وصية زايد "مصر هي القلب".. الأبناء على درب الآباء
"نهضة مصر نهضة للعرب كلهم.. وأوصيت أبنائي بأن يكونوا دائما إلى جانب مصر.. وهذه وصيتي، أكررها لهم أمامكم، بأن يكونوا دائما إلى جانب مصر، فهذا هو الطريق لتحقيق العزة للعرب كلهم.. إن مصر بالنسبة للعرب هي القلب، وإذا توقف القلب فلن تكتب للعرب الحياة".
وصية خاصة بمصر تركها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان مؤسس دولة الإمارات، تبرز المكانة الخاصة التي كانت تحظى بها مصر في قلبه ومحبته الكبيرة لها.
وصية أكد خلالها أن مصر هي القلب، وضع خلالها رؤية شاملة ومتكاملة وأسسا متينة لعلاقات المحبة التي تربط البلدين.
محبة غرسها الشيخ زايد، في قلوب أبنائه وبني وطنه، فأضحت الرابطة الأخوية مع مصر أحد ثوابت السياسة الخارجية لدولة الإمارات، وأضحى التشاور والعمل المشترك لمواجهة كافة التحديات نهجا مشتركا، وأضحت العلاقات بينهما نموذجا يحتذى على مدار 5 عقود، وتوحدت الرؤى والأهداف الاستراتيجية حتى أضحت "الإمارات ومصر قلبا واحدا".
أجندة حافلة
ومن وحي هذا الشعار المستلهم من وصية زايد تنظم الإمارات ومصر احتفالية كبرى تحت عنوان "الإمارات ومصر قلب واحد" تنطلق اليوم الأربعاء وتستمر على مدار 3 أيام للاحتفاء بمرور 50 عاماً على العلاقات الإماراتية المصرية التي أرسى دعائمها مؤسس دولة الإمارات الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان.
الاحتفالية التي تنطلق تحت رعاية الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات والرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، تتضمن أجندة حافلة من فعاليات سياسية واقتصادية وثقافية وفنية ورياضية تحتفي بمتانة العلاقات الأخوية وتستهدف تعزيز الروابط والعلاقات المتينة الممتدة لأكثر من خمسة عقود، وصياغة مستقبل أكثر تعاوناً وإنجازاً بين البلدين في مختلف المجالات والقطاعات الحيوية.
تتضمن الاحتفالية التي تقام في القاهرة أكثر من 20 جلسة تجمع وزراء حكومتي الإمارات ومصر ومسؤولين في الاقتصاد والثقافة والإعلام والقطاع الخاص يجتمعون للاحتفاء بـ 5 عقود من العلاقات المتميزة وتعزيزها لآفاق أوسع وأكثر شمولاً .
وتضم أجندة الجلسات في يومها الأول كلمة افتتاحية للرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، وكلمة للدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء المصري حول واقع ومستقبل العلاقات بين الشعبين، بينما يتناول أحمد أبو الغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية، العلاقات العربية - العربية انطلاقاً من النموذج الإماراتي المصري.
وفي كلمة رئيسية يتحدث محمد القرقاوي، وزير شؤون مجلس الوزراء الإماراتي، حول العلاقة الإماراتية المصرية وأهمية مصر التاريخية.
كما يتضمن اليوم الأول أجندة حافلة من الجلسات يتحدث فيها وزراء ومسؤولون ورجال أعمال من الجانبين.
ويفتتح الدكتور أنور بن محمد قرقاش المستشار الدبلوماسي لرئيس دولة الإمارات، فعاليات اليوم الثاني، حيث يناقش العلاقات السياسية الإماراتية المصرية ودورها في بناء عمق استراتيجي عربي.
وتضم الأجندة فقرة حول المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان في الإعلام المصري، ضمن جلسات عدة تبرز قوة العلاقات بين البلدين على مختلف الأصعدة ولا سيما على الصعيد الثقافي والإعلامي.
مكانة خاصة
وخلال تلك الاحتفالية الكبرى، يستذكر المصريون باعتزاز وامتنان وتقدير مؤسس دولة الإمارات المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان وأبناءه من بعده وصولا للشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات، الذين أحبوا مصر فأحبهم المصريون وأعطوهم مكانة خالدة في قلوبهم.
محبة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان لمصر وشعبها عبر عنها في مواقف عدة كان خلالها سباقا لدعم مصر، بدءا من مساهمته في إعادة بناء القوات المسلحة المصرية عقب حرب 1967 ومرورا بمساندته التاريخية لمصر خلال حرب 1973 وقراره بوقف تصدير البترول إلى الدول المساندة لإسرائيل، معلنا أمام العالم أجمع مقولته التاريخية بأن "النفط العربي ليس بأغلى من الدم العربي".
وكما كان الشيخ زايد داعما لمصر في أوقات الحرب فكان مساندا لجهود تنميتها، ويبرز ذلك في اسم "زايد" الذي يعلو عددا من المشروعات الخدمية والتنموية بمجالات الإسكان والصحة والزراعة وغيرها.
