شابة مصرية تؤسس أكاديمية لتدريب الحيوانات الأليفة
المخاطرة بالوظيفة الثابتة مقابل تأسيس عمل غير مألوف في المجتمع المصري كانت أكبر التحديات أمامها
حبها الجم للحيوانات الأليفة وملاحظاتها الدائمة لسلوك الناس معها دفعها لتوعية الأصدقاء والأقارب بالأسلوب الأمثل في رعاية الطيور والحيوانات.
وبمرور الوقت تحولت هواية الاعتناء بالحيوانات الأليفة إلى عمل ثابت، لتخاطر المصرية ندى عبدالله بالوظيفة الدائمة مقابل تأسيس أكاديمية متخصصة لتدريب الحيوانات الأليفة.
من هواية إلى عمل
منذ اللحظات الأولى لمتابعة تعامل ندى مع الببغاوات والكلاب تدرك قدرتها على التفاهم معها وخلق لغة خاصة معها، ما يثير التساؤل حول سر اهتمامها الشديد بهذا المجال.
"من الصعب أن أبتعد عن العمل".. بهذه العبارة عبرت ندى عبدالله، مدربة الحيوانات الأليفة وأحد مؤسسي "باروت أكاديمي"، عن حبها لرعاية الطيور والحيوانات.
تجلس ندى بالساعات لإطعام تلك الحيوانات ومراقبة تصرفاتها، وعندما تلاحظ تغيرا في سلوك أحدها تسارع للتعرف على السبب، وعند انضمام طائر جديد إلى الأكاديمية، تقضي الشابة المصرية وقتا طويلا لترويضه.
وفي مقابلتها مع "العين الإخبارية" سردت ندى قصة عملها في مجال تدريب الحيوانات والطيور، قائلة "طوال حياتي أعتني ببغاوات في المنزل، وعلى الرغم من أن دراستي وعملي مرتبطان بالإعلام وعملت في هذا المجال لمدة 4 سنوات بعد تخرجي، وفي الوقت نفسه تابعت القراءة عن سلوك الحيوانات وعلم تدريبهم، ومع الوقت أصبح جزءا كبيرا من حياتي اليومية".
واعتادت ندى على تقديم النصيحة في رعاية الحيوانات والطيور، حرصا منها على توفير بيئة صحية لها، لتنسحب تدريجيا من وظيفتها الدائمة إلى مجال تدريب الحيوانات الأليفة.
ورغم تخوفها من خوض هذه التجربة وترك عملها والاتجاه لتدريب الحيوانات الأليفة، إلا أن حبها لاكتشاف هذا العالم شجعها على تجاوز آراء المحيطين بها، الذين وصفوا قرارها بـ“الجنون"، معتبرين أن مجال تدريب الحيوانات غير ملائم لشخصية الفتيات.
الاحتراف تحدٍّ
لم تكن كل الآراء سلبية، فقد وجدت ندى أيضا مشجعين ورفاق طريق لمساندتها في هذا المشوار.
وبالاطلاع على مجال تدريب الحيوانات خارج مصر بدأت ندى في تأسيس مكان صغير متخصص في تدريب الحيوانات والطيور الأليفة.
وتسترجع خطوات مشروعها الأولى قائلة "بالمذاكرة والقراءة أتقنت بنسبة كبيرة طبيعة الكلاب والغربان والقطط والببغاوات، وتحول الأمر من مجرد صفحة على فيسبوك إلى مركز صغير، ثم إلى أكاديمية متخصصة في هذا المجال".
في 2016 أسست ندى عبدالله ومحمد دسوقي "باروت أكاديمي" لتدريب الحيوانات الأليفة، ليتحول الأمر إلى عمل منتظم يتطلب مزيدا من الاحترافية والتعلم لمواكبة تطورات المجال، ما واجه الفريق صعوبات تتعلق بدراسة المشروع ومعرفة الطرق الحديثة للتدريب عبر مراسلة مراكز خارج مصر.
وتشكل المدربات أساس فريق باروت أكاديمي، وتقول ندى البالغة من العمر 28 عاما "نعتمد على مدربات أكثر ما يجعلنا نخوض تحديا من نوع آخر، وتضم الأكاديمية 3 مدربات هن سارة هيثم، ريهام سالم، وأميرة محمد، إضافة إلى مدربين هما محمد دسوقي وسيف مدحت، وهو أمر لا يتقبله العملاء بسهولة لنظرتهم أن الفتيات لا تصلح لهذه المهمة".
غرفة ملونة
بداخل غرفة ملونة مليئة بقطع خشبية تقف ندى أمام الببغاوات لتدريبها على حركات راقصة بأجنحتها، وتضع خطة التدريب اليومي، والتي تختلف حسب نوع الطائر والحيوان ودرجة استجابته.
وتشرح ندى دور الأكاديمية في خلق بيئة مناسبة للحيوانات، بداية من شكل المكان وطبيعة الطعام، وصولا إلى التدريبات للتعامل مع البشر، لحماية الأنواع النادرة من الانقراض والسلوكيات البشرية الخاطئة، إضافة إلى توظيفها بشكل صحيح في الحياة.
وتعدد المدربة 3 مستويات للتدريب، الأول يتعلق بالترويض مثل ببغاوات الصيد حتى يسهل رعايتها في المنزل، والثاني "تدريب تريكس" ويتعلق بتوظيف ذكائها في ترديد الأسماء والتعرف على الألوان، والثالث يرتبط بالرعاية الصحية وحفظ الحيوان لخطوات تعامل الطبيب معه.
وعن ردود فعل الناس، تفاخر ندى بنجاحها مع زملائها في تغيير نظرة البعض إلى الحيوانات، وتعديل سلوك آخرين في رعايتها، قائلة "أصبح لدينا نحو 100 عميل بعد شهرة المكان ونجاحه في تغيير ثقافة بعض الأشخاص في التعامل مع الحيوانات، والتأكيد على أن الرفق بالحيوان ليس رفاهية".
طموح لا ينتهي
تمكنت ندى وفريق باروت أكاديمي من إنقاذ بعض الببغاوات من عملية التهريب التي تتعرض لها، ما دفع الفريق للتفكير في توظيف الطيور والحيوانات في مهام كثيرة مفيدة للإنسان.
طموح المدربة الصغيرة ورفقائها في المشروع تجاوز تقديم النصيحة والتدريب فقط، بل امتد إلى إنشاء "حديقة عامة" للحيوانات والطيور الألفية لضم أكبر عدد من المدربين والمتدربات.
وتتحدث ندى بثقة كبيرة عن خطوتها المقبلة، قائلة "أسعى لتوظيف الحيوانات في أدوار مهمة أخرى في الحياة، مثل مساعدة المكفوفين ومرضى التوحد وكبار السن وإعادة تأهيل المتعافين من الإدمان، والاستعانة بها في تهذيب سلوك الأطفال وغرس صفات المسؤولية والإحساس بالآخر في سن صغيرة"، متوقعة إسهام هذه الخطوات في تغير ثقافة المصريين في رعاية الطيور والحيوانات الأليفة.