الهروب الكبير.. السودانيون تحت وطأة المعارك ومخاطر فرار السجناء
مع احتدام المعارك وانتشار الفوضى، زادت أزمة هروب آلاف المحبوسين وعتاة المجرمين من السجون المركزية بالعاصمة الخرطوم الأوضاع تعقيدا، إذ اعتبرها محللون لا تقل خطورة عن الاشتباكات الجارية.
وعقب اتهامات من قبل الجيش السوداني لقوات "الدعم السريع" بالوقوف وراء الهجمات، سارعت الأخيرة لنفي صلتها بالهجوم على سجن "الهدى" شمالي العاصمة الخرطوم، وإطلاق السجناء.
ويعتبر سجن "الهدى" ثاني أكبر السجون في الخرطوم، وصُمم لاستيعاب 10 آلاف نزيل، وجرى تخصيصه لحبس الموقوفين على ذمة تعاملات مالية غير مستوفاة (شيكات دون رصيد)، قبل أن يُضم إليهم المحكومون والموقوفون على ذمة قضايا جنائية ذات الصلة بالمخدرات والسرقة والقتل، وهو بذلك يعد محبسا لعتاة المجرمين.
واتهم قائد الجيش عبدالفتاح البرهان، قوات "الدعم السريع" بارتكاب انتهاكات وتجاوزات على نطاق واسع.
وقال البرهان، في تصريحات إعلامية، إن مجموعة من الدعم السريع اقتحمت سجن "الهدى" وقتلت حراسه، كما شدد المتحدث باسم الجيش العميد نبيل عبدالله، في بيان على "أن الاعتداء على السجون وإطلاق سراح النزلاء يشك تهديدا للأمن ويوضح حالة عدم الانضباط التي وصلت إليها القوات المتمردة، ويطرح تساؤلات كثيرة عن الهدف من هذه الخطوة".
في المقابل، سارع قائد الدعم السريع محمد حمدان دقلو، المعروف بـ"حميدتي"، لتأكيد عدم صلة قواته بالهجوم على السجون، وقبلها نفى مكتبه الإعلامي ما سماه "المزاعم المتداولة على وسائل التواصل الاجتماعي بشأن اقتحام القوات لأحد السجون وإطلاق سراح السجناء".
وأضاف: "حملة أكاذيب وشائعات مضللة للفلول للتغطية على هزائمهم في أرض المعركة"، متهما قوات الجيش بـ"ارتداء زي قوات الدعم السريع لتنفيذ أعمال إجرامية وإلصاق التهمة بهم".
وفي مدينة أم درمان غربي العاصمة الخرطوم، خرج مئات النساء من السجن، إثر تعرضه للقصف خلال اشتباكات عنيفة وقعت في محيط مبنى الإذاعة والتلفزيون غير البعيد من سجن "التائبات".
وفي ضاحية "سوبا" شرقي الخرطوم، إذ يوجد ثالث السجون الكبيرة، قاد السجناء تمردا كبيرا احتجاجا على انعدام الطعام والمياه والدواء ومتطلبات الحياة اليومية.
وتداول رواد على منصات التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو تظهر نزلاء في سجن سوبا يتحدثون عن تأزم الأوضاع داخل السجن لليوم السابع على التوالي، وسط انعدام تام للوجبات وأزمات حادة في مياه الشرب.
وطبقا للمعلومات المتواترة فإن مجموعة كبيرة من النزلاء اشتبكت مع أفراد الشرطة وقتلتهم، ما أدى إلى فتح الأبواب أمام السجناء لهروب حوالي 6 آلاف نزيل.
وفي سجن "كوبر" المركزي، حاولت قوة مسلحة الهجوم على السجن والإفراج عن المتهمين، لكن قيادة الجيش السوداني شددت الحراسة تحسبا لأي هجمات أخرى.
ويتخوف كثيرون من أن يسفر إطلاق سراح السجناء عن فوضى شاملة مع إمكانية انتشار ارتفاع معدلات الجريمة في البلاد.
ماذا يحدث؟
وتعقيبا على ذلك، قال الكاتب والمحلل السياسي، أمير بابكر، إن هروب السجناء أمر طبيعي نسبة لانفراط عقد الدولة بسبب المعارك بين الجيش السوداني، وقوات "الدعم السريع"، إذ إن السلطات المعنية بالمسألة لا تستطيع توفير احتياجات المساجين من غذاء ودواء.
وأضاف بابكر لـ"العين الإخبارية"، أن "السجون تضم مجموعة كبيرة من المحكومين بالإعدام، وعتاة المجرمين الذين يشكلون خطرا على المجتمع".
وأوضح أن "الخطورة تتمثل في انتشار المجرمين وسط صفوف المجتمع وتنفيذ جرائم خطيرة تهدد الأمن والسلم الاجتماعي في البلاد".
انفلات أمني
من جانبه، قال المحامي والخبير القانوني، يوسف عبدالله، إن هروب المسجونين مسألة خطيرة للغاية باعتبار أن المحكومين فيهم من المجرمين والمحبوسين في جرائم خطرة تصل إلى حد الإعدام كما بينهم قتلة وتجار مخدرات.
وأوضح عبدالله لـ"العين الإخبارية"، أنه "في ظل غياب الشرطة وانعدام الأمن بفعل المعارك المشتعلة الآن في العاصمة، فإن الوضع يصبح بمثابة زيادة نوعية وكبرى في حلقة الانفلات الأمني، ليصبح التهديد ليس فقط من رصاص الأطراف المتنازعة وإنما من المجرمين الهاربين".
وأضاف: "حتى في حال استقرار البلاد، فإن محاولة البحث والقبض عليهم ستكون مهمة شاقة وعسيرة".
وفي ظل الأوضاع المعقدة على الأرض، أعلن الجيش السوداني، فجر الثلاثاء، موافقته على هدنة إنسانية لمدة 72 ساعة، بشرط التزام قوات الدعم السريع "بوقف كافة الأعمال العدائية".
وقال الجيش في بيان: "بناء على وساطة سعودية أمريكية لوقف القتال الدائر بالبلاد، وتخفيفا على مواطنينا ولدواعٍ إنسانية، وافقت القوات المسلحة على هدنة لمدة 72 ساعة تسري اعتبارا من منتصف هذه الليلة (الاثنين/ الثلاثاء)".
وأضاف البيان: "بشرط التزام المتمردين بوقف كافة الأعمال العدائية والالتزام بمتطلبات استمراريتها".
وأعرب عن تمنيه "أن يسهم ذلك في تهيئة الظروف الإنسانية المناسبة لمواطنينا والمقيمين بالبلاد".
وأمس الإثنين، قال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، إن طرفي النزاع في السودان وافقا على هدنة لمدة 72 ساعة.
من جانبها، أعلنت "الدعم السريع" مساء الإثنين، موافقتها على هدنة إنسانية لمدة 72 ساعة، بناء على وساطة أمريكية.
ومنذ 15 أبريل/نيسان الجاري، اندلعت في عدد من ولايات السودان اشتباكات واسعة بين الجيش وقوات الدعم السريع راح ضحيتها المئات بين قتيل وجريح معظمهم من المدنيين.
aXA6IDMuMTQ1LjE2Ny41OCA= جزيرة ام اند امز