بالكوميديا والتفاؤل.. 45 مصابا من عائلة مصرية يحاربون كورونا
45 مصابا من عائلة مصرية يواجهون فيروس كورونا المستجد بطرق مختلفة تنوعت بين الكوميديا وممارسة الهوايات أثناء قضاء فترة عزلهم
"أن تحارب مرضا يتفشى في العالم فهذا أمر صعب، ولكن قد يختلف الأمر عند محاربته مع عائلتك".. بهذه الكلمات بدأ الشاب المصري السيد نصر يحكي لـ"العين الإخبارية" كيف يحارب 45 شخصا من عائلته فيروس كورونا المستجد (كوفيد-١٩)، بعد إصابتهم بالفيروس منذ فترة قريبة.
وتواجه عائلة "السيد" وباء كورونا بطرق مبهجة تتمثل في الكوميديا والتفاؤل وممارسة الهوايات المختلفة أثناء قضاء فترة العزل، كما أنهم اتفقوا منذ اليوم الأول على إنشاء "مجموعة/قروب" على تطبيق "واتساب" للجمع بين أفراد العائلة المصابين، حملت عنوان "عائلة تحارب كورونا".
وداخل أحد مستشفيات العزل بمدينة كفر الزيات المصرية (وسط الدلتا)، يوجد أفراد العائلة منذ أكثر من أسبوعين، حسبما يذكر السيد نصر لـ"العين الإخبارية": "أصيب 47 شخصا من أسرتي بفيروس كورونا المستجد، منهم امرأتان حامل هما زوجتي وشقيقتي، وطفلان، بالإضافة لوفاة جدتي وعمي".
الحالة الأولى.. الجدة ثم الأعمام
يروي الحفيد، الذي يعمل موظفا بإحدى الشركات، بداية اكتشاف أول حالة داخل عائلته قائلا: "عمي الأكبر عبدالرؤوف (50 عاما) أصيب في البداية، واعتقدنا أنه مصاب بنزلة شعبية حادة، وبعد ٣ أيام اشتد عليه المرض وارتفعت درجة حرارته فتوجهنا للحميات واكتشفنا إصابته بفيروس كورونا المستجد".
ويوضح "السيد" أنهم لم يكتشفوا حتى الآن سبب إصابة عمه، الذي يمتلك محلا لبيع الطيور: "عمي يتعامل مع عدد كبير من الناس بحكم مهنته، وربما أصيب من أحد المتعاملين معه، خصوصا أنه لم يكن ينتبه لمسألة تعقيم النقود".
تتسارع الأحداث داخل "عائلة السيد"، بحسب حديثه، لتذهب الجدة (70 عاما) لإجراء تحليل الـ"بي سي آر" لتكتشف إصابتها في اليوم التالي وتتوفى بعدها بساعات أثناء نقلها لمستشفى العزل.
يقول الحفيد (32 عاما): "بعد وفاة جدتي وإصابة اثنين من أعمامي شعرنا بالخوف من انتقال العدوى إلى أفراد العائلة، وبدأ جميع المخالطين إجراء التحاليل الخاصة بالفيروس، خصوصا أن معظم أفراد العائلة يسكنون في بناية واحدة".
يسكن 4 أشقاء، بينهم والد السيد، داخل بناية بقرية بهتيم بمنطقة شبرا الخيمة (شمال القاهرة)، وبصحبتهم زوجاتهم وأولادهم وأحفادهم، بالإضافة إلى شقيقتهم وأسرتها، وأصيبوا جميعا بفيروس كورونا المستجد ويخضعون حاليا للعلاج في ٣ مستشفيات عزل متفرقة.
يتذكر "السيد" تلك اللحظات العصيبة ويقول: "توفي أحد أعمامي بعد جدتي بالفيروس، وهنا بدأ الجميع يشك في إصابته بكورونا ويركز في الأعراض التي تظهر عليه، وشعر كل منا بالخوف من كونه حاملا للفيروس وينقله للغير دون أن يعرف".
أعراض ومخاوف
أعراض "عائلة السيد" لم تكن متشابهة، فهناك مجموعة شعرت بآلام في البطن مع إسهال، ومجموعة أخرى أصيبت بسعال شديد وعدم القدرة على التنفس، فيما جمع البقية أكثر من عرض.
وفي الوقت الذي يبدي فيه الشاب الثلاثيني تفاؤله بتحسن أفراد عائلته، لم يستطع إخفاء مخاوفه مع اقتراب ولادة شقيقته ياسمين منه: "كل ما نمر به سيزول ونشفى جميعا بإذن الله لكن خوفي الأكبر على شقيقتي الحامل، خصوصا أنها أتمت شهرها التاسع منذ ١٩ يوما، ولا أملك سوى الدعاء لها ولزوجتي الحامل في شهرها الثاني".
يوجه "السيد" نصيحة للمصريين بضرورة اتباع الإرشادات الصحية والإجراءات الوقائية لحمايتهم ولحماية المجتمع، فعلى حد قوله: "صدقوني المسألة خطيرة ولا يجب أن تنتظروا وفاة أو إصابة قريبة منكم حتى تتأكدوا".
تقضية الوقت على قروب "عائلة تحارب كورونا"
بصوت يملؤه التفاؤل، يعبر الشاب عما يجول بخاطر أفراد عائلته: "جميعنا يؤمن بأن ما حدث قدر عائلتنا، نذكر بعضنا دائما أن الله اختار عائلتنا لنهزم كورونا إن شاء الله".
يتابع الحفيد بذات الحماس: "منذ اليوم أنشأنا مجموعة للعائلة على تطبيق (واتساب) بحيث يكون هناك تواصل ورفع لمعنويات الجميع، خصوصا أن كل شخص معزول في غرفة منفصلة، كما أننا موزعون على نحو ٣ مستشفيات، وأطلقنا على القروب اسم (عائلة تحارب كورونا) كدعوة للتماسك".
وبحسب "السيد"، فإن عائلته تحارب كورونا داخل العزل بممارسة المصابين لهواياتهم المفضلة من رسم وغناء وقراءة، وإرسال ذلك عبر قروب العائلة لبث روح التفاؤل، بالإضافة إلى إرسال مستجدات كل تشخيص لهم.
ويتبادل الجميع النقاش حول موضوعات أخرى عائلية متفرقة لا تخلو من الكوميديا والدعابة في أحيان كثيرة، وصولا إلى التخطيط لمرحلة ما بعد شفاء الجميع، واتفقوا على إخراج مال للفقراء.
يبلغ أصغر الأطفال الثلاثة المصابين داخل العائلة 3 سنوات، ويتشارك مع من هم في عمره في ممارسة الرسم والتلوين والعزف، كما يحرص الطاقم الطبي على اللعب معهم وتقديم الحلوى لهم، كدعم لهم.
يتابع الحفيد الذي يقضي جزءا من وقته في قراءة القرآن: "شعارنا الأمل ولن نسمح لليأس أن يجعلنا نخسر شخصا آخر بعد جدتي وعمي، هكذا نحارب كورونا وكلنا ثقة في هزيمته".