هدنة الـ72 ساعة بالسودان.. التقاط الأنفاس بـ"رئة الوساطات"
هدنة جديدة عمرها 72 ساعة من اليوم الثلاثاء يلتقط خلالها السودانيون الأنفاس مع وقف لإطلاق النار تتصدره عمليات إجلاء الأجانب.
هدوء حذر بين طرفي الصراع في اليوم الـ11 من الموجهات بالسودان يتزامن معه سباق غربي وعربي وآسيوي لإجلاء الرعايا من البلاد التي تعاني مواجهات مسلحة بين الجيش وقوات الدعم السريع.
لكن هذا الهدوء كسر صمته إطلاق نار كثيف وسماع دوي انفجارات اليوم في محيط القصر الرئاسي بالخرطوم، إحدى بؤر الصراع العسكري بين الطرفين، وفقا لوسائل إعلام.
واتهمت قوات الدعم السريع، الجيش السوداني بعدم الالتزام بشروط الهدنة، قائلة: "لا تزال طائراته تحلق في سماء الخرطوم بمدنها الثلاث كما أن عمليات القصف بالمدافع لا يزال مستمرًا على مواقع تمركز قواتنا بما يمثل إخلالًا بائنًا للهدنة وشروطها واجبة التنفيذ".
وأضافت: "كسر شروط الهدنة المعلنة يؤكد ما ظللنا نشير إليه مرارًا وهو وجود أكثر من مركز قرار داخل قيادة القوات المسلحة وفلول النظام البائد المتطرفين".
وتابعت: "كما أن خرق الهدنة يعد دليلًا دامغًا على تعطش الانقلابيين للحرب وإلى سفك دماء الشعب السوداني التي لم تكفيهم منها ثلاثين عامًا".
ولم يعلق الجيش السوداني على هذه الاتهامات بعد، إلا أنه بارك الهدنة ليلة أمس.
رقم صادم آخر لنقابة أطباء السودان بارتفاع عدد ضحايا الاشتباكات إلى 291 قتيلا و1699 مصابا بين المدنيين، بعد إعلان الجيش السوداني إن الولايات المتحدة والسعودية توسطتا في الهدنة.
هدنة فورية
وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن بادر في وقت سابق بالإعلان عن اتفاق الهدنة، بعد يومين من المفاوضات المكثفة.
ووفقا لـ"رويترز" لم يلتزم طرفا الصراع المسلح بالسودان بعدة اتفاقات سابقة للهدنة المؤقتة.
واندلعت المواجهات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في 15 أبريل/ نيسان، مما أدى لعشرات القتلى وتوقف العمل بالمستشفيات وتعطل خدمات أخرى وحول مناطق سكنية إلى ساحات المعارك.
وقال بلينكن في بيان: "خلال هذه الفترة، تحث الولايات المتحدة القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع على الالتزام بوقف إطلاق النار بشكل فوري وكامل".
وأضاف أن الولايات المتحدة ستنسق مع الشركاء الإقليميين والدوليين والمدنيين السودانيين المعنيين لتشكيل لجنة تشرف على جهود التوصل لوقف دائم لإطلاق النار ووضع الترتيبات الإنسانية.
قوات الدعم السريع في الخرطوم أكدت موافقتها على وقف إطلاق النار اعتبارا من منتصف الليل لتسهيل الجهود الإنسانية، قائلة: "نؤكد التزامنا خلال فترة الهدنة المعلنة بالوقف الكامل لإطلاق النار".
بدوره، قال الجيش السوداني بصفحته على فيسبوك، إنه أيضا وافق على اتفاق الهدنة. ورحب بأنباء الهدنة ائتلاف من منظمات المجتمع المدني السودانية كان قد شارك في مفاوضات انتقال البلاد إلى الديمقراطية.
وفي محاولة لكسب مساحة دولية وإقليمية، عين الفريق أول عبدالفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة السوداني، دفع الله الحاج مبعوثا خاصا له، لنقل رسائله للدول الأخرى مع اشتداد الأزمة
قتال عنيف
وقبل الإعلان عن الهدنة، شهدت مدينة أم درمان ضربات جوية وقتالا بريا، كما وقعت اشتباكات في العاصمة الخرطوم، بحسب رويترز.
وتصاعد الدخان الأسود إلى السماء قرب المطار الدولي في وسط الخرطوم القريب من مقر القيادة العامة للجيش، كما سُمع دوي أصوات نيران المدفعية.
بدوره، قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إن العنف بين الفصيلين المتناحرين "ينذر بتصاعد كارثي للحرب في السودان يمكن أن يمتد إلى المنطقة بأسرها وإلى خارجها".
ويعتزم مجلس الأمن عقد اجتماع بشأن السودان، اليوم الثلاثاء.
