لماذا المصالحة بين السلطة والإخوان في مصر مستحيلة؟.. كتاب جديد يجيب
أجاب الكاتب المصري حمادة إمام، مدير تحرير جريدة "الشروق"، عن سؤال: لماذا فشلت المصالحة بين جماعة الإخوان والسلطة في مصر منذ عصر الرئيس المصري الراحل جمال عبدالناصر حتى الآن؟
جاء ذلك من خلال كتابه الجديد "المصالحة المستحيلة بين السلطة والإخوان"، الصادر عن دار كنوز للنشر.
- "افرح يا قلبي".. رواية تعيد رسم الحرب الأهلية اللبنانية عبر صراع عائلي
ويقدم "إمام" في كتابه الأسباب التي منعت هذه المصالحة، مستنداً إلى مجموعة من الوثائق، منها أن اللواء إبراهيم حليم مفتش مباحث أمن الدولة فوجئ أثناء زيارته لأحد أصدقائه بمحافظة الغربية في نهاية 1969، بسيارة رئيس الجمهورية موجودة أمام أحد المنازل، وزاد اندهاشه عندما علم أنها تقف أمام منزل مملوك للقيادي الإخواني الدكتور محمود جامع.
وأضاف الكاتب أنه على الفور كلف مفتش مباحث أمن الدولة بمعرفة ما يدور بداخل هذا المنزل، بعد أن علم أن الرئيس المصري الراحل محمد أنور السادات يجتمع عنده كل ليلة وبعدد من الرموز والقوى السياسية، وأخبر إبراهيم حليم اللواء شعراوي جمعة وزير الداخلية آنذاك بما حدث، ولكنه غضب كثيرًا وكانت تعليماته رصد عن بعد، وتحديد أسماء جميع العناصر التي تحضر الاجتماعات.
وأكد "إمام" في كتابه أن السؤال حينها كان هل نائب رئيس الجمهورية على اتصال بعناصر إخوانية دون علم رئيس الجمهورية؟ هذه الاتصالات السرية ما زالت لغزا غامضا حتى الآن، رغم أن من صنعوها وشاركوا فيها ما زال بعضهم على قيد الحياة، ولكنهم يرفضون الحديث عنها أو كشف أسرارها ويؤثرون السلامة.
وأوضح أنه منذ وقوعها والكشف عنها ما زالت تثير تساؤلات حتى الآن ولم تجد إجابات محددة، خاصة أنها تكررت بعد ذلك مع كل رئيس تولى حكم مصر، وجاءت مقدماتها واحدة ونهاياتها أيضاً واحدة، ففي البدء كانت صفقة ومحاولة للاحتواء ولم الصف وفتح صفحة جديدة، ونهايتها تبادل للاتهامات وسجن واغتيالات ورائحة بارود تفوح في سماء مصر وسماع دوي رصاص في كل مكان.
وواصل الكاتب، قائلاً إن المشهد تكرر مرة ثانية بعد رحيل الرئيس جمال عبدالناصر في 1971، عندما نجح فيصل بن عبدالعزيز آل سعود ملك السعودية آنذاك في ترتيب اجتماع بين الرئيس الراحل محمد أنور السادات ومجموعة من قيادات الإخوان المسلمين المقيمين بالخارج.
وانطلق الطرفان في تنفيذ شروط الاتفاق، حتى وقع المحظور واستشعر كل طرف من طرفي الصفقة أن وجوده مرتبط بالقضاء على الطرف الآخر، فكانت اعتقالات سبتمبر 1981 ثم اغتيال السادات في 6 أكتوبر/تشرين الأول 1981.
ومن جديد، تكرر المشهد للمرة الثالثة في فترة حكم الرئيس الراحل محمد حسني مبارك، وتحديداً في ديسمبر/كانون الأول 1981، عندما جرت أغرب مفاوضات في تاريخ مصر بين نظام حاكم وتنظيم محظور، مضمونها ضمان عدم قيام التنظيم المحظور بالقيام بمظاهرات عدائية أثناء قيام الرئيس بزيارة خارجية لإحدى العواصم الأوروبية.
وكان أمام المفاوض المصري مهمة واحدة وأساسية، لا تخرج عن الحصول على ضمانات من المرشد الخفي بعدم القيام بمظاهرات ضد الرئيس "مبارك"، أثناء زيارته إلى ألمانيا في أول زيارة خارجية يقوم بها بعد توليه منصب الرئاسة خلفا للسادات.
ونجحت المفاوضات بين وفد مباحث أمن الدولة والمرشد، لكن المقابل الذي حصلت عليه جماعة الإخوان يظل حتى الآن سرا، وإن كانت مذكرات الإخوان وبعض المسؤولين السابقين الذين عاشوا عن قرب تكشف أن الإخوان قد حصلوا على مقابل.
وتكرر الأمر للمرة الرابعة بعد تنحي مبارك عن الرئاسة، وهذه المرة كانت مع المشير محمد حسين طنطاوي، وتحديداً في 8 فبراير/شباط 2012، وكشف خيرت الشاطر نائب مرشد جماعة الإخوان في فترة حكمهم عبر فضائية "الجزيرة"، عن لقاء جمع بين قيادة جماعة الإخوان والمشير طنطاوي.
وانتهى اللقاء بالفشل، بعد أن قال المشير طنطاوي للوفد الإخواني: يبدو أنكم تأثرتم بلقاء "جون ماكين" نائب الرئيس الأمريكي، والآن تبحثون عن رضا أمريكا وفض الاجتماع، وكانت المحصلة صفر.
وكان أول قرار لجماعة الإخوان بعد وصولهم للحكم في 2012 هو التخلص من المشير طنطاوي، إلا أنهم لم يستمروا على كرسي الحكم إلا 374 يوماً، وجاءت نهاية مشروعهم فى 30 يونيو/حزيران 2013.
بعد مرور عامين من سقوطهم، وتحديداً 14يونيو/حزيران 2016 نفى مستشار الرئيس للشؤون الدينية الدكتور أسامة الأزهري مستشار رئيس الجمهورية للشؤون الدينية صحة ما نشرته جريدة "الشروق"، من قيامه بقيادة مراجعات فقهية مع السجناء الإسلاميين، من بينهم منتمون إلى جماعة الإخوان المسلمين، ووصف الأزهري -في بيان أصدره- ما نشرته "الشروق" بأنه غير صحيح بالمرة.