بعد غياب 30 عاما.. مصر تعيد إطلاق مدفع رمضان من قلعة صلاح الدين
بعد توقفه نحو ٣٠ عاماً، ينطلق مدفع رمضان من قلعة صلاح الدين الأيوبي بالقاهرة مجددا، مغرب الثلاثاء، منوهاً للصائمين عن موعد الإفطار.
تأتي تلك الخطوة بعد ترميم المدفع التاريخي الذي يبلغ عمره نحو 150 عاما.
وقالت وزارة السياحة والآثار المصرية، في بيان لها، إنها أجرت التجريب الأخير لإطلاق مدفع رمضان من جديد لأول مرة منذ عام ١٩٩٢، وذلك من ساحة متحف الشرطة بقلعة صلاح الدين الأيوبي بالقاهرة كما كان قديماً.
وأوضحت إيمان زيدان، مساعد وزير السياحة والآثار لتطوير المتاحف والمواقع الأثرية، أن أعمال ترميم المدفع جاءت في إطار خطة الوزارة لرفع كفاءة الخدمات السياحية بالمتاحف والمواقع الأثرية ومنها قلعة صلاح الدين الأيوبي.
وقالت إن المدفع سوف يضرب من جديد لحظة غروب الشمس وعند موعد الإفطار وذلك كل يوم طوال شهر رمضان، بما يضمن الحفاظ على التراث الأثري للقلعة وفي نفس الوقت مواكبة استخدام التكنولوجيا الحديثة، وذلك عن طريق إطلاق شعاع ليزر بجوار المدفع ليصل لمسافة بعيدة، بحسب البيان ذاته.
وأوضح الدكتور مصطفى وزيري، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، أن أعمال ترميم المدفع شملت إزالة طبقة الصدأ المكونة على جسم المدفع وتنظيفه من الداخل.
روايات عديدة
الدكتور أسامة طلعت، رئيس قطاع الآثار الإسلامية والقبطية واليهودية، أوضح أن هناك روايات عديدة حول حقيقة قصة مدفع رمضان إلا أنها جميعا تؤكد أنها نشأت في مدينة القاهرة، تحديداً بقلعة صلاح الدين الأيوبي بالقاهرة.
وتروي إحدى القصص أن مدفع رمضان يرجع إلى عهد السلطان المملوكي خشقدم حين أراد أن يجرب مدفعاً جديدًا وصل إليه، وصادف إطلاق المدفع وقت غروب شمس أول يوم من رمضان عام ١٤٦٧م، فظن الناس أن السلطان تعمد إطلاق المدفع لتنبيه الصائمين إلى أن موعد الإفطار قد حان، فخرجت جموع الأهالي إلى مقر الحكم لتشكره على هذه البدعة الحسنة التي استحدثها، وعندما رأى السلطان سرورهم قرر المضي في إطلاق المدفع كل يوم إيذانًا بموعد الإفطار.
وهناك قصة أخرى تقول إن بعض الجنود في عهد الخديوي إسماعيل كانوا يقومون بتجربة أحد المدافع، فانطلقت منه قذيفة دوت في سماء القاهرة، وتصادف أن كان ذلك وقت أذان المغرب في أول يوم من رمضان، فظن الناس أن الخديوي اتبع تقليدًا جديدًا للإعلان عن موعد الإفطار، فصاروا يتحدثون عن ذلك.
وعندما علمت الحاجة فاطمة ابنة الخديوي إسماعيل بما حدث، أعجبتها الفكرة فطلبت منه إصدار فرمان بأن يجعل من إطلاق المدفع عادة رمضانية جديدة وعرف وقتها باسم مدفع الحاجة فاطمة، وفيما بعد أضيف إطلاقه في السحور والأعياد الرسمية.
مدفع تاريخي
يعد مدفع رمضان الموجود بقلعة صلاح الدين الأيوبي بالقاهرة مدفعا تاريخيا، وهو مدفع ماركة كروب إنتاج عام ١٨٧١ عبارة عن ماسورة من الحديد ترتكز إلى قاعدة حديدية بعجلتين كبيرتين من الخشب بإطارات من الحديد، وكان يقوم بتشغيله اثنان من الجنود أحدهما لوضع البارود في الفوهة والآخر لإطلاق القذيفة.
ويُعتقد أن المدفع تم تغييره أكثر من مرة وانتقل إلى أكثر من مكان، ويعرض حاليا بساحة متحف الشرطة بقلعة صلاح الدين الأيوبي بالقاهرة.
وعلى الرغم من مرور ٣٠ عاماً منذ توقفه فإنه ظل في قلوب وأذهان المصريين، حيث أصبح من التقاليد الراسخة ومظهرا من مظاهر الشهر الكريم.
ومدفع رمضان هو مدفع يستخدم كأسلوب إعلان عن موعد الإفطار وإخبار عامة الناس بهذا الموعد، وهو تقليد متبع في العديد من الدول الإسلامية، بحيث تقوم الجهات المعنية بإطلاق قذيفة مدفعية صوتية لحظة مغيب الشمس للإعلان عن فك الصوم خلال شهر رمضان.
وأصبح مدفع الإفطار موروثاً اجتماعياً ينتظره الصائمون، إذ يتشارك الناس فرحتهم بحلول موعد الإفطار.
واعتمدت بعض الدول على استخدام المدفع مرتين في اليوم؛ المرة الأولى عند فك الصوم، والمرة الثانية عند حلول السحور، ومن العادات المرافقة للمدفع تجمهر الناس حول المكان المخصص له ابتهاجاً بهذه اللحظة.