مصر والسعودية.. خبراء عرب يفندون "المزايدات" ويفسرون متانة العلاقات
بينما عُد خروجا على المألوف، اندفع بعض المغردين من مصر والسعودية نحو تجاذبات وتراشق إعلامي لم تخل من إسقاطات للمتربصين، عدها خبراء "غير مؤثرة في علاقات الدولتين الراسخة".
وشهدت مواقع التواصل الاجتماعي، خلال الأيام الماضية، بعضا من تلك التجاذبات والتراشق التي حملت ما اعتبر "إساءات" متبادلة ما بين كُتاب ومغردين.
وتوجيها للبوصلة الحقيقية بعيدا عن "الأهواء" و"إسقاطات المتربصين"، من هنا أو هناك، وصف الدكتور أنور بن محمد قرقاش المستشار الدبلوماسي لرئيس دولة الإمارات، "التجاذب" حول المحاور والتغيرات السياسية العربية على مواقع التواصل ووسائل الإعلام بـ"غير الصحي"، وبأنه "يفتح الباب للانقسام والفرقة في الوقت الذي تحتاج فيه منطقتنا إلى التكاتف والتضامن"، مؤكدا أن "توجه دولة الإمارات أساسه وحدة الكلمة والصف".
وشدد قرقاش، في تغريدة عبر "تويتر"، على أنه "في هذا الإطار كانت وستبقى الشقيقتان السعودية ومصر محور توجهاتنا ومواقفنا".
في وقت توافق فيه خبراء عرب من مصر والسعودية والأردن والمغرب -في أحاديثهم المنفصلة لـ"العين الإخبارية"- على أن ما جرى خلال الفترة الأخيرة بمثابة "سحابة إعلامية عابرة"، مؤكدين "عمق العلاقات المصرية السعودية الراسخة، ومتانة الروابط بين الشعبين"، التي تساعد في وأد أي محاولات لإيقاع أي فتنة بين جناحي الأمة السعودية ومصر.
وبيّن الخبراء العرب أن التحديات الأمنية الإقليمية والضغوط الاقتصادية ستُبقي العلاقات بين البلدين صامدة، مثمنين في الوقت ذاته ما صرّح به المستشار الدبلوماسي لرئيس دولة الإمارات اليوم، عبر تويتر "التي وضعت الأمور في نصابها الصحيح".
علاقات ثابتة ومستقرة
الأكاديمي المصري المتخصص بالشأن الدولي الدكتور طارق فهمي، يؤكد -في حديثه لـ"العين الإخبارية"- أن "حديث المستشار أنور قرقاش الذي جاء في توقيته ويضع الأمور في نصابها الصحيح، ينم عن صوت العقل والرشادة السياسية من مفكر له تقديره".
ويشير فهمي إلى أن "ما تم تداوله من بعض الشخصيات التي تريد تعكير صفو هذه العلاقة مجرد تصريحات إعلامية عابرة لا يمكن أن يكون لها تأثير على علاقات البلدين".
وأكد أن "المعارك الكلامية بين بعض الإعلاميين ستظل حبيسة المنصات الرقمية، لأن واقع العلاقات الرسمية بين الدولتين ثابت ومستقر، وبمثابة العمود الفقري للمنطقة العربية".
وأوضح الأكاديمي المصري أن "هناك مصالح اقتصادية وحوارا استراتيجيا بين الجانبين المصري والسعودي، وزيارات ولقاءات متبادلة على أعلى المستويات، إضافة إلى العمالة الكبيرة في الخليج، والتي تحظى بحماية ودعم الإمارات والسعودية".
نظام إقليمي عربي
ونبه فهمي إلى ضرورة وضع "الأصوات النشاز في إطارها وحجمها، دون المساس إطلاقا بطبيعة العلاقات التاريخية المقدرة من قبل الدولتين، اللتين تحرصان على النأي بأي خلافات، ربما تطرح في بعض وسائل الإعلام"، مطالبا بضرورة وجود رشادة إعلامية في تناول العلاقات بين الدول العربية وبعضها البعض.
كما أكد الخبير والأكاديمي المصري أن العلاقات بين دول مصر والسعودية والإمارات متينة وقوية ويمكن البناء عليها في مواجهة أي تحديات ومخاطر في الإقليم، معتبرا في هذا الصدد أن "أي تطور فى فكرة وحدة النظام الإقليمي العربي، يقوم على دول رئيسية في الإقليم وهي السعودية ودولة الإمارات ومصر، في مواجهة التحديات والمخاطر التي تطرحها الأطراف الإقليمية التي تحاول العبث بأمن الإقليم.
وأشار إلى أن "التحديات الأمنية الإقليمية ستبقي العلاقات بين البلدين صامدة وقوية".
قطبا العمل العربي
وفي رؤيته التي لم تختلف كثيرا حول ما ذهب إليه الخبير المصري، قال الكاتب والمحلل السياسي السعودي، مبارك آل عاتي، إن علاقات بلاده مع القاهرة يجب حمايتها، بعيدا عن تجاذبات الإعلام وأهواء المغردين وإسقاطات المتربصين.