وحث غوتيريش أعضاء مجلس الأمن الدولي الخمسة عشر على استخدام نفوذهم لإنهاء العنف وإعادة السودان إلى طريق الانتقال الديمقراطي.
هروب الآلاف
في الأيام القليلة الماضية، فر عشرات الآلاف، من بينهم سودانيون ومواطنون من بلدان مجاورة، إلى دول مثل مصر وتشاد وجنوب السودان.
حكومات أجنبية عملت بدورها على نقل مواطنيها لبر الأمان.
ونقلت قافلة مؤلفة من 65 مركبة عشرات الأطفال إلى جانب مئات الدبلوماسيين وعمال الإغاثة في رحلة طولها 800 كيلومتر تستغرق 35 ساعة من العاصمة الخرطوم إلى بورتسودان على البحر الأحمر.
وقالت الخارجية البريطانية، إنها ستساعد في إجلاء حاملي الجواز البريطاني من السودان اعتبارا من اليوم كأولوية، مضيفة: "لا يمكننا سوى إجلاء حاملي جواز السفر البريطاني وأفراد أسرهم المباشرين".
وأكدت تنسيق الحكومة البريطانية لإجلاء رعاياها من السودان، قائلة: "بدأنا التواصل مع رعايانا بشكل مباشر ونحدد لهم مسارات مغادرة البلاد".
بدورها، قالت وزارة الخارجية الصينية إن معظم المواطنين الصينيين تم إجلاؤهم بأمان في مجموعات إلى الموانئ الحدودية للدول المجاورة.
وأكدت المتحدثة باسم الوزارة في إفادة صحفية دورية أن بكين لم تتلق أي تقارير عن سقوط ضحايا صينيين بالسودان حتى الآن.
وعلقت عدة دول، من بينها كندا وفرنسا وبولندا وسويسرا والولايات المتحدة، العمليات في سفاراتها بالسودان حتى إشعار آخر.
ظروف إنسانية مؤلمة
ويزداد الوضع قتامة بالنسبة لأولئك الذين بقوا في ثالث أكبر دولة أفريقية، حيث كان ثلث السكان البالغ عددهم 46 مليونا بحاجة إلى مساعدات إنسانية من قبل اندلاع العنف.
وقال فرحان حق نائب المتحدث باسم الأمم المتحدة إن هناك نقصا حادا في الأغذية والمياه النظيفة والأدوية والوقود وتغطية محدودة لشبكات الاتصالات وانقطاعا في الكهرباء مع ارتفاع شديد في الأسعار.
وأشار إلى أنباء عن وقوع عمليات نهب للمساعدات الإنسانية، موضحا أن "القتال المحتدم" في الخرطوم وولايات النيل الأزرق والشمالية وشمال كردفان ودارفور يعطل عمليات الإغاثة.
وكانت منظمات الإغاثة من بين الجهات التي سحبت موظفيها بسبب الهجمات.
وعلق برنامج الأغذية العالمي مهمته لتوزيع الغذاء، وهي واحدة من أكبر مهمات توزيع الغذاء في العالم.
وتزداد مخاوف السودانيين من أن الإجلاء السريع للرعايا الغربيين يعني أن البلاد على شفا الانهيار، لكنهم يأملون أيضا بدور غربي أكبر في دعم الاستقرار من خلال الضغط على الجانبين لوقف الحرب.
وهدأ القتال خلال مطلع الأسبوع الأمر الذي سمح للولايات المتحدة والمملكة المتحدة بإجلاء موظفي سفارتيهما، مما أدى إلى تسارع عمليات إجلاء مئات الرعايا الأجانب من قبل دول أخرى من بينها دول خليجية وروسيا واليابان وكوريا الجنوبية.
وقالت اليابان إنها أجلت جميع مواطنيها الذين أبدوا رغبة في مغادرة السودان.
بينما أكدت باريس أنها رتبت لإجلاء 491 شخصا من بينهم 196 فرنسيا والباقي من 36 جنسية أخرى، وإن سفينة حربية فرنسية في طريقها إلى بورتسودان للمساعدة في نقل المزيد من الأشخاص الذين تم إجلاؤهم.
وأجلت أربع طائرات تابعة لسلاح الجو الألماني أكثر من 400 شخصا من جنسيات مختلفة من السودان حتى أمس الاثنين.
بينما قالت وزارة الخارجية السعودية أمس إنها أجلت 356 شخصا منهم 101 سعودي وأشخاص من 26 جنسيه أخرى.
وأرسلت عدة دول طائرات عسكرية من جيبوتي. وأظهرت صور تكدس أسر وأطفال على متن طائرات عسكرية إسبانية وفرنسية.
وكانت مجموعة من الراهبات ضمن من جرى إجلاؤهم على متن طائرة إيطالية.
aXA6IDUyLjE0LjEwMC4xMDEg جزيرة ام اند امز