شائعات الإخوان تغرق في قناة السويس.. سر التوقيت؟
لا تكف جماعة الإخوان الإرهابية عن إثبات أنها أبعد ما تكون عن الالتزام بقيم الإسلام والإنسانية.
فالجماعة التي تعرضت للهزيمة الشعبية القاسية في 30 يونيو/حزيران 2013 كشفت عن وجهها القبيح وقيمها المزيفة، كما كشفت كل ادعاءات عناصرها بأنهم جماعة دعوية تربوية، وأن كل ما كتبوه في هذا الشأن كان كذبا وتمثيلا.. وكان لزوم خداع البسطاء.
وتواصلت سلسلة أكاذيب وشائعات الإخوان التي لا تنتهي، بشائعة قيام الحكومة المصرية بالتعاقد مع شركة إسرائيلية وإعطائها حق امتياز إدارة "قناة السويس" لمدة 99 عاما.
وقامت لجان الجماعة الإلكترونية بنشر تلك الشائعة على نطاق واسع على صفحاتها على مواقع التواصل الاجتماعي، وبدأ أتباعهم بمناقشة العقد والزعم أن النظام المصري يفرط في السيادة الوطنية.
وهذه ليست المرة الأولى التي تستهدف جماعة الإخوان الإرهابية قناة السويس، فقبل 9 سنوات شنت الإخوان حملة ضد مشروع قناة السويس الجديدة، ثم استمرت في بث أكاذيبها وزعمت أن إيرادات القناة أقل من الأعوام السابقة، ثم أشاعت بيع أسهم القناة، وكل هذه الشائعات ثبت كذبها لدى المواطن المصري.
الشائعة الحالية وبعد أن ثبت كذبها، نظراً لأن هذه الخطوة لا يمكن أن يقوم بها رئيس الدولة، بل هي من اختصاص البرلمان، وأمام ركاكة صيغة العقد المزيف الذي نشروه، وسخرية الكثير من القوى السياسية العالمية من سذاجة الشائعة، تراجع الإخوان عن الاستمرار في الحملة التشكيكية.
ولعل تلك الشائعة تحديدا تثبت أن الجماعة تعمل لصالح قوى غير وطنية، وأنها لا يشغلها الوطن ولا هموم المواطنين بقدر ما يشغلها هدم الوطن والانتقام من المواطنين.
نظرية الأباطيل
وحول دوافع قيام جماعة تزعم أنها إسلامية باستخدام الكذب والتدليس والشائعات في صراعها السياسي، قال عمرو عبدالمنعم، الكاتب والباحث المختص في الإسلام السياسي، إن الشائعات وسيلة الإخوان الأولى والأهم، والتي يستخدمونها دون أي وازع من ضمير ليس اليوم فقط بل في كل العصور.
وأضاف عبدالمنعم لـ"العين الإخبارية" أن "الإخوان جماعة إرهابية تسعى لتحطيم الروح المعنوية للشعب المصري، وتفتيت الوحدة الوطنية عبر تاريخها، وهي فقط تظهر على حقيقتها منذ أن أزاحها الشعب المصري، سواء على المستوى السياسي أو المجتمعي والشعبي".
وأكد أن تنظيم الإخوان العالمي له صلات بالعديد بمخابرات دول أجنبية، مما سهل عليه التدريب على تجارب إسقاط الدول، مشيرا إلى أن مجموعات من الإخوان تم تدريبها منذ سنوات على استخدام استراتيجية الدولة الروسية في إسقاط الدولة الجورجية، عبر استخدام نظرية "الأباطيل".
وأوضح أن تلك النظرية تقوم على 3 أركان، الأول هو تدفق شديد من الأكاذيب والتدليس والشائعات، تستهدف هدم ثوابت الدولة، والثاني هو ضعف المنظومة الإعلامية الرسمية على الرد على تلك الاتهامات والشائعات والعجز عن ملاحقتها، والثالث هو الاستعداد الطبيعي للفقراء والطبقات الدنيا بتصديق الأكاذيب ضد الصفوة والطبقة الحاكمة.
وأشار إلى أن هذا التكتيك طبقته جماعة الإخوان الإرهابية خلال الأعوام العشرة الماضية، لكنها فشلت في زعزعة الاستقرار في مصر، نظرًا للتماسك الشعبي، ووعي الشارع المصري بتآمر الإخوان على الدولة ومساندتها أي مشروع غير وطني يضر مصر والمصريين، فضلاً عن شعبية الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي التي سمحت له بمواجهة الإرهاب.
وقال "لكنها (الإخوان) عادت مرة أخرى مستغلة الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعاني منها الشعب المصري حاليًا لتنفذ نفس مخططتها الإجرامية بتصدير الشائعات".
وتطرق عبدالمنعم إلى شائعة "قناة السويس" الأخيرة، مؤكدا أن "الإخوان" اختارت القناة لتكون في مرمى سهامها لما تعلمه من مكانة هذا المرفق في وجدان المصريين.
وقال "يمثل تأميم القناة ملحمة وطنية يفتخر بها كل مصري، وتسليمها لشركة إسرائيلية يعني أن النظام يفرط في الثوابت الوطنية"، مشيرا إلى أن من أسقط الشائعة وجعل الإخوان والمتعاونين معهم يتراجعون هي صفحات "السوشيال ميديا" التي كشفت هراء تلك الشائعة.
ودعا الدولة المصرية إلى تبني خطاب إعلامي قوي يصل إلى أفراد الشعب ويثق به المواطنون، قوامه الشفافية والصدق وعرض السلبيات مع الإيجابيات، وقال "هذا فقط يمكنه أن يحيي المناعة المجتمعية ضد أي شائعات أو طابور خامس يستهدف الوطن والمواطنين".
