الدور المصري يأتي حاسماً حيال أية مواجهة ولصالح القوى الوطنية الرافضة للهيمنة الاستعمارية، وللفصائل المتطرفة التي دمرت ليبيا
يتحرك أردوغان بمواقفه الرعناء وامتداداته في المنطقة العربية دون استبصار لما تؤول إليه نتائج اختراقاته، ولمّا كان محكوماً بغريزته الشريرة أكثر مما هو مصغٍ لنداء المعارضة السياسية والشعب التركي، ذلك ما يجعل الواقع العربي في حالة من الاضطرابات الدائمة، وقد تلحق بنظامه جملة من الانهيارات السياسية وارتداداتها المؤثرة على الداخل التركي.
وتظل السمة الطاغية على مواقفه صاخبةً، تحمل في ثناياها الظلم والعدوان، دون احترام للجوار أو الاهتمام بالمبادئ الإنسانية، فضلاً عن تشبثه باستمرار إرسال المسلحين والعسكريين والمستشارين الأتراك لفرض الهيمنة وخلق الفوضى على امتداد الأراضي الليبية، وتوسيع رقعة احتلاله للأرض الليبية التي دحرت عبر العهود المنصرمة القوى الاستعمارية، وتحدى السلطان الواهم بصلفه وغروره الاتفاقيات والمعاهدات الدولية بخصوص الأزمة الليبية.
اشتداد الأزمة الليبية بصراعاتها جعل جمهورية مصر العربية حريصة على دعم أمنها القومي وإبعاد المتطرفين عن الحدود المشتركة مع ليبيا التي تمتد لأكثر من ألف ومئتي كيلو مترا، وليست هذه الحدود مأهولة بالسكان ويسهل اختراقها، وإذا ما استحكمت التنظيمات المتطرفة، فإنها قد تؤثر على مداخل الحدود المصرية وتؤدي بالتالي إلى عمليات استفزازية.
ومازال أردوغان مصراً على مواصلة تدخله في الشأن الليبي، من خلال دعمه مليشيات فايز السراج غير الشرعية، وعقب اجتماعه بأعضاء مجلس الأمن القومي التركي، شدد على استمرار تركيا في تقديم الخدمات الاستشارية العسكرية، ومواصلة معاداتها للمجتمع الدولي، وقيامها بعمليات التنقيب غير القانونية على الغاز في شرق المتوسط.
اشتداد الأزمة الليبية بصراعاتها جعل جمهورية مصر العربية حريصة على دعم أمنها القومي وإبعاد المتطرفين عن الحدود المشتركة مع ليبيا.
وتجلى الدور المصري بتبني العديد من المبادرات القومية لضمان السيادة على الأرضي الليبية، ولوضع حدٍ للتدخلات الخارجية، وشكلت القاهرة لجنة رباعية رفيعة المستوى معنية بالشأن الليبي، واستضافت اجتماعات ومشاورات توحيد المؤسسة العسكرية، وإطلاق مبادرات لمناقشة التطورات المثيرة في شرق المتوسط وقيام تركيا بالتنقيب عن الغاز وإدخال شركات لها إلى ليبيا.
وتزامنت تصريحات الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، خلال استعراضه لقوات الجيش المصري المرابطة على الحدود الغربية لمصر مع ليبيا، مع إعلان القاهرة لحل الأزمة الليبية، وأيضاً مع تلقي الأمانة العامة لجامعة الدول العربية طلباً من جمهورية مصر، لعقد اجتماع افتراضي طارئ على مستوى وزراء الخارجية من أجل بحث تطورات الأوضاع في ليبيا، لكن حكومة الوفاق أعلنت أنها لن تشارك في الاجتماع المقبل للجامعة العربية.
وأوضح السيسي أن أي تدخل مباشر من الدولة المصرية باتت تتوفر له الشرعية الدولية، سواء في ميثاق الأمم المتحدة "حق الدفاع عن النفس"، أو بناء على السلطة الوحيدة المنتخبة من الشعب الليبي مجلس النواب، ومن أهداف هذا التدخل حماية الحدود الغربية للدولة ووقف إطلاق النار بين الأطراف المتنازعة في ليبيا، فضلاً عن إطلاق مفاوضات التسوية السياسية.
وقال:" إن الجاهزية والاستعداد القتالي للقوات صار أمراً ضرورياً وحتمياً في ظل حالة عدم الاستقرار والاضطرابات التي تسود منطقتنا، وإن قيادات هذه القوى الخارجية أمرت ما يصفها بالميليشيات والمرتزقة بالاستعداد للاعتداء المباشر على مقدرات الشعب الليبي، والتقدم شرقا في ليبيا لتهديد حدود مصر الغربية ومصالحها بشرق المتوسط، ووجه السيسي من المنطقة العسكرية الغربية، إلى الضباط والجنود والقبائل رسالة بلهجة المستعد للحرب في ما وصفها باللحظة الفارقة".
وفي كل الأحوال فإن الدور المصري يأتي حاسماً حيال أية مواجهة ولصالح القوى الوطنية الرافضة للهيمنة الاستعمارية، وللفصائل المتطرفة التي دمرت ليبيا وروعت المواطنين وسلبت الأموال واستباحت حقوق الآخرين بكل خسة ونذالة.
وبهذه الاعتبارات يمكن الإشارة، أن لا وجود لأية تنظيمات متطرفة في صفوف قوات الجيش الوطني الليبي، ذلك ما يعطي تقدماً واسعاً في ظل المبادرات الإقليمية والدولية، والمواقف الشعبية والقبلية المؤيدة لمواقف جيش ليبيا الوطني لإنهاء الأزمة وإجلاء القوى الدخيلة المحتلة، وكل الهيئات الخارجة عن الشرعية والعابثة بأمن البلاد.
وتدرك اليوم القيادة المصرية أن الأمة العربية تواجه أزمات عديدة وصعبة منها سياسية واقتصادية وبيئية وعسكرية، وعليها الالتزام بالموقف القومي الموحد لمنع استفحال خطورة الأوضاع وما يتعلق بتصاعد حدتها في سوريا والعراق وليبيا واليمن.. والإدراك من جديد أن حل قضايانا العربية يظل متعذراً عبر المبادرات الغربية والأحلاف المشبوهة، وأن لا خيار ولا موقف على الأرض العربية إلا بترجمة قرارات الجامعة إلى فعل وطني، وعدم قبول المزايدات في معركة حاسمة ذات أهداف مصيرية.
وإجمالاً فإن قوات الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير حفتر، هي المدافع عن السيادة الليبية، وإلى جانبه الجيش العربي المصري وكل القوى العربية الوطنية والقومية، مع الشعب الليبي لدحر الغزاة المحتلين عن ربوع ليبيا الخضراء، العربية بكرامتها وعزتها وشموخها، ولن يسمح الأشقاء في القوات المصرية أن تُستباح ليبيا وتُنتهك أرضها بأي شكل مهما كانت المواقف والتضحيات.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة