاندثار، محتفظاً بحماسه لإعداد عروض وعرائس جديدة.
مرحلة صعبة
في ظل التطور التكنولوجي المتسارع في عالم الترفيه، تراجعت عروض الأراجوز المصري على المسارح، وهي مرحلة يصفها شيكو بالعصيبة "لحرمان أجيال كاملة من التعرّف على تراث بلده".
ويقول: "الأراجوز كان مهدداً بالانقراض مع غياب توريث الفن، لكن الدكتور نبيل بهجت مؤسس فريق (ومضة) للأراجوز وخيال الظل أسهم في إعادته لدائرة الضوء من جديد، عبر اتفاقه مع وزارة الثقافة المصرية على إقامة عروض دورية في بيت السحيمي لمدة 20 عاماً".
وبعودة العروض وإقامة أول مهرجان للأراجوز في مختلف الساحات الثقافية والتعليمية بالقاهرة، تجددت آمال الفنان المصري في حصول فنه على المكانة التي يستحقها بين باقي الفنون الشعبية القديمة.
الملاغي
قبل بداية كل عرض، يحرص صابر على مراجعة الحوار الذي سيقدمه والتدريب على طريقة الغناء بآلة "الأمانة" الموسيقية، المسؤولة عن الأداء الصوتي للأراجوز، مؤمناً بأن لاعب الأراجوز والملاغي (مساعده في الإيقاع) عاملان رئيسيان لنجاح العرض.
"الغناء ومداعبة الحضور" عنصران يعتمد عليهما صابر في إضحاك الجمهور، ويقول "أنا والملاغي نكمل بعضنا بعضا في تجديد الحوار وارتجال المواقف الكوميدية"، مشيراً إلى أنَّ عرض "الأراجوز وعم عثمان" هما الأقرب إلى قلبه.
وعن آلية تحريك العرائس، يعتمد صابر على كف يده في صناعة رقصات وحركات تتماشى مع الحوار وتسعد الصغار والكبار، معتبراً كبار شيوخ اللعبة "صابر المصري" مثله الأعلى في تخليد تراث الأراجوز المصري.
ونظراً لبراعته في تحريك الأراجوز، حصل شيكو طوال مشواره على العديد من التكريمات من البحرين والكويت وفرنسا والولايات المتحدة وموريتانيا.
الاستمرارية حلم
يحتفظ صابر بـ35 دمية من الخشب داخل منزله، رافضاً أن يفرّط أي منها: "لن أستغني عن أي منها أبداً"، متمنياً تأسيس ورش عمل لصناعة دمى الأراجوز للأطفال كوسيلة لتوريث الفن لأجيال قادمة.
تُمسك الفنان بعرائسه تضاعف بعد مشاهدته تفاعل طلاب الجامعات خلال فعاليات أول مهرجان للأراجوز في مصر والذي أقيم في الفترة من 24 حتى 28 نوفمبر/تشرين الثاني.
وفي نهاية كل عرض يخرج صابر من خلف الستارة سعيداً لتقديم التحية لجمهوره، مردداً عبارة "الأراجوز مصدر فرحة للجميع، ولا بد أن يستمر".