مصر قبلة أهالي غزة للعلاج إزاء التعنت الإسرائيلي
مصر تحولت لقبلة للفلسطينيين المرضى الممنوعين من السفر للعلاج، وكذلك الذين لا يوجد لهم علاج في مستشفيات الضفة الغربية
مع الرفض الإسرائيلي المتكرر لسفر المرضى الفلسطينيين من قطاع غزة للعلاج في الضفة الغربية والقدس، تفتح مصر ذراعيها، وتوفر لهم الخدمة الطبية اللازمة.
وتحولت مصر إلى قبلة للفلسطينيين المرضى الممنوعين من السفر للعلاج، وكذلك الذين لا يوجد لهم علاج في مستشفيات الضفة، بعد قرار السلطة الفلسطينية وقف التحويلات للمستشفيات الإسرائيلية.
المواطن الفلسطيني محمد العقاد (43 عاما) لا يعاني من المرض الذي يفتك به فقط بل من منع سلطات الاحتلال الإسرائيلي منحه تصريحا بالموافقة للمرور من معبر بيت حانون/إيرز للوصول إلى مستشفى المقاصد بمدينة القدس لتلقي العلاج من آلام الدسك في رقبته.
في غزة التي تعاني فيها المستشفيات من تردي الخدمات الصحية المقدمة جراء نقص الأجهزة الطبية المتطورة فضلا عن النقص الكبير في بعض التخصصات النوعية، قررت وزارة الصحة تحويل العقاد للعلاج في مستشفى المقاصد بالقدس منذ تشخيص حالته قبل سنة تقريبا، التي تحتاج لعملية دقيقة في الرقبة.
شكرا يا مصر
لكن 4 محاولات لحصول محمد على موافقة إسرائيلية لمغادرة غزة عبر معبر بيت حانون باءت بالفشل جراء الرفض الإسرائيلي لطلباته التي قدمها تباعا من خلال هيئة الشؤون المدنية الفلسطينية، وفق تأكيده لـ"العين الإخبارية".
لم يقف محمد العقاد مكتوف الأيدي وتوجه للمؤسسات الحقوقية بغزة للتدخل لكن دون جدوى.. فقرر التوجه إلى مصر لتلقي العلاج في مستشفياتها خشية من إصابته بالشلل الرباعي جراء تفاقم آلام رقبته ويده اليسرى.
الأطباء في غزة نصحوه بالراحة التامة وعدم العمل لكنه يضطر للعمل في صناعة الحجارة لتوفير قوت أطفاله الأربعة، يقول: "مضطر للعمل في الحجارة بمبلغ يومي زهيد لا يتجاوز 40 "شيكل" (الدولار 3.5 شيكل) كي أوفر احتياجات عائلتي الضرورية".
وأكد أنه ينتظر ترتيبات سفره خلال أيام، ولديه ثقة كاملة بالعلاج في بلده الثاني مصر.
لم يكن حال سامر عبد العليم (36 عاما) أحسن حالا؛ إذ رفض الاحتلال منحه تصريح مرور من إيرز للقدس مرتين فكانت قبلته مصر قبل 6 أشهر تلقى فيها علاجا متقدما تعافى على إثره.
وقال العليم: لـ"العين الإخبارية": "عانيت من مشاكل في الصدر، وحاولت السفر للقدس للعلاج والتشخيص لكن الاحتلال رفض ذلك مرتين، دون أي مبرر، فاخترت أن أختصر الطريق وأتوجه إلى مصر التي فتحت لي ذراعيها ووجدت أفضل خدمة طبية وأحسن استقبال ومعاملة، فشكرا كبيرا لمصر".
عرقلة إسرائيلية
وبحسب وزارة الصحة الفلسطينية فإن سلطات الاحتلال الإسرائيلي عرقلت خلال شهر سبتمبر الماضي سفر 740 من مرضى القطاع المحولين للعلاج في مستشفيات الضفة الغربية، بما فيها مدينة القدس المحتلة، وذلك من أصل 1.916 طلب تصريح للعلاج، أي ما نسبته (38.6%) من إجمالي الطلبات المقدمة.
