دماء على جدران مسجد الروضة.. روايات الشهود لـ"بوابة العين"
شاهد عيان لـ"بوابة العين الإخبارية": "الإرهابيون زرعوا عبوة ناسفة خلف المسجد وأمطروا المصلين بالرصاص عند خروجهم من بابه"
قبل عام واحد، عندما استهدف إرهابيو داعش الشيخ سليمان أبوحراز، من كبار مشايخ الطرق الصوفية في قرية الروضة التي تبعد عن العريش المصرية بنحو 20 كيلومتراً، لم يتصور أهالي القرية إمكان إقدامهم على جريمة أكثر بشاعة، لا سيما أن مصابهم كان كبيراً آنذاك.
غير أن التهديدات المتكررة التي كانت تصل إلى القرية الصغيرة وهي مسقط رأس الشيخ سعيد الجريري، شيخ الطريقة الجريرية الصوفية، كانت تنذر بما لم يلتفت إليه أتباع الطريقة من قبيلتي السواركة وبلي، ممن اتسموا بالمسالمة.
ومع دخول المصلين، اليوم الجمعة، إلى مسجد الروضة الذي يعد مركز الطريقة الجريرية، كان الجميع بما فيهم من هم ليسوا على الطريقة نفسها، على موعد مع عبوة ناسفة زرعها الإرهابيون خلف المسجد، بحسب روايات شهود عيان في شمال سيناء، بقرية الروضة، لـ"بوابة العين الإخبارية".
دماء المصلين الآمنين
ويقول شاهد عيان من داخل قرية الروضة لـ"بوابة العين": "لا نفعل شيئاً سوى ذكر الله.. ولا نؤذي أحداً.. ولا نفهم لماذا قرروا الآن التصعيد إلى هذا الحد ونحن لم نفعل شيئاً جديداً أو غريباً.. فقط نصلي".
يتابع شاهد العيان راوياً ما حدث اليوم- شريطة عدم ذكر اسمه: "سمعنا صوتاً مدوياً داخل المسجد، عرفنا فيما بعد أنها عبوة ناسفة تم زرعها خلف المسجد، وعندما هرول البقية بحثاً عن طريق للفرار، كان في انتظارهم سيارات دفع رباعي استقلها مجموعة من الإرهابيين وفتحوا نيران الكلاشنكوف على المصلين".
ورفض شاهد العيان الحديث عن مقتل الشيخ سليمان أبوحراز، مكتفياً بالقول: "نحن في حالنا ولم نعادِ أحداً.. والشيخ أقطفيان الذي اختطفوه هو الآخر وقتلوه كان كذلك.. جميعنا يتألم لما حدث".
ولم يوجه الشاهد الاتهام لجماعة بعينها رغم حديثه عن تلقي الأهالي لتهديدات خلال الأشهر الماضية من تنظيم ولاية سيناء، النسخة المحلية لداعش الإرهابي، تطالبهم بترك طريقتهم الصوفية والكف عن حلقات الذكر باعتبارها بدعاً في النار.
واكتفى الشاهد العيان بقوله: "أنتم تعرفون من وراء الحادث.. وتعرفون الإرهاب يأتي من أين؟".
رواية أخرى
رواية أخرى، رواها شاهد عيان آخر من أهالي الروضة لبوابة العين قائلا إنه بالتزامن مع سماع ذوي القنابل دخل قرابة الخمسة ملثمين دخلوا المسجد مع بداية الصلاة، وفتحوا النيران على المصلين بعدما أغلقوا الأبواب من الخارج.
وتابع الشاهد: حاول الناس الرجوع للخلف والبحث عن مخرج ومن استطاع منهم الخروج واجه نيران ملثمين آخريين.. كنا في مجزرة حقيقة.. وقليل من نجا منها.
وكشف الشاهد عن أنه كان من المقرر عقب الصلاة إقامة احتفالية بمناسبة ذكرى المولد النبوي، وهو ما يفسر حضور عدد كبير من أهالي القرية في محيط المسجد، لاسيما الأطفال ممن فضل ذويهم اصطحابهم.
حادث إرهابي نوعي
"حادث إرهابي لم يحدث من قبل".. هكذا وصف نعيم جبر، منسق قبائل شمال سيناء، الهجوم على مسجد الروضة، اليوم، قائلاً لـ"بوابة العين الإخبارية": "كان الإرهابيون عادة ما يستهدفون أفراداً ومجموعات سواء أمن أو شرطة، لكن أن يستهدفوا مصلين في مسجد ليسوا جمعيهم من أتباع الطريقة الصوفية التي يهددونها، هو حادث إرهابي نوعي".
وفي تصريحات خاصة عبر الهاتف، أوضح الشيخ جبر: "حادث ينفذه مُدعو الدين في حق مسلمين يصلون، أمر لم نشهده من قبل، وهم يعرفون أن المسجد وإن كان مركز الطريقة الصوفية فليس جميع المصلين من الأتباع بل كان وسطهم الكثير من الطلاب غير المنتمين للطريقة.
لماذا سيناء؟ ولماذا قرية الروضة؟
"نحن يستهدفوننا لأننا نتعاون مع الجيش والشرطة ضد الإرهاب".. بهذه الكلمات أوضح الشيخ سالم أبوغزالة الخويلدي، رئيس المجلس الأعلى القبائل العربية والمصرية (كيان مستقل خاص) والمتحدث الرسمي للمجلس، قائلاً لـ"بوابة العين": "التهديدات شيء تعودنا عليه.. الإرهاب ليس له وطن ولا دين.. يهددون الجميع حتى الشيوخ لم يسلموا منهم.. سيناء مستهدفة لأننا نرفض الإرهاب ونتعاون مع الجيش والشرطة ضد الإرهابيين".
يتابع الخويلدي: "ما حدث اليوم استمرار لمسلسل التهديدات الذي كان يصل مشايخ سيناء عموماً، وأهالي قرية الروضة بالأخص على مدار الأشهر الماضية من خلال المنشورات التي تطالبهم بالتوقف عما يسمونه هم بدع... ونفذوا تهديدهم قبل عام في شيخ بمثابة رمز ديني له سمعة طيبة بهدف زرع الخوف في نفوس الأهالي، واليوم اختاروا بيت الله وهو معروف للجميع بأنه مركز للطريقة وللالتقاء بين الدارسين".
وفي نوفمبر/تشرين الثاني قبل الماضي، اختطف تنظيم داعش الإرهابي عبر ذراعه في سيناء، ولاية سيناء المبايع له، اثنين من كبار مشايخ سيناء، طاعنين في السن، أحدهما كان يعد أكبر الرموز الدينية بشمال سيناء، وله محبون في أوساط قرية الروضة التي شهدت استهدافاً جديداً اليوم، أسفر عن استشهاد 235 شخصاً وإصابة 130 آخرين، بحسب آخر إحصائية رسمية.