وبعد وفاة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان عام 2004، وتولي نجله الشيخ خليفة مقاليد الحكم، سار الأبناء على درب المؤسس، تنفيذا لوصية الشيخ زايد بضرورة الحفاظ على علاقة الأخوة والود التي تجمع مصر بدولة الإمارات وتقديم الدعم والمساندة لمصر.
وكان الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان يؤكد دائما خلال لقاءاته بالرئيس المصري الراحل حسني مبارك حرصه على تعزيز أواصر العلاقات الأخوية المتميزة التي تربط البلدين الشقيقين وتدعيمها في مختلف المجالات.
وتتويجا لهذا التطور في العلاقات، وقعت دولة الإمارات وجمهورية مصر ممثلةً بوزارتي خارجية البلدين، عام 2008 مذكرتي تفاهم بشأن المشاورات السياسية، تستهدف تعزيز المشاورات الثنائية بشأن القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.
وقفة تاريخية
وعلى نفس الدرب سار أيضا الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولا ينسى المصريون الوقفة التاريخية للإمارات إلى جانب مصر، في أعقاب ثورة 30 يونيو/حزيران بمصر عام 2013، على مختلف الأصعدة.
على الصعيد السياسي، دعا الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية والتعاون الدولي الإماراتي، في كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في 28 سبتمبر/أيلول 2013، إلى تقديم الدعم للحكومة المصرية وللاقتصاد المصري بما يعزز مسيرتها نحو التقدم والازدهار.
ولا تنسى مصر آنذاك أن أول زيارة لوفد رسمي رفيع المستوى عربي وأجنبي يزورها بعد ثورة يونيو/حزيران 2013 كان من دولة الامارات.
على الصعيد الاقتصادي، بادرت دولة الإمارات في مساعدة الجانب المصري فضلاً عن الاشتراك في استثمارات كبرى لدعم الدولة، ففي عام 2013 وقع البلدان اتفاقية لدعم البرنامج التنموي المصري، قدمت بموجبها دولة الإمارات 4.9 مليار دولار لتنفيذ مجموعة من المشاريع التنموية في مصر.
وأكد الشيخ محمد بن زايد ال نهيان في تصريحات له في نوفمبر 2013" أن وقفة دولة الإمارات مع مصر وقفة أخ لأخيه.. وهي نابعة من محبتنا لمصر وليس كرها في أحد .. مصر غالية علينا .. مصر مهمة لنا جميعا .. وهي نقطة اتزان في العالم العربي.. ومهمتنا ومهمة اخواننا وأشقائنا بل ومهمة العاقل في العالم العربي هي الحفاظ على هذا البلد".
ومع تولي الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي حكم مصر عام 2014، وصلت خصوصية العلاقات بين القاهرة وأبو ظبي ذروتها، حيث شهدت تطورًا كبيرًا ونوعيًا في المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية والعسكرية وغيرها.
ولا ينسى المصريون الكلمة التاريخية للشيخ محمد بن زايد آل نهيان خلال لقائه الرئيس السيسي عقب توليه رئاسة مصر في يونيو/حزيران 2014، بأن "الإمارات ستظل على عهدها وفية لمصر وسندا قويا لها".
وبالفعل قدمت الإمارات عام 2015 حزمة دعم جديدة بقيمة 14.7 مليار درهم للشعب المصري الشقيق تتكون من شريحتين متساويتين في القيمة إحداهما وديعة في المصرف المركزي المصري والثانية لصالح مشاريع متنوعة في قطاعات متنوعة، كما أعلنت خلال مشاركتها في القمة الاقتصادية بشرم الشيخ، أن إجمالي ما قدمته خلال العامين الأخيرين لمصر-في ذاك الوقت- بلغ نحو 51 مليار درهم.
ومنذ تولي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات مقاليد الحكم في 14 مايو/أيار الماضي، جمعته 5 لقاءات وقمم مع نظيره المصري عبدالفتاح السيسي من بين 11 لقاء وقمة جمعتهم خلال 9 شهور فقط، الأمر الذي يبرز قوة العلاقات بين البلدين.
قمم ولقاءات نقلت مستوى العلاقات الثنائية خلال السنوات الأخيرة إلى مراحل متقدمة مما أسهم في تعزيز حضورهما، كأحد أهم اللاعبين الأساسيين في المنطقة على المستوى السياسي والاقتصادي والعسكري.
وتنطلق اليوم الأربعاء فعالية "الإمارات ومصر وقلب واحد" بهدف تطوير سبل وآفاق جديدة للتعاون في مجالات الاقتصاد والاستثمار والتجارة والإعلام والثقافة بما يلبي متطلبات المرحلة الحالية بما تشهده من متغيرات عديدة تستوجب مواصلة تطوير صيغ التعاون وآلياته.