وعزت سلطات الاحتلال رفض 219 طلباً لأسباب أمنية (11.4%)، ولم ترد على 144 طلباً (7.5%)، وأخرت الردود (تحت الدراسة) على 309 طلبات (16.1%)، فيما طلبت السلطات المحتلة من 11 مريضاً تغيير مرافقيهم (0.5%)، وتأخر سفر 57 مرضى (2.9%) بذرائع مختلفة.
وبحسب تقرير حقوقي، ففي خلال عام 2018، عرقلت سلطات الاحتلال سفر 10,057 مريضاً من مرضى قطاع غزة المحولين للعلاج إلى المستشفيات الإسرائيلية أو في مستشفيات الضفة الغربية.
ووفق التقرير تتبع سلطات الاحتلال مجموعة من المعيقات التي تعمد من خلالها لحرمان مرضى القطاع من العلاج، وأهمها: منع سفر المرضى من دون إبداء أسباب، حرمان المرضى من السفر لأسباب عائلية، اعتقال المرضى على معبر بيت حانون "إيريز".
بجانب ابتزاز المرضى ومساومتهم على التعاون مع سلطات الاحتلال، والتحقيق مع المرضى، والتأخير في الرد على المرضى، وعدم الاهتمام والاكتراث بمواعيد علاج المرضى، واعتقال مرافقي المرضى، وفرض قيود مشددة على مرافقي المرضى، ومساندة القضاء الإسرائيلي لممارسات السلطات المحتلة الخاصة بمنع علاج المرضى.
قيود إسرائيلية
ويؤكد الدكتور فضل المزيني، الباحث في وحدة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية في المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، أنه لم يطرأ أي تحسينات على حركة المرضى ومرافقيهم عبر معبر بيت حانون.
وأشار المزيني في حديثه لـ"العين الإخبارية" إلى أن الاحتلال الإسرائيلي يحرم المرضى من السفر، ويعرضهم للاعتقال ويساومهم للتخابر معه.
وقال: "نتوجه في المركز لمكتب الشؤون الإنسانية في الجيش الإسرائيلي في محاولة لإزالة أسباب المنع ونحقق نحو 30% من الموافقات لمرفوضين".
وأشار إلى أن معظم الممنوعين من السفر يلجأون للمستشفيات المصرية لتلقي العلاج، مشيرا إلى أن هناك مرضى حالتهم الصحية المتدهورة جدا لا تسمح لهم بالسفر مسافات طويلة للوصول لمصر فيضطرون للبقاء في غزة وتكرار المحاولات مع الجانب الإسرائيلي لعلها تنجح.
المقاطعة
التوجه إلى مصر لا يقتصر على المرضى الممنوعين من السفر، ففي الآونة الأخيرة، قررت السلطة الفلسطينية وقف التحويلات الطبية إلى المستشفيات الإسرائيلية، واقتصارها على مستشفيات الضفة أو القدس، وفي حالات الاضطرار اللجوء للمشافي الأردنية أو المصرية.
وبدأت السلطة تطبيق هذه السياسة اعتبارا من شهر مارس 2019، وفق القرار المعلن من وزارة الصحة، ما جعل هناك زيادة على الإقبال على المشافي المصرية.
ومؤخرا أعلنت وزيرة الصحة الفلسطينية مي كيلة أن وزيرة الصحة المصرية هالة زايد أوعزت بتيسير إجراءات لجنة تحويل المرضى الفلسطينيين وجعلها إلكترونيا، لسهولة وسرعة تقديم العلاج اللازم لهم، بحيث يتم مناظرة فحوصات المريض إلكترونيا بعد وصوله إلى مصر لسرعة تلقي العلاج.
وأعربت الوزيرة كيلة عن شكرها للأشقاء في مصر على حسن استقبال المرضى الفلسطينيين المحولين إلى المستشفيات المصرية، مبينة أن الهدف الرئيسي من هذه الإجراءات هو تخفيف المعاناة عن المريض الفلسطيني.
aXA6IDE4LjIyMy4xNTguMTMyIA==
جزيرة ام اند امز