دبلوماسية مبارك.. تقارب عربي وجفاء أفريقي
بعد فترة انقطاع دامت عدة سنوات، تمكن الرئيس الأسبق حسني مبارك من عودة العلاقات المصرية مع الدول العربية فيما تجاهل إفريقيا بعد محاوله اغتياله
شهدت حقبة الرئيس المصري الراحل، حسني مبارك، نشاطا دبلوماسيا كبيرا عربيا، فيما على النقيض عرفت جفاءً تجاه القارة الإفريقية خلافا لما كان عليه الحال إبان سابقيه.
وتوفي الرئيس الأسبق اليوم الثلاثاء عن عمر يناهز 92 عاما بعد نحو شهر من وعكة صحية وتدخل جراحي بأحد المستشفيات العسكرية جنوبي القاهرة.
وتوترت العلاقات العربية المصرية مع زيارة الرئيس الراحل محمد أنور السادات إلى إسرائيل نوفمبر/تشرين الثاني 1977، حيث أدت إلى قطع العلاقات الدبلوماسية مع القاهرة، وسحب السفراء العرب منها، ونقل مقر الجامعة العربية
وبعد فترة انقطاع دامت عدة سنوات، تمكن مبارك من عودة العلاقات المصرية مع الدول العربية، كما نجح في إعادة مقعد مصر بالجامعة العربية وكذلك عودة مقرها إلى العاصمة القاهرة في 1989، بعد أن كان تم نقلها مؤقتا إلى تونس.
في المقابل، تسببت محاولة اغتيال حسني مبارك فى أديس أبابا عام 1995 في تدهور علاقات القاهرة بإثيوبيا بصفة خاصة والقارة الإفريقية بصفة عامة.
عودة مصر للحضن العربي
ومع تولي مبارك الحكم (1981 - 2011)، وجد نفسه أمام تركة ثقيلة داخليا بتزايد موجات العنف والإرهاب داخل البلاد، وخارجيا عزلة مصرية عن محيطها العربي جراء السياسات السابقة للرئيس السادات.
وحرص الرئيس المصري الأسبق على تقديم رؤية بلاده لعملية السلام الداعمة للتسوية السلمية للصراع في المنطقة، والبحث عن تأسيس مشروع تنمية للسوق العربية المشتركة والاستثمار العربي المشترك، إضافة لتفعيل دور الجامعة العربية في لم الشمل العربي لمواجهة التحديات الدولية.
وساهمت أوضاع المنطقة بشكل كبير في مساعدة النظام المصري في عودة العلاقات خاصة عقب غزو إسرائيل للبنان وتشتيت المقاومة الفلسطينية.
وعملت دبلوماسية حسني مبارك على إعادة علاقات مصر بمعظم الدول العربية ثنائيا طوال فترة الثمانينيات، قبل أن تعود رسميا إلى الجامعة العربية عام 1889 بقرار من مؤتمر القمة الطارئة بالدار البيضاء وهي القمة التي استكملت مخططات المصالحة العربية التي بدأتها قمة عمان في نوفمبر/تشرين الثاني 1987
وحرص مبارك على توطيد هذه العلاقات مع الدول العربية، وانضمت مصر إلى "مجلس التعاون العربي" الذي تم تشكيله عام 1989 وضم كلا من مصر والعراق والأردن واليمن، ولكن لم تستمر أعمال هذا المجلس كثيرا وانحل بعد حرب الخليج الثانية وغزو العراق للكويت عام 1990.
وأطلق عدد من الكتاب والمفكرين على عهد مبارك "فترة عودة مصر للعرب، وعودة العرب على مصر".
تكامل سياسي واقتصادي
وعمل مبارك على تقوية العلاقات مع الدول العربية في كافة المجالات، عبر " المشروع العربي – المصري" بداية من إدارة المفاوضات مع الجانب الإسرائيلي والعمل على تهدئة الصراع بالمنطقة، وصولا إلى توطيد العلاقات الاقتصادية من تفعيل الاستثمارات وتبادل المصالح.
وعاد الدور المصري على المستوى الإقليمي، عبر ظهور مصر في مجموعة الـ 15 ومجموعة الـ 77 ومجموعة عدم الانحياز والكوميسا ومجلس التعاون العربي، إضافة إلى انضمامها إلى منظمة المؤتمر الإسلامي وعودتها للجامعة العربية، وانتسابها لمجلس التعاون الخليجي وقتها.
وفي مجال الاقتصاد، ركز مبارك على إطلاق دعوة التكامل الاقتصاد العربي ودعم العلاقات الاقتصادية البينية، عبر مجلس التعاون العربي وطرح فكرة إنشاء منطقة تجارة حرة بين الدول العربية، كبوابة للتكامل والتعاون في مجال السياسة.
مصر أفريقيا بعهد مبارك
مثلت محاولة الاغتيال الفاشلة للرئيس الأسبق محمد حسني مبارك 1995 علامة فارقة ونقطة تحول في العلاقات المصرية الإفريقية.
وبدأت مصر تتجنب المشاركة في القمم الأفريقية وعادة ما كان التمثيل المصري دون المستوى مما ساهم في فترة جفاء على عكس التقارب القوي خاصة في عهد الرئيس الأسبق جمال عبد الناصر.
وفي عهد عبد الناصر، كان لمصر مكانة كبيرة في جميع دول أفريقيا التي كان أغلبها حينئذ يبحث عن حريته ويحتذي بنموذج الثورة المصرية، ولم تتأخر القاهرة في دعم حركات التحرر الأفريقية بمختلف صور الدعم، وكانت مقرا آمنا وملاذا لكل زعماء وثوار أفريقيا.
إلا أن العلاقات شهدت تراجعا في عهد الرئيس الأسبق السادات وصل إلى حد التجاهل والتهميش مع عهد مبارك.
ومع ابتعاد مصر عن أفريقيا، تحولت العلاقة الإيجابية إلى عدائية، ومن ثم جرى توقيع اتفاقية عنتيبي التي تنص على إنهاء الحصص التاريخية لدولتي المصب مصر (55.5 مليار متر مكعب) والسودان (18.5 مليار متر مكعب)، فضلاً عن شروع إثيوبيا في بناء سد النهضة .
وتصف مصر الاتفاقية الإطارية لدول حوض النيل، المعروفة بـ"اتفاقية عنتيبي" الموقع إطارها العام في 2010، بـ"المخالفة للقانون الدولي"، متمسكة بالاتفاقات السابقة لتنظيم مياه النيل.
لكنَّ الدول الموقعة عليها وهي: إثيوبيا وأوغندا ورواندا وتنزانيا وكينيا، تراها "ترتكز على انتفاع دول حوض النيل انتفاعا منصفا ومعقولا من موارد مياه المنظومة المائية للنهر".
وتخشى القاهرة من تداعيات بناء السد (قيد الإنشاء)، وأن تكون لسرعة ملء خزانه آثار سلبية تقلل من حصة مصر في مياه نهر النيل، مصدر المياه الرئيسي في البلاد.
بينما تقول إثيوبيا إن السد سيحقق لها فوائد عديدة، لاسيما في إنتاج الطاقة الكهربائية، ولن يُضر بدولتي المصب، السودان ومصر.
وأطاحت احتجاجات شعبية بنظام الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك في 25 يناير/كانون الثاني 2011 قبل أن يعلن رسميا وفاته اليوم.
aXA6IDE4LjIyMi4yMC4zMCA= جزيرة ام اند امز