تناقضات وسقطات غير أخلاقية
من جانبه، أكد عماد عبدالحافظ، الكاتب والباحث في الإسلام السياسي والقيادي الإخواني السابق، أن استخدام الإخوان سلاح الشائعات بشكل دائم يكشف عن التناقض والازدواجية في فكر وعقل أعضاء الجماعة.
وقال عبدالحافظ في تصريح لــ"العين الإخبارية" إن "التناقض والازدواجية حالة تسيطر على تنظيم جماعة الإخوان الإرهابية، فهي في خطابها المعلن تزعم أنها دعاة للقيم الإسلامية، أما في ممارساتها تسلك أساليب غير أخلاقية منها الشائعات والكذب والتدليس، بل الافتراء على الآخر، وظهرت حقيقة تمسك الإخوان بالأخلاق".
وأضاف أن سبب تلك التناقضات هو أن "الإخوان في طريقة تكوينها وتربيتها تزرع في قادتهم أنهم يحملون راية الإسلام كما حملها الصحابة، وبالتالي يقر في وجدان أي إخواني أنه أعلى من الناس إيمانا وفهما، وكل من يخالفهم فهو في درجة من يخالف ويعادي الصحابة الكرام، ثم يستنتجون أن من حق الإسلام عليهم أن ينصروه ولو بالكذب والتدليس والشائعات".
وأكد عبدالحافظ خطورة هذا المنهج في التربية، قائلاً إن "خطورة ما تقوم به الإخوان وتبريرها لأخطائها الأخلاقية ينتقل إلى المجتمع، ويصبح من حق كل من يرتكب جريمة أخلاقية أن يبررها من منظور ديني، وهذه جريمة في حق الإسلام والمسلمين والمجتمع ككل".
وعن شائعة عقد بيع قناة السويس، قال عبدالحافظ "هذه ليست المرة الأولى ولن تكون الأخيرة في شائعات الإخوان، فالجماعة أدركت استحالة وصعوبة عودتها للمشهد العام بشقيه السياسي والديني، كما أدركت أن كل تحركاتها ودعواتها لتحريك الشارع المصري لصالحها فشلت كذلك".
وأضاف "يأمل الإخوان الآن في أن تقوم قوة خارجية بفرض وجودها على الساحة الداخلية المصرية، وهذه الشائعة وغيرها هدفها الإضرار بالاقتصاد المصري والمشروعات القومية وضرب الثقة بين المواطن ومؤسسات الدولة، على أمل أن تعمل هذه الشائعات على تحريض الجماهير على الفوضى ومن ثم التشفي في النظام وطرح الجماعة كبديل مرة أخرى".
وتوقع عبدالحافظ قيام "الإخوان" بنشر وإطلاق مزيد من الشائعات، لأنها لا تكف عن محاولاتها الفاشلة لهدم الدولة.
عمالة رخيصة لدول معادية لمصر
أما عمرو فاروق، الكاتب والباحث في الإرهاب الدولي، فذهب إلى أن تبني الإخوان الشائعات وعلى وجه التحديد شائعة عقد امتياز وبيع قناة السويس، يأتي من باب العمالة وتوظيفها لصالح قوى معادية للدولة المصرية.
وقال فاروق لـ"العين الإخبارية" "لدينا الآن مجموعة من الأطراف المتربصة بالدولة المصرية، منهم الإخوان والمتحالفون معهم وبعض الدول الإقليمية التي لها مصالح متضادة مع مصر، الكل مجمعون على توريط الدولة المصرية في مشكلات خارجية وداخلية".
مراكمة الغضب
وأضاف فاروق أن "تلك الشائعة أكبر من قدرات الإخوان ومن خيالهم، وإن كانوا متورطين فيها بالفعل كعملاء مروجين للشائعات لحساب الغير، فهناك قوى إقليمية تستهدف زعزعة الاستقرار في الدولة المصرية، تستهدف تفكيك العلاقة بين المواطن وحكومته وقياداته السياسية مستغلين الوضع الاقتصادي الذي تمر بها الدولة".
وأشار إلى أنهم يعملون على زيادة الاحتقان ومراكمة الغضب، من أجل الوصول إلى لحظة الانفجار الشعبي يدخل فيها الجميع متاهات الفوضى، وبالتي يتم فرض سياسيات بعينها على الإرادة المصرية.
وقال إن تلك الخطة التي تستهدف وعي المواطن وثقته المتبادلة مع القيادة السياسية، ووضع الدولة في حالة قلق دائم من أن يصدق المواطن تلك الأكاذيب ويفقد الثقة بالقيادة السياسية، ويظن أنها غير أمينة على الوطن".
وأكد أن قناة السويس بقيمتها الوطنية لا يمكن التفريط فيها، وكان الهدف من تلك الشائعة إطلاق شرارة غضب الصفوة المثقفة، وأن تتوالى المبادرات والمؤتمرات الرافضة وبيانات الشجب من الأحزاب السياسية.
وأوضح أن دور "الإخوان" في الخطة هو أنها مجرد عملاء للترويج، وقال "إنها تملك آلة إعلامية ولجانا إلكترونية قادرة على الانتشار وأعضاء ينقلون تلك الأكذوبة إلى غيرهم، فيصبح الوضع ملتبسا عن المواطن فيصدق بعض تلك الأكاذيب، ومن ثم محاولة صناعة حراك في الشارع".
وكان الفريق أسامة ربيع رئيس هيئة قناة السويس قد أصدر بيانا للرد فيه على هذه الشائعة، أكد فيه عدم صحتها جملة وتفصيلا، مشددا على السيادة المصرية المطلقة بشقيها السياسي والاقتصادي في إدارة وتشغيل وصيانة المرفق الملاحي لقناة السويس.