البطلة أميرة.. ممرضة مصرية تروي لـ"العين الإخبارية" معركتها ضد كورونا
الممرضة المصرية أميرة زكريا تروي لـ"العين الإخبارية" تفاصيل الأيام الصعبة التي قضتها في مستشفى عزل المصابين بفيروس كورونا المستجد
بعد 20 يوماً لم تطأ فيها قدمها خارج مستشفى عزل المصابين بفيروس كورونا، لم تتصور الممرضة المصرية أميرة زكريا أنَّ صورها ستكون في انتظارها في مدخل البناية التي تسكنها عند عودتها، معنونة بلقب "البطلة" لمعالجتها مرضى "كوفيد-١٩".
وخلال الأسبوع الماضي، حرص مصريون على رد الجميل لـ"الجيش الأبيض" من الأطقم الطبية التي تواجه فيروس كورونا في بلادهم، من خلال مواقف عدة عكست رغبتهم في التعبير عن امتنانهم وشكرهم لـ"ملائكة الرحمة".
ووفق البروتوكول الطبي المعمول به في مصر، فإن الأطقم الطبية تجري تحليلاً للكشف عن الإصابة بفيروس كورونا المستجد، كل ١٤ يوماً داخل الحجر الصحي، للاطمئنان على عدم نقل العدوى لهم من المرضى.
لحظات القلق
ساعات قليلة كانت تفصل الممرضة أميرة زكريا عن معرفة نتيجة التحليل المخبري لفيروس كورونا، بعد انتهاء فترة عملها بأحد مستشفيات العزل الصحي جنوبي العاصمة القاهرة، ففكرت في تدوين مشاعرها حينها عبر حسابها على "فيسبوك" تطلب من الناس الدعاء لها.
تقول أميرة (٢٣ عاماً) لـ"العين الإخبارية": "كنت أنهيت مهمتي في علاج مرضى كورونا داخل المستشفى، وأنتظر إجراء التحليل ومعرفة نتيجته قبل العودة إلى منزلي، وكنت أخشى أن أتحوّل من ممرضة إلى مريضة، فكرت في مشاركة ما أشعر به عبر صفحتي، لكني لم أتخيل أن يلقى حديثي هذا الانتشار والتفاعل، وفوجئت بردود فعل إيجابية ودعوات تنهال عليّ، الجميع يدعو الله أن أكون بخير وتكون نتيجتي سلبية".
وبصوت يملأه الحماس، تقول: "ردة فعل الناس على السوشيال ميديا أثّرت فيّ جداً، جعلتني أتقبل نتيجة التحليل مهما كانت سواء سلبية أو إيجابية وقلت لنفسي سأتعايش مع الأمر مهما كان".
دعم الجيران بصورة "البطلة"
وامتد هذا الدعم إلى جيران أميرة أنفسهم الذين علّقوا صورتها عند مدخل منزلها وكتبوا عليها "البطلة"، وهو ما أزال مخاوف أميرة من ردود فعل المحيطين بها عند عودتها من مستشفى العزل.
وعن هذا، تقول أميرة: "عندما عدت وجدت الجيران يرحبون بي، ويستقبلونني بحرارة حتى الأطفال كانوا يشيرون إليّ، لم أفهم حتى دخلت المنزل وفوجئت بصوري في كل مكان ومكتوب عليها البطلة".
لا تخفي سعادتها، وتضيف: "شعرت أن الجميع فخور بعملي وأن الفترة الماضية كانت محل تقدير من أقرب الناس، منحوني طاقة كبيرة محت كل مخاوف العودة من المستشفى".
أيام العزل
لا ترى أميرة نفسها بطلة بقدر ما ترى أن ما تفعله من واجبها، وتروي عن أيام عملها بالمستشفى: "طوال فترة الحجر الصحي كنت قلقة على المصابين خاصة أن البعض منهم انتابته حالة اكتئاب، وكانت هناك حالات حرجة، وكنت أبحث بشتى الطرق عن وسائل التخفيف عنهم".
وتضيف: "من تحب الرسم من المصابات كنت أرسم لها، ومن تحب القراءة كنت أحضر لها الكتب، كنت لا أشعرهم بأني خائفة منهم لأني أدرك أن العامل النفسي مهم جداً في محاربتهم للوباء".
وتتابع: "أشعر أنني أحارب كورونا كل يوم مع كل مصاب جديد أتعامل معه، الأمر أشبه بمعركة حياة وسلاحنا فيها الأمل".
"أميرة" التي فقدت عدة كيلوجرامات خلال المدة التي قضتها داخل المستشفى، تبتسم وتقول: "لست وحدي مَن فقدت وزنها، لكننا جميعاً تغيرت حالتنا لم نكن ننام وحتى أكلنا كان قليلاً لأننا فقدنا شهيتنا مع ما نشاهده يومياً وأصبحت أولويتنا كيف سننجو والمصابون من هذا الفيروس".
تشجيع رواد التواصل الاجتماعي لأميرة جعلها تُطلع أصدقاءها من الطاقم الطبي الذين أصيبوا بالفيروس على دعوات الناس وآرائهم فيما يقدمونه من عمل وطني، حتى تولد لديهم دافع أكبر لمحاربة كورونا، وهو العودة لعملهم واستكمال رسالتهم.
عزل منزلي ووقاية مستمرة
٢٠ يوماً قضتها الممرضة داخل الحجر الصحي، وعندما عادت إلى منزلها لم تستطع الاقتراب من والدتها، وكان السلام بالإشارة، وفق قولها.
وتوضح: "لم أحتضنها، ولم أقبّل يدها، لا آكل مع أسرتي ولا أجلس معهم، حيث أقضي فترة حضانة بعد ظهور سلبية التحاليل، أعزل نفسي داخل غرفتي ولن أخرج منها إلا لعمل مسحة جديدة قبل عودتي لمستشفى العزل مع أول أيام رمضان".
ورغم أن أميرة تقضي إجازة حالياً، لكنها لا تنسى أنها ممرضة وتوجه أسرتها من داخل غرفتها بجميع الإجراءات الوقائية لمجابهة الفيروس، تارة بصوتها وتارة برسائل عبر الهاتف.
وترى الفتاة العشرينية أن النصيحة الأهم من بين الإجراءات الوقائية هي غسل اليدين بالماء والصابون، إلى جانب التهوية الجيّدة والابتعاد عن المكيفات قدر المستطاع مع اقتراب فصل الصيف.