"العين الإخبارية" تتتبع مسيرة محمد الغراوي فقيد الخارجية المصرية بالسودان
جاءت وفاة محمد حسين الغراوي مساعد الملحق الإداري المصري بالسودان كالصاعقة على رؤوس كل من عرفوه.
فالرجل الذي فقد حياته بطلق ناري خلال الاشتباكات الدائرة حاليا في السودان، عرف بين كل من زاملوه في وزارة الخارجية المصرية بالخلق الحسن والتفاني في العمل.
الغراوي فقد حياته أمس الإثنين خلال توجهه من منزله إلى مقر السفارة؛ لمتابعة إجراءات الإجلاء الخاصة بالمواطنين المصريين في السودان، وتأمين عودتهم لأرض الوطن سالمين.
وعقب إعلان مصر خبر وفاة الغراوي، سادت حالة من الحزن الشديد بين المصريين، واتشحت صفحاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي بالسواد وعبارات النعي والرثاء.
والغراوي هو أول مصري يسقط في الاشتباكات الدائرة في السودان منذ 15 أبريل/ نيسان الجاري، بين قوات الجيش السوداني بقيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة، وقوات الدعم السريع بقيادة نائبه الفريق محمد حمدان دقلو "حميدتي".
الاشتباكات خلفت 460 قتيلًا و4063 مصابا بحسب أحدث إحصائية أعلنتها وزارة الصحة السودانية اليوم الثلاثاء.
ووفقا لدبلوماسيين سابقين مقربين من "الغراوي"، فقد كان يوصف بأنه "صديق الجميع" ولا تفارقه الابتسامة، وقد أخلص لواجبه حتى النفس الأخير، وبذل قصارى جهده لتأمين عودة المصريين من الخرطوم بسلام، لكن القدر لم يمهله لاستكمال مهمته، وفارق الحياة بعد سنوات قضاها في خدمة وطنه.
واعتبروا في الوقت ذاته أن معظم خدمة الغراوي كانت في دول غير مستقرة، لكن شاء القدر أن تكون نهاية حياته في السودان.
الدبلوماسي مدحت القاضي سفير مصر السابق لدى سلطنة عمان والكونغو، تحدث عن الجانب الإنساني للغراوي من واقع مزاملته في العمل منه، قائلا "أنا حزين لوفاة محمد، فقد كُنا على تواصل دائم حتى الأيام الأخيرة، وما زلت أتذكر زمالتنا في العمل معاً، والتي بدأت قبل 24 عاماً".
وأضاف القاضي لـ"العين الإخبارية" أن الغراوي "كان من أنشط أفراد الطاقم الإداري الذي سعدت بالعمل معه عندما توليت شئون شرق أفريقيا والقرن الأفريقي بين عامي 1999 و2003 ".
وتابع الدبلوماسي المصري السابق في أسى ذكر مواقف إنسانية جمعته بالراحل قائلا، "ما زلت أتذكر انفراده بالتطوع في التأخير عن الموعد المعتاد للانصراف للبقاء معي حتى ساعات الليل لإنجاز الكثير من الأعمال، وكم كُنت أسعد بتوصيله إلى منزله في طريق عودتي، مما أحدث المزيد من التقارب بيننا كزملاء".
وقال "حين جاء موعد مغادرتي سفيراً لمصر لدي الكونغو، كُنت سعيداً بتلقي اتصالاته ورسائله بعدها في برازافيل، ويبدو أن محمد الغراوي بعدما استمع إلى سابق سيرتي في العمل في مناطق الأزمات والحروب، لم يقاوم القدر في أن يختار لنفسه نفس طريق الصعاب والعمل".
وقال "القدر سبق أن أنقذ محمد خلال عمله في القنصلية المصرية في البصرة بالعراق، حين أدى واجبه حينها على أكمل وجه، ولكن يشاء الله أن يودع دُنيانا، وهو أيضاً في خدمة المصريين، في أصعب لحظاتهم في الخرطوم".
وأضاف أن "الغراوي تعرض لقتل مُتعمد يعكس روحاً عدائية ضد مصر من بعض العناصر المُتحاربة حالياً داخل السودان، بعدما أعلن الجيش السوداني أن محمد الغراوي كان يستقل سيارة تحمل لوحات دبلوماسية لحظة مقتله؛ لذا فنحن بحاجة لموقف قوي، وإدانة واضحة".
وأشار إلى أن البعثة الدبلوماسية المصرية في السودان تتحمل مسئولية بالغة الصعوبة، في متابعة مهام إجلاء المواطنين المصريين من السودان، وتأمين عودتهم لأرض الوطن بسلام، وتقديم العون للجاليات الأخرى، وذلك على مشهد من العالم.
من جانبها، نعت الدكتورة هايدي فاروق عبد الحميد، مستشارة مركز القانون والعولمة التابع لجامعة رينمين الصينية، وعضو الجمعية الجغرافية المصرية الغراوي، قائلة على حسابها بموقع فيسبوك "رحمك الله يا غراوي، فقد كان صديقا للجميع، ولا تفارق الابتسامة وجهه، ولكم أحس بأن نهايته الشهادة؛ لأن بعثاته كانت دوما بدول غير مستقرة، وشاء المولى أن تكون شهادته بالسودان".
وكانت الخارجية المصرية وسفارات عدد من الدول العربية والأجنبية قد نعت محمد الغراوي مساعد الملحق الإداري بسفارة جمهورية مصر العربية في السودان.
وقالت الخارجية المصرية في بيان لها، إنه رغم الحادث فإن البعثة المصرية في السودان سوف تستمر في تحمل مسؤوليتها في متابعة مهام إجلاء المواطنين المصريين من السودان وتأمين عودتهم لأرض الوطن بسلام.
والغراوي لم يكن أول أعضاء السفارة المصرية تعرضا للاستهداف، إذ سبقه إصابة أحد أعضاء السفارة في الخرطوم بطلق ناري يوم الأحد الماضي.
aXA6IDE4LjExOC4xNDYuMTgwIA== جزيرة ام اند امز