وقال -في حديث لـ"العين الإخبارية"-: "نعلم أن هناك من يتاجر في سوق المناكفات، ويسعى للفرقة بين الأشقاء سواء من دول أو تنظيمات تعمل على الإساءة لعلاقات البلدين، وتصويرها بأنها قابلة للسقوط في مستنقع الخلافات الهامشية".
لكن الواقع والتاريخ -والحديث لـ"آل عاتي"- يبيّن أن السعودية ومصر قدمتا نموذجا في العلاقات الثنائية بينهما قائم على قواعد صلبة من التعاون والتكامل في كافة المجالات، فهما قُطبا العمل في النظام العربي والإقليمي، وحجر الزاوية لحفظ الأمن القومي العربي".
وتتطابق الرؤى بين البلدين في مكافحة التطرف والإرهاب وعوامل حفظ الأمن والسلم والاستقرار المنشود.
فـ"العلاقات السعودية المصرية استراتيجية، وتاريخية ومتجذرة، بالدم والدين والعروبة والمصير المشترك، وهما تقودان جهود تحقيق التقارب العربي، وسبل تحقيق الأهداف التي تتطلع إليها الشعوب العربية"، وفقا لـ"آل عاتي"، الذي يضيف أن "السعودية منذ تأسيسها حتى العصر الحديث، حريصة على تقوية علاقاتها مع مصر لتشمل كافة المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والدينية".
ويشدد على أن ما يميّز علاقات الدولتين أنها قائمة على المصارحة والوضوح والشفافية، ما يعزّز من أواصرها ويسهل احتواء أي تباين، أو خلاف قبل أن يتحول إلى توتر.
وإذ يرى أن لكل دولة الحق والرأي فيما تعتقد أنه يحقق مصالحها دون الإضرار بمصالح الآخرين، ينوه المحلل السياسي السعودي إلى أن كلتا الدولتين تعمل دائما على محاولة خلق مستقبل مشرق واضح لشعوبهما والعالم العربي، دون التوقف عند بعض الاختلافات في وجهات النظر.
كما يرى "آل عاتي" أن "ما يجمع السعودية ومصر أكبر بكثير مما قد يؤدي إلى تباين في وجهات النظر حول أي قضية".
سحابة عابرة
وإلى نقطة أبعد قليلا، لكنها تتفق كثيرا مع وجهتي نظر المحللين المصري والسعودي، قال الكاتب والباحث المغربي محمد عبدالوهاب رفيقي -في حديث مع "العين الإخبارية"-: "أتفق تماما مع حديث المستشار الدبلوماسي لرئيس دولة الإمارات في كون هذا التجاذب الحاصل على مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام غير صحي، ويذكي نيران العداوة والحقد بين الشعوب العربية".
وفي إسقاط على الحالة المغربية - الجزائرية، يتابع: "يذكرني هذا بما يقع هنا في المنطقة المغربية بين المغرب والجزائر من احتقان ليس فقط على مستويات رسمية، وحتى على المستوى الشعبي بسبب التجاذبات التي تقع في وسائل الإعلام، وأعتقد أنها تعقد المشكلة بشكل أعمق كثيرا مما هي عليه لو بقيت بعيدة عن هذا الصخب والتجاذب".
ويعتبر رفيقي أن "ما يقع من أخذ وردود أفعال على وسائل التواصل الاجتماعي من شأنه أن يزيد من عمق هذه الأزمة، ولن يساهم بأي حال من الأحوال في الحل".
ويرى الباحث المغربي أن ما جرى يعد بمثابة "سحابة عابرة، حيث إن العلاقات العربية والمحور السعودي الإماراتي المصري ستبقى متواصلة ولن تؤثر فيها هذه الخدوش التي تقع أحيانا بخطأ من جهة من الجهات، إذ نعلم أنه في كل هذه البلدان حكماء سيتجاوزون الأمر وسيعملون على لم الشمل وإصلاحه".
قاعدة الاتفاق أكبر
أما الدكتور منذر الحوارات، الخبير السياسي الأردني، فيلفت الانتباه إلى أن "ما نشهده هذه الأيام من تبادل للاتهامات والنقد المتبادل بين بعض المغردين، يثير الغضب لدى المواطن العربي؛ لأن العلاقة بين الدولتين علاقة استراتيجية ويجب أن تبقى كذلك".
الحوارات أشار إلى أنه "لا يمكن لأي علاقة بين أي دولتين ألا تمر باختلافات، فهو أمر طبيعي ووارد بشأن قضايا معينة، ولا يفترض تطابق وجهات النظر في كل القضايا، لكن من المعلوم أن قاعدة الاتفاق بينهما كبيرة".
وفسر قائلا: "كل دولة بحاجة شديدة للأخرى، حيث إن الأمن الاستراتيجي للدولتين يقضي بأن تكون العلاقة بينهما قوية ومتينة، "لا يمكن للعرب الاستغناء عن مصر، في الوقت ذاته تعد السعودية حاضنة إسلامية عربية مهمة، ولها مكانتها الدولية والإقليمية".
وشدد أيضا: "على الدوائر الإعلامية في البلدين أن تراعي اعتبارات المصالح المتبادلة والمعالجة الموضوعية لجوانب الاختلاف".
aXA6IDE4LjIxNy45OC4xNzUg جزيرة ام